الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الخوف والقلق جعل حياتي كئيبة، فما تفسيركم لذلك؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أعاني وبشكل مختصر من: الخوف، والقلق، والأرق، والترقب، والأفكار المزعجة، والكوابيس المتقطعة، وأعراض جسمية عديدة بسبب خوفي من الجن والشياطين والأمراض الروحية بشكل عام، ويعود ذلك لموقف إحدى الطالبات عندما صرعت أمامي، ومن حينها بدأ المشوار، وأصبحت أخاف بشدة.

أكملت الآن ما يقارب 8 سنوات، وقد عرضت نفسي على رقاة عدة، وأخبروني بأني سليمة، وأنني أعاني من خوف ووساوس، وتأتيني الأعراض بشكل متقطع، وألاحظ أنني عندما أتناساها يختفي جلها، وأصبح سعيدة.

سأصف لك ما أشعر به: خوف، وساوس بأني مصابة بالجان وسوف أصرع، كتمة، تنميل في أطراف قدمي، أحس أحيانا بحشرات تمشي على جسمي، عصبية، رفرفة في جسمي، إحساس بأني في حلم، خوف من وقت النوم، لأنني أحيانا أصاب بأرق يسبب لي الجنون.

وقد أصبت العام الماضي بالصداع التوتري، كما أنني أقرأ القرآن وأسمعه، وأرقي نفسي، ولكن مع ذلك تطورت الحالة، وبدأت أخاف من القران والصلاة والرقية، وأخاف عند سماع الأذان، أو أقول في نفسي أن بي جان، وسوف أصرع.

قرأت عن أعراض المرض الروحي، ولم أجدها بي، ولكنني بدأت أتوهمها وأترقبها عند استماعي للرقية، ولا يظهر شيء سوى خوفي من ترقبي لما سوف يحدث.

أحيانا أقوم بأفعال غريبة، أشعر بأنها تنسيني الخوف والقلق، وهي خنق نفسي، أو ضرب جسمي بعنف، أو شد أعصاب جسمي، أصبحت في صراع، فأحيانا أكون مقتنعة بأن ما بي هو أوهام، وأصاب بعصبية لعدم مقدرتي على السيطرة والنسيان، ولكنني لا أستطيع، فتزداد الحالة سوءاً.

أصبحت حياتي مملة، بدأت أخاف على نفسي من نفسي، فالقلق يخيفني من الذكر، والوسواس يزيد من فكرة الصرع والمرض عند سماع القرآن، ولكنني - ولله الحمد - لم أستسلم، ولازلت أسمع القرآن وأصلي رغم خوفي، جفت الفرحة بصدري، وذبل الزهر بروحي.

أرجوك كن لي بعد ربي، أسعفني بتفسير ما يصيبني، حماك الإله وحباك من لدنه نورا وعلماً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ آلاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:


لا شك أنك مصابة بقلق الوساوس، وقلقك هو في مجمله نوع من المخاوف، إذًا لديك ما يمكن أن نسميه بـ (قلق المخاوف الوسواسي)، وهذا سبب لك شيء من عسر المزاج، ولا شك أن حادثة البنت التي صُرعت أمامك كانت هي البداية، ومن ثم أثرت فيك ما هو شائع في المجتمع من معتقدات معظمها لا أساس لها.

أيتها الفاضلة الكريمة: في موضوع الجن والعين والسحر، يجب أن نؤمن بما ورد في الكتاب والسنة وليس أكثر من ذلك، وإن وجد السحر فإن الله سيُبطله، والعين لها علاج، والمؤمن الذي يؤدي صلواته، ويحرص على أذكاره، ويتلوا قرآنه، لا أعتقد أنه يُصاب أبدًا بهذه الشرور، فالإنسان مكرَّم، والإنسان أقوى من هذه الشرور جميعًا.

هذا هو المبدأ الذي يجب أن تتعاملي به مع أفكارك هذه، وأنا أعرف أنها مُلحة ومزعجة، لكن - إن شاء الله تعالى - حين تثبتي هذه القناعات المضادة لسوف تشعرين – إن شاء الله تعالى – بالعافية، والخير الكثير والكثير جدًّا.

أمر آخر: قطعًا أنت في حاجة للعلاج الدوائي، فإذا ذهبت وقابلت أحد الأطباء النفسانيين فهذا سيكون أمرًا جيدًا.

ومن أفضل الأدوية التي سوف تساعدك: العقار الذي يعرف باسم (زولفت)، واسمه الآخر (لسترال)، واسمه العلمي (سيرترالين)، فهو من أجمل الأدوية التي تعالج قلق المخاوف الوسواسي، فحين تقابلين الطبيب لابد أن تلتزمي بالجرعة، وكل التعليمات والتوجيهات التي سوف يوجهها لك، وإن أراد الطبيب أن يصف لك دواء آخر غير الزولفت فأرجو أن تتقبليه، وقطعًا تقييمه الآني أفضل من تقييمي.

النقطة الأخيرة وهي: لا بد أن تُدخلي بدائل إيجابية في حياتك، كوني مثابرة، اقرئي، اطلعي، احرصي على بر والديك، واجعلي حياتك مليئة بالأنشطة النافعة لك ولغيرك، فهذه الحياة، وهذه هي الطريقة السليمة التي يعيش الإنسان من خلالها معافىً في جسده ونفسه، ويكون في راحة بال تام - إن شاء الله تعالى -.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً