الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لست راضيا عن نفسي لقد تغيرت كثيرا ... أريد أن أصل بها للأفضل.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أشكركم جزيل الشكر، وجزاكم الله كل خير على ما تقدمونه من مساعدة.

أطرح مشكلتي التي أرهقتني كثيرا، أنا في الفترة الأخيرة لاحظت على نفسي تغيرا كبيرا في شخصيتي للأسوأ بالتأكيد، أصبحت لا أستطيع التركيز وطوال الوقت شارد الذهن، لا أستطيع المذاكرة، أصبحت أشك في إجاباتي، أمسحها وأكتب الإجابة الخاطئة، أصبحت أنسى كثيراً، وأتردد وأغير آرائي أوافق ثم أتراجع.

أصبحت لا أتكلم إلا قليلاً جداً، وإذا تكلمت فكلامي ليس مفهوما لمن هم حولي، فهو يكون مقطعا ومختصرا وغير مترابط، ويطلبون أن أعيد الكلام، أنا مهمل في كل شيء إهمالا غير طبيعي، أصبح بي برود في المشاعر ولا مبالاة شديدين، ولا أستطيع أن أنضبط مع الأنظمة والقوانين، يوبخونني كثيراً، يقولون: إني غريب ومختلف، وأخلاقي ليست جيدة، أشعر أني سيء، أصبحت أكره الخروج لأي مكان، للاجتماعات والمناسبات، الأسواق والمطاعم، وحتى المدرسة.

أصبحت أتغيب كثيرا، والذي صدمني أكثر أني أصبحت أكره الخروج من غرفتي، فغرفتي عالمي الصغير الذي يحتويني طوال الوقت، أجلس فيها أفكر وأفكر وأفكر في أشياء ليس لها فائدة أو معنى، وأبقى بالساعات أفكر، أشعر بالملل من كل شيء، ولا أستطيع أن أستمتع بأي شيء، انطويت على نفسي رغم أني كنت اجتماعيا، حيث ضعفت علاقاتي مع أصدقائي.

لم أستطع تكوين صداقات جديدة منذ السنة الماضية، رغم أني كنت أكون الكثير من الصداقات، أصبحت لا أطيق الجلوس مع الناس، وأخجل كثيراً، ولا أستطيع التحدث معهم، أشعر بتأنيب ضمير شديد دائماً، حتى لو كان الأمر بسيطا ولا يستحق كل هذا التعقيد، يبدو أنه تعذيب ضمير وليس تأنيبا، أشعر أنه لا فائدة مني، إلا أني أسبب الكثير من المشاكل والمضايقات، أشعر أني فعلاً ثقيل على الجميع، لست راضياً عن نفسي أبداً، أتمنى أن تتغير للأفضل أو تعود مثل ما كانت عليه.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على التواصل معنا على هذا الموقع.

نعم يمكن أن تحدث في حياة الإنسان بعض التغيرات النفسية المفاجئة؛ بحيث يختلف هذا الإنسان عما كان عليه في الماضي، وكما حدث معك، ويمكن أن يكون هذا التغيير لعدة أسباب، ومن أهمها:

1- ضغوط الحياة وتحدياتها، من كثرة الأعباء والمسؤوليات، والتي تأخذ الكثير من الجهد والتعب، وعلاج هذا ربما بالتروي قليلا، وبأخذ قسط من الراحة والاسترخاء، ومن خلال ترتيب أولويات الحياة، بحيث ينتبه الإنسان لحاجاته.

2- التعرض للإصابة بمرض عضوي لم نعرفه بعد، سواء كان التهابا ما، أو بعض أمراض الدم، أو تغيّر في بعض وظائف الجسم كالغدد، وخاصة الغدة الدرقية مثلا، والتي قد يكون لضعف نشاطها أعراضا مشابهة لما ورد في سؤالك، ولاشك أن علاج هذا بمراجعة طبيب عام، ليقوم بالفحص العام، وربما بعض الفحوصات الدموية؛ لنفي بعض الأمراض، والتأكد من سلامة البدن.

3- ربما التعرض لأحد الاضطرابات النفسية، والتي هي قابلة للعلاج، ومن جملة هذه الأمراض التي قد تشبه أعراضها ما ورد في سؤالك اضطرابات العاطفة (affective disorders)، وخاصة منها الاكتئاب، والتي تكاد أعراضه تنطبق على ما ورد في سؤالك.

ولاشك أن علاج هذا هو بأخذ موعد مع الطبيب النفسي ليأخذ تفاصيل القصة، ويقوم بالفحص النفسي، وربما الاستفادة من نتائج التحاليل التي قام بها الطبيب العام أولا، وإذا تأكد التشخيص يسهل أمر العلاج في معظم الحالات.

ولعلك عرفت الآن ما هو المطلوب منك، وبالتسلسل للتعامل مع الحال الذي أنت عليه، ومهما كان الاحتمال الأول أو الثاني أو الثالث، وعلى فكرة فهي كلها متداخلة أيضا، فالحلّ سهل بعون الله، ووسائل العلاج والحلّ أصبحت متيّسرة.

وفقك الله، وكتب لك العافية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً