الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أستطيع التغلب على مشاكلي النفسية؟

السؤال

السلام عليكم.

عمري 24 سنة، نومي عميق جدا، ولا أعاني من الأرق، كنت سمينا، وضعف وزني عندما أصبح عمري 15 عاما بحوالي 10 كيلو جرام.

عندما كان عمري 15 عاما، أصبت بألم في الرقبة، ألم يتراوح بين الخفيف والمتوسط والشديد القوي، ويسبب ثقلا في الرأس بسبب الشد، وليس صداعاً في الرأس فقط، هذا الصداع سببه الشد، حيث إني ألاحظ أنه إذا تحسنت آلام الرقبة يخف الصداع، والشد الذي في رأسي إلى الآن مستمر معي، لكن عندما أصبحت في عمر 20 لم أستطع السباحة، وكلما أسبح تتعب عضلاتي وأكتافي ورقبتي، وعندما أتوقف عن السباحة تخف آلام الكتف.

إلى الآن آلام الرقبة مستمرة كما هي، لكن عندما أصبح عمري 22 ، وهي آخر سنة لي في الجامعة أتتني آلام مجتمعة في الكتف وآلام في المفاصل، وألم في الفخذين، وفي عضلات اليدين، وفي أسفل لوحي الكتف، وشد في العضلات، مع آلام عضلية متعددة، وتعب من أي مجهود، ولا أخفيكم أنه كان عندي قلق من ضغوطات الأهل والدراسة.

جلست سنة عاطلا والألم ما زال موجودا ومستمرا، رغم الأدوية والفحوصات، لكني لم آخذ أدوية قوية جدا, وبعد السنة توظفت وكان ضغط العمل شديدا، والذي زاد معاناتي هي آلامي المستمرة معي من قبل العمل، فقد منعتني من العمل بصورة صحيحة، ولا أريد أن أخسر هذه الوظيفة؛ لأن مرتبها عال، وكانت أول سنة تجربة لي في هذه الوظيفة ولا بد أن أثبت نفسي، وقد لاحظت زيادة الأعراض بشكل لم أتخيله، ومن قوة الآلام أصبحت فقط أخرج للدوام، وباقي الوقت أكون مستلقيا في البيت، وزاد الشد مما سبب لي ثقلا في الرأس وتخطيت هذه التجربة في الوظيفة بنجاح، وفي آخر شهر خف ضغط العمل، وأخذت إجازة لمدة شهرين، ولاحظت زوال الأعراض بنسبة 80 بالمائة، لكن مع وجود آلام، علما أني هذه الأيام لا أجهد نفسي كثيرا، وعدت إلى العمل، ولا أشعر بضغط ولا أشعر بآلام كثيرة مثل العام الماضي.

شخصيتي حساسة جدا منذ صغري، ولا أتحمل أن يسبني أحد، خصوصا من العائلة، وكان لدي رهبة خفيفة من الأهل، وفي بعض الأحيان كانت تأتيني رجفة خفيفة في الفخذين، لكن رغم هذا فأنا أذهب وأضحك وأمرح وأنا شخص اجتماعي، ولدي أصدقاء، وأتكلم أمام الناس، وأتناقش مع مديري بكل راحة، لكن مع وجود قلق داخلي عندما أتكلم مع أحد إخوتي؛ لأنه سبب لي عقدة منذ صغري.

في بعض الأيام يزيد علي القلق بسبب هذه الأمراض، والآن استعملت عقار سبرالكس لمدة 15 يوما نصف حبة، واليوم رفعت جرعتها إلى عشرة مج، فهل هذا الدواء يسبب ضعفا في الانتصاب أو الرغبة الجنسية؟ حيث إني مقبل على الزواج؟ وهل يزيد الوزن؟ وهل هذا الدواء يخفف عليّ الألم الجسدي المتعب؟ وأريد أن تصفوا لي مسكنا قويا أستخدمه كل يوم.

عندي نقص في فيتامين (ب12) وأخذت له حقنا، ولم أتحسن، رغم أني آكل اللحم بجميع أنواعه، لكن ما هو سبب النقص؟ هل هو وراثي؟ وكيف أعرف سبب نقص هذه الفيتامين؟

أريد إجابة مفصلة، أريد أن تعطوني الجرعة الصحيحة، فقد شرحت حالتي، وأرجو منكم وصف علاجي ووصف علتي، هل هي نفسية؟ وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علاوي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

عمرك - أيها الفاضل الكريم – والسن المرحلية التي تمر بها يكون فيها الإنسان صحيًّا نفسيًّا وجسديًا، وتتوفر له الطاقات الجسدية والنفسية والوجدانية التي إن استفاد منها على الوجه الأكمل يعيش حياة طيبة وفاعلة.

أنت الآن تعاني من آلام جسدية متعددة، ولديك عسر مزاجي، وشيء من القلق النفسي، ويأتيني شعور أيضًا أنك افتقدت الفعالية الاجتماعية، ولم تفتقد الفعالية الوظيفية، لكنك قطعًا لا تُقدم على عملك بتفاؤل وإقدام إيجابي.

مثل حالتك هذه قد تكون ناشئة من اكتئاب نفسي، فالاكتئاب كثيرًا ما يظهر في شكل أعراض نفسوجسدية، والتأكد من الوضع العضوي والجسدي مهم، أنت قمت بمقابلة أطباء وإجراء فحوصات، وذكرت أن لديك نقصا في فيتامين (ب12) هذا لا بد أن يُصحح، وفي ذات الوقت يجب أن تراجع طبيبًا مختصًا في الأمراض الباطنية وأمراض الروماتيزم ليقوم بإجراء الفحص الشامل لحالتك، وسوف تُجرى الفحوصات اللازمة، ومن ثم يستطيع الطبيب أن يوجهك.

أخي الكريم: أنا لا أعتقد أنه يوجد لديك مرض عضوي أساسي، لكن هذه قاعدة طبية رصينة ومهمة، وهي مقابلة المختص وإجراء الفحوصات اللازمة، هذه هي نقطة الانطلاق الحقيقية للتعافي والتشافي - إن شاء الله تعالى - وفي ذات الوقت أنصح الذين يعانون من هذه الأعراض الجسدية المتعددة حتى وإن كان منشأها نفسيًا أن يراجعوا أطبائهم – الطبيب الباطني أو طبيب الروماتيزم – مرة كل ثلاثة إلى أربعة أشهر، هذا يطمئن الإنسان كثيرًا، ويمنع الإنسان أيضًا من التنقل بين الأطباء؛ لأن التنقل بين الأطباء قد يؤدي إلى توهمات أو ما نسميه بـ (المراء المرضي) وهذه إشكالية كبيرة جدًّا، فيجب أن تنتهج هذا المنهج.

النقطة الثانية هي: أن تسعى لأن تعيش حياة صحية، والحياة الصحية تعتمد على الآتي:

1) التفكير الإيجابي واستشعار أهمية مرحلتك العمرية.
2) ممارسة الرياضة بصورة منتظمة.
3) الغذاء المتوازن المفيد.
4) إدارة الوقت بصورة صحيحة.
5) النوم المبكر وتجنب النوم النهاري.
6) الحرص على العبادات.
7) الأخوة والزمالة ومرافقة النماذج الطيبة في الحياة.
8) بر الوالدين وصلة الأرحام.
9) السعي للتطور المهني والمعرفي.
10) أن تكون لك أهداف، ويضع الإنسان الآليات المعقولة التي توصله لتلك الأهداف.
11) أن تبني في نفسك مشاعر داخلية بأنك لا بد أن تكون نافعًا لنفسك ولغيرك.
12) أن تكون دائمًا عالي الهمة.

هذا هو الذي أنصحك به، أما بالنسبة للعلاجات الدوائية: فعقار (سبرالكس) لا بأس به، لكن لا أعتقد أنه الأفضل لعلاج مثل هذه الحالات، الأفضل لك عقار يعرف باسم (ديولكستين) وجرعته هي ثلاثين مليجرامًا، تتناولها ليلاً لمدة أسبوع، بعد ذلك تجعلها ستين مليجرامًا يوميًا، تستمر عليها لمدة أربعة أشهر، ثم تخفضها إلى ثلاثين مليجرامًا يوميًا لمدة شهر، ثم ثلاثين مليجرامًا يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

هذا الدواء في الأصل مضاد للقلق وللاكتئاب، لكن آثاره الجانبية قليلة، كما أنه ممتاز جدًّا لعلاج الأعراض النفسوجسدية، وليس له تأثيرات جنسية سلبية، ليس له تأثيرات على الوزن.

هذا هو الذي أنصحك به، وبالنسبة للدواء أنا أفضل أيضًا ألا تغير الدواء إلا بعد أن تقابل الطبيب المعالج.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً