الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مررت بمشاكل زوجية وعائلية، ويصيبني صداع كلما حزنت

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أشكو من صداع شديد ينتابني فجأة، فقط عندما أحزن أو أكون متضايقا نفسيا؛ حيث إن هذا الصداع يأتي فجأة ويبقى مستمرا حسب فترة الضيق أو الحزن حتى زوال أسباب الضيق، وتختلف شدة الصداع حسب شدة الحزن والضيق، وعندما تزول أسباب الضيق أو الحزن، يزول الصداع في نفس اللحظة.

تبين أن المخ سليم -ولله الحمد- MRI، المهم أنني ذهبت إلى طبيب مخ وأعصاب وعمل لي أشعة مقطعية على المخ؛ فنصحني بالذهاب لطبيب نفسي، وبعد التحدث معي صنف الحالة على أنها حالة اكتئاب، ووصف لي دواء فالدوكسان 25، وذكر لي بأنني سوف آخذه لمدة 9 أشهر تقريبا، مع متابعة شهرية تقريبا لمعرفة مدى التحسن.

السؤال الآن: هل فعلا حالتي هذه تصنف اكتئابا؟ أو بصيغة أخرى هل الاكتئاب يؤدي إلى هذا الصداع الفوري بمجرد حزني أو ضيقتي النفسية لأي سبب يضايقني؟ وهل فالدوكسان هو الدواء المناسب؟ وما مدى ضرره صحيا وجنسيا وجسمانيا؟ وهل هو إدماني؟

مع العلم بأن هذا الصداع بدأ منذ 8 سنوات تقريبا، أي منذ زواجي؛ حيث أنني مررت بمشاكل نفسية كبيرة جدا ودائمة ومستمرةـ بسبب تدخل أهل زوجتي بشئوننا باستمرار -هداهم الله-.

معلومة أخرى: أسرتي غير مترابطة؛ بسبب بعد والدي عنا للعمل في الخارج (رحمه الله وجعل الجنة مثواه إن شاء الله) وبسبب عدم التفاهم والوفاق بين أمي -بارك الله فيها- وبين أبي -رحمه الله-؛ بسبب اختلاف الطباع وفارق العمر بينهما، وهذا لا يمنع أنني أكن لهما كل حب واحترام وتقدير، ولكني أحكي حالتي، فربما تساعدكم -بارك الله فيكم- في تشخيص حالتي، وتوصيف الدواء المناسب.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ طارق حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

أنت تشتكي من هذا الصداع الشديد والذي ارتبط بحالتك المزاجية، فهو يستثار حين تكون في حالة كدر أو ضيق نفس شديد، وقد قمت بالإجراء الصحيح، وهو مقابلة طبيب المخ والأعصاب، والذي قام بإجراء اللازم، وهو الفحص، وعمل صورة عن طريق الرنين المغناطيسي، وأعتقد أن هذا أقصى ما يمكن عمله، بمعنى: أن الطبيب قد قام بفحص قاطع ودقيق جدًّا، -والحمد لله تعالى- كانت النتائج ممتازة وكل شيء سليم، ليس لديك أي سبب عضوي دماغي، وهذا شيء مبشر جدًّا.

نأتي بعد ذلك لأسباب هذا الصداع، فأنت ربطته بحالتك المزاجية، ونستطيع أن نقول: إن نوبات القلق الحادة على وجه الخصوص قد تؤدي إلى صداع شديد في بعض الأحيان، لكن معظم الذين يصابون بهذا النوع من الصداع تكون لديهم مشاكل طبية أخرى، وغالبًا تكون هذه المشاكل بسيطة، مثل: التهاب الجيوب الأنفية، أو مشاكل النظر، أو الأذنين، أو الأسنان، بمعنى: أن هنالك مسببات أخرى موجودة أصلاً، وحين تأتي الحالة المزاجية الحادة يظهر الصداع.

هذا هو الأٌقرب من وجهة نظري، وموضوع الاكتئاب لا بد أن يكون الطبيب قد وضعه على أسس أخرى غير الصداع، نعم في بعض الأحيان الآلام الجسدية الحادة قد تكون معبرة عن وجود اكتئاب، لكن مع احترامي الشديد لطبيبك الكريم لا أعتقد أن ظهور هذا الصداع فجأة حين تكون في حالة ضيق عابر دليل على وجود اكتئاب نفسي، إلا أن الاكتئاب النفسي لديه معايير تشخيصية معروفة، وفي ذات الوقت إذا نظرنا للموضوع من منحى آخر: بعض الأطباء يعتبرون أن القلق النفسي في حد ذاته قد يكون مؤشرًا على وجود اكتئاب مقنع أو اكتئاب خفي، ويعرف أن القلق النفسي يؤدي إلى توترات عضلية شديدة، وأكثر العضلات التي تتأثر هي عضلة فروة الرأس، وهذا قد يظهر في شكل صداع.

أعتقد أن الذي تحتاجه هو: ألا تنقبض نفسيًا بقدر المستطاع، أعرف أن هذا ليس تحت إرادتك كاملة، لكن الكتمان واحتقان التوترات النفسية كثيرًا ما يؤدي إلى مثل هذه الأعراض، فكن معبرًا عن ذاتك، أي فرغ عن نفسك نفسيًا، وهذا -إن شاء الله تعالى- يكون فيه صمام أمان لتنفيس كل الاحتقانات النفسية.

ثانيًا: مارس الرياضة.

ثالثًا: مارس تمارين الاسترخاء، وموقعنا به استشارة تحت رقم (2136015).

رابعًا: تأكد من وضعيتك عند النوم، وأهم شيء ألا تنام على وسائد مرتفعة، ونم على شقك الأيمن، واحرص على أذكار النوم.

خامسًا: تأكد من نوعية الأطعمة التي تتناولها، خاصة أن بعض الناس يستثار عندهم الصداع إذا تناولوا الأجبان، أو إذا كان لديهم تاريخ أسري للصداع.

سادسًا: من المهم إجراء فحص للنظر والعيون والجيوب الأنفية والأذن، وهذا سيكون قرارًا راشدًا جدًّا.

بعد ذلك الدواء: أعتقد أنك يمكن أن تبدأ بأدوية بسيطة أبسط من الـ (فالدوكسان) فهو دواء جيد وممتاز لعلاج الاكتئاب، ومن الأدوية الحديثة، وليس له تأثيرات جنسية سلبية، كما أنه لا يؤدي إلى زيادة في النعاس، التأثير الجسدي الوحيد له أنه ربما يرفع أنزيمات الكبد قليلاً في بعض الأحيان، وكنوع من التحوط يتم إجراء فحص أنزيمات الكبد قبل البدء في تناول هذا الدواء.

أنا أرى أن تتناول أدوية أبسط مثل: عقار (دوجماتيل) والذي يعرف علميًا باسم (سلبرايد) تناوله بجرعة كبسولة واحدة يوميًا –وقوة الكبسولة خمسين مليجرامًا– تناولها ليلاً لمدة أسبوعين، بعد ذلك اجعلها كبسولة صباحًا ومساءً لمدة شهر، ثم كبسولة يوميًا لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

إذا لم تتحسن الأمور هنا أعتقد أنك يجب أن تراجع الطبيب مرة أخرى، وإن كان لابد من تناول مضادات الاكتئاب فيمكنك أن تتناولها، ونصيحتي لك أيضًا: ألا تكثر من تناول المسكنات كالبندول وغيره، لا تتناولها كثيرًا؛ لأنها هي نفسها قد تؤدي إلى الصداع بعكس ما يعتقد الكثير من الناس.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونشكر لك تواصلك مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً