الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية..أسبابه وعلاجه.

السؤال

السلام عليكم.

فحيا الله موقع إسلام ويب الكريم، وأثاب القائمين عليه كل خير.

أبلغ من العمر 22 عاما, مشكلتي ومعاناتي مع الوسواس بدأت بعد سن العاشرة، تحديدا الحادية عشرة أو الثانية عشرة, بدأت المشكلة بأشياء قد لا تلاحظ, مثلا أن أتأكد قبل النوم من إغلاق النوافذ أكثر من مرة, أو في أحيان عند سماع أغنية تظل تتردد في ذهني عدة ساعات.

في سن الرابعة عشرة أخذت المشكلة طابعا ملحوظا للغاية للمحيطين بي ولي أنا, ففجأة ظهرت بشكل أقوى, فكنت أغسل يدي بالصابون عدة مرات بعد مصافحة أي شخص, وكنت أغسل قدمي كثيرا بمجرد ملامسة الأرض أو أي قطرات لمست الأرض وردت على رجلي.

بدأت في سن الرابعة عشر علاجا نفسيا مكونا من سبرالكس, ودواء آخر لا أذكر اسمه الآن, وكانت الجرعة قرصا من الدوائين في اليوم, وتحسنت بعد أكثر من سنة من الاستمرار على العلاج, فأوقفت العلاج, وبقيت طبيعيا لعدة سنوات، إلى أن ظهرت المشكلة من جديد في سن الثامنة عشر, أو التاسعة عشر, على هيئة تغيير ملابسي بصفة مستمرة بعد ملامسة أي شيء, أشك أنه أصابته نجاسة أو قذارة, كذلك بعد الحديث مع أي شخص إن تطاير رذاذ من فمه, أو حتى شككت في ذلك, مع غسل الجسم بصفة مستمرة, وغسل يدي بعد ملامسة أي شخص, أو أي عملات, وبعض الوساوس في الدين.

ذهبت إلى طبيب, فوصف لي انفرانيل, لكن لم يحدث أي تحسن بعد أكثر من شهر, فذهبت إلى طبيب آخر, فوصف لي دوائين كربابابكس وديبريبان, وكانت الجرعة نصف قرص من الكربابكس, وكبسولة ديبريبان يوميا, وزاد الجرعة كبسولتين ديبريبان يوميا, وقرصا من الكاربابكس.

تحسنت قليلا على العلاج بعد أكثر من ستة أشهر, وأوقفت الدواء من نفسي, فعادت الحالة من جديد, فذهبت إلى نفس الطبيب مرة أخرى, وحذرني من إيقاف الدواء دون أن يطلب الطبيب ذلك, وطلب أن أملأ الفراغ في حياتي بالمذاكرة أكثر, وأن أجد عملا وممارسة نشاط رياضي, حتى يبتعد ذهني عن التفكير في الوساوس.

حدث في تلك الفترة أن انقطعت عن الدواء بعد شهرين مرة أخرى وعدت من جديد, زادت الوساوس في الدين, مع وساوس النظافة, ووساوس خاصة بالانترنت, حتى كنت أدخل بعض الصفحات أو المواقع, وأظل أعود إليها بعد إغلاقها, وأعيد قراءتها خوفا من أن أكون نسيت كلمة أو جملة.

قرر الطبيب لما وجد التحسن مع هذه الوصفة التوقف عند حد معين, وأن يضيف دواء جديدا, فأضاف مع جرعة الديبريبان والكربابكس نصف قرص رامديب, وحصل نوع من التحسن بعد فترة قريبة, فقرر تقليل جرعة الديبريبان والكربابكس, وزيادة جرعة الرامديب إلى قرص كامل يوميا, وكبسولة ديبريبان, وصف كربابكس.

بعد فترة اقتصر على الديبريبان, قرصا ونصف القرص, مع إضافة رييسبيردال, لكن لم يحصل تحسن, فأضاف الفافرين إلى الريسبيردال والرامديب, على هذا النحو:

قرصا من الريسبيردال يوميا, وقرصا ونصف من الرامديب, وقرص فافرين, فحصل أمر غريب جدا بعد فترة من سيري على هذه الوصفة, بدأت تعتريني سعادة شديدة, وغناء, ومزاح طوال اليوم في البيت, وتهريج بشكل غير طبيعي, فذهبنا للطبيب؛ فأوقف الفافرين, واقتصر على الرامديب قرصا ونصف القرص.

استمرت حالة السعادة هذه مع ذلك, فطلب إيقاف الرامديب بالتدريج, ووصف أحد الأدوية لسحب الدواء من الجسم, سبب لي هذا الدواء مشاكل في المعدة شديدة, فأوقفته وانقطعت عن أي علاج لفترة, بدأت تزول قليلا تلك الحالة من السعادة, فعدت إلى الطبيب, فوصف لي لوسترال قرصا يوميا, ونصحني أن ألاحظ إن عادت تلك الحالة من السعادة أن أعود إليه فورا.

وفعلا بدأت تعود من جديد, مع تحسن في الوساوس بعض الشيء, فقلل الجرعة تدريجيا إلى أن وصلت إلى نصف قرص من لوسترال في الأسبوع, تمهيدا لإيقاف الدواء لأن في وجهة نظره؛ أني قد تحسنت وعدت إلى شبه الحالة الطبيعية, ولم يعد هناك داع للأدوية؛ لأن السعادة المفرطة إشارة على هذا!

وصفة اللوسترال الأخيرة كنت أسير عليها منذ شهرين تحديدا, وأوقفتها حتى تقل تلك الحالة من السعادة, وفعلا بدأت تقل, لكن بدأت الوساوس تهاجمني من جديد, وأنا حائر, فأخاف إن عدت للعلاج أن تعود تلك السعادة المفرطة, فضلا عن أن العائلة والمحيطين بي يظنون أن كثرة تلك الأدوية بشكل أو بآخر أثرت على المخ, فأدت إلى هذا النوع من السعادة والغناء والمزاح, ولا أعرف الحل.

أفيدوني بارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد محمد محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فحالتك بالفعل تتطلب المتابعة المباشرة مع الطبيب النفسي، هذا لا يعني أن حالتك صعبة أو معقدة، لكن هنالك بعض الفنيات الدقيقة المتعلقة بحالتك، فأنت تعاني من الوساوس القهرية، وفي ذات الوقت يُلاحظ أن الأدوية المضادة للوساوس –وهي في الأصل مضادة للاكتئاب– تدفعك دفعًا شديدًا نحو ما يمكن أن نسميه بالقطب الانشراحي، وهذا يعني أنه لديك درجة بسيطة مما يسمى بالاضطراب الوجداني ثنائي القطبية.

الحمد لله تعالى الحالة حُددت وهي واضحة المعالم، وهذا في حد ذاته يعتبر حلًّا كبيرًا للمشكلة، في مثل هذه الحالات يجب أن يكون هنالك تركيز شديد على العلاج السلوكي، اطلب من طبيبك أن يحولك إلى الأخصائي النفسي المختص في علم النفس الإكلينيكي ليقوم بوضع وتطبيق برامج عملية لمقاومة الوسواس القهري.

هذا هو خط العلاج الأول بالنسبة لحالتك، أما الجزئية الثانية فالقرار بالطبع فيما يخص الدواء سيكون لطبيبك، وكمساهمة مني ودون تدخل طبعًا في شأن الأخ الطبيب الذي تقابله، يمكن أن تتناول عقار (رزبريادال) بجرعة واحد مليجراما يوميًا لمدة أسبوعين، ثم بعد ذلك تبدأ باللسترال بجرعة نصف حبة –أي خمسة وعشرين مليجرامًا– وتظل على هذا المنوال.

أعتقد أن هذه الجرعة البسيطة من الدوائين سوف تمثل دعمًا رئيسيًا للمساعدة في علاج الوساوس، وفي ذات الوقت لن تدفعك نحو القطب الوجداني الانشراحي.

شاور طبيبك في هذا الأمر، وأنا متأكد أنه سوف يُسدي لك النصح المطلوب، بقية الأمور: يجب أن تعيش حياتك بصورة طبيعية، تحقر هذه الوساوس، لا تلتفت إليها، لا تتبعها، اجعل حياتك فعّالة من خلال الأنشطة والتواصل الاجتماعي وممارسة الرياضة، والحرص على الصلوات في وقتها ومع الجماعة، وأن تكون لك خطة مستقبلية إيجابية توصلك -إن شاء الله تعالى- إلى أهدافك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، أسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً