الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رصيدي في الحياة صفر... فكيف أكون ناجحا؟

السؤال

السلام عليكم ..


إخواني الأفاضل: حقيقة أنا محتاج مشورتكم بعد الله؛ فأنا أمر بمرحلة حرجة من حياتي، قد قاربت من منتصف الثلاثينات من العمر ورصيدي في الحياة صفر، وأسأل الله أن لا تكون كذلك في الآخرة.

حقيقة نفسيتي تعبانة ومحبطة، وأدور في دائرة مغلقة من التفكير، وأحس بكسر في روحي وإعاقة نفسية، غالبا ذاكرتي لا تعمل إلا في سلبيات الماضي، ولا أود مقابلة الناس، وأخشى نظرة أقاربي واستهزائهم بحالي الآن كما كانوا يفعلون دوما، حقيقة لا أستطيع حتى الآن نسيان بعض من عطفت عليهم وأعنتهم وجرحوا قلبي، كل ما تأتيني همة لأمر ما أتراجع عنه في آخر اللحظات، وأتكاسل عنه، وتضيع الفرص علي.

كنت طالبا جامعيا فتركت الدراسة لسبب وفاة الوالد ثم عزمت الرجوع إليها، وتم ذلك بفضل الله ولم تمر سنة حتى انسحبت مرة أخرى، والآن بعد 7 سنوات عزمت الأمر للرجوع للجامعة وسددت المبلغ المالي، ثم الآن أحس بضجر وكسل منها لا أستطيع المواصلة، عزيمتي متقهقرة، لا أستطيع أن أكمل لآخر المشوار، دائما الأفكار السلبية تسبقني، وإحساسي بنظرة الناس يضايقني؛ لأني تعبت من الأقارب والتهرب منهم من الصغر إلى الكبر، لا أستطيع النظر في أعين الأشخاص والتخاطب معهم، أتذكر كلام الوالد، وهو يقول لي لاتضع نظرك في عيني يا بن ..... غفر الله له وسامحه!

أحس بالرهبة من الناس في بعض الأوقات، وابتعدت عن جميع مجالس الشباب، وأحس في الوقت الآخر بالملل والضجر، وأريد أن أرجع البيت بأسرع وقت، وأفتح الإنترنت على لا شيء، لا أفدت نفسي ولا أفدت أمتي.

إنسان مصلي، لا أجيد حاليا سوى إضاعة الوقت وشراء حاجيات المنزل فقط خدمة لأهلي، ولكن لا أستطيع خدمة نفسي، فهل أنا إنسان تالف من هذه الدنيا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ وليد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحباً بك في استشارات الشبكة الإسلامية، ونتمنى من الله الكريم أن يزيل عسرك.

أولاً نقول لك -يا أخي الكريم- أنت مازلت في ريعان شبابك، ومازال المستقبل -إن شاء الله- يوعد بالكثير، ومازالت فرص تحقيق الآمال والطموحات أمامك واسعة، مابالك بأناس في عمر السبعين وما زال عطاؤهم لم ينضب، ومنهم من حفظ القرءان في هذا العمر، ومنهم من حصل على شهادات الماجستير والدكتوراة في هذا العمر، والأمثلة كثيرة.

فنطلب منك أن تبعد شبح العجز واليأس الذي خيم على قلبك وفكرك واستبدله بروح التفاؤل والنظرة المشرقة للحياة، فأنت مؤكد لديك العديد من القدرات والطاقات، فقط محتاج لتفجيره واستثماره بصورة جيدة، وإن شاء الله تصل لما تريد، انظر إلى حال من هم أضعف وأقل منك صحة وعلماً وقدرة ومهارة، تعلقوا بالحياة فأبدعوا فيها وحققوا الكثير من الإنجازات في مجالات حياتية مختلفة، فلمعت أسماؤهم، وكبر شأنهم، وصاروا من الأعلام، فما تم ذلك إلا بقوة عزيمتهم وإرادتهم ومثابرتهم.

فاخرج أخي الكريم من هذا النفق المظلم -الذي وضعت فيه نفسك واستسلمت له– فبادر بوضع خطتك وتحديد أهدافك ماذا تريد؟ وما هو الإنجاز الذي تتمنى تحقيقه؟ وما هي المكانة التي تريد أن تتبوأها وسط أسرتك ومجتمعك؟

ثم قم باختيار الوسائل المناسبة لتحقيق أهدافك، واستشر في ذلك ذوي المعرفة والعلم وأصحاب الخبرات الذين تثق فيهم، وحاول اكتشاف قدراتك وإمكاناتك التي تؤهلك لذلك، واعتبر المرحلة التي تمر بها الآن مرحلة مخاض لولادة شخصية جديدة بأفكار ورؤى جديدة للحياة، ونظرة جديدة للمستقبل.

واعلم أن كل من سار على الدرب وصل، فقط كيف نبدأ الخطوة الأولى ونستعين بالله تعالى ونتوكل عليه، ويكون لدينا اليقين الصادق بأن كل شيء بيده سبحانه وتعالى ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون.

وصيتنا الأخيرة لك هي الإكثار من الاستغفار؛ فإنه مفتاح الفرج، ولا تندم على ما قدمته وتقدمه لأهلك، بل افعله بإخلاص حتى تنال الثواب والأجر العظيم، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ولن يضيع جميل أينما زُرع.

وفقك الله وسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الجزائر dounia

    جزاك الله خيرا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً