الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مهمومة كئيبة حزينة موسوسة بسبب تأخر قبولي في الجامعة.

السؤال

السلام عليكم ..

أنا طالبة تخرجت من الثانوية السنة الماضية، بدأت مشكلتي عند التخرج، تغيرت180 درجة من شخصيتي.

أنا في دولة غير عربية، فجامعتها خاصة، الحكومة صعبة القبول، بل إذا سجلت يأخذ القبول شهرا إلى ثلاثة، ومن متطلبات القبول الاختبار القياس الانجليزي، بما يسمى بالايلتس، فالحمد الله أخذت درجة مرضية للقبول، مضى أربعة شهور غير دراسية، مما جعلني في يأس وهم، أرى بنات صفي ما شاء الله، بدأن الدراسة في أوطانهم أو في دول أخرى، وكان حلمي أن أدرس الطب، والحمد الله درجاتي كانت تؤهلني للدراسة، ولكن حسب نظام التعليم في الدولة منع دراسة الطب للأجانب مثلي، فأحبطت جدا، وعرفت أن هذا قدر الله والحمد الله.

بحثت عن تخصص قريب من الطب فاخترت الأحياء الدقيقة، كوني أحب الأحياء بشكل خرافي، مشكلتي عندما أدعو الله بأن يسهل طريقي وآخذ القبول من الجامعة التي سجلت بها أشعر بضيق شديد جدا، رغم أني متفائلة ومحسنة الظن بربي، لكن أشعر باكتئاب عند الدعاء.

ما يزيد إحباطي أن الجامعة لا تأخذ طلابها إلا سنة واحدة، فأنا لا أريد أن أضيع سنة كاملة بلا فائدة، لكن ليس هناك مستحيل على الله، فأقنعت نفسي، أنه يمكن أن يحصل معجزة أو ممكن الجامعة تغير رأيها.

أخشى أن أكون واهمة بأشياء خيالية، فأحينا أصارع نفسي ما بين أن أكون إيجابية أو سلبية، فمرضت كثيرا بالتفكير وأتمنى جدا ألا يأتي رمضان إلا وأنا سعيدة مطمئنة، أدرس دروسي، لأن رمضان الماضي كان نفس الشعور بما أشعره حاليا.

حياتي صارت معقدة جدا، ومحبطة، فشجعوني رعاكم الله، شجعوني بأن أكمل دعوتي إلى الله، شجعوني فليس هناك شيء مستحيل في الدنيا، ما دام ربنا معنا.

طمئنوني، فالشيطان يوسوس لي، فكيف أتغلب على وسوسته؟ دائما أشعر بالخوف والهلع حتى من أدنى سبب، أشعر بالضيق وثقل في صدري، أبكي دائما من دون سبب، حتى يأتي حزن مفاجئ عندما أفرح أقول في نفسي: لما أنت قاعدة في البيت لم أنت فرحة مبتسمة؟! ليس هناك شيء يستحق للفرح!

أريد أن أجد راحة نفسية متفائلة، فعندما أتقرب إلى الله وأستغفر وأقرأ القرآن يزداد ضيقي، فما المشكلة؟ عندما أقرأ القرآن لا أتحسس بمعاني الآيات ولذتها، فيزيد حزني وإحباطي.

أريد أن أشعر بسعادة براحة نفسية، أتفاءل بأن الجامعة تقبلني، وأني سأدرس بالترم الثاني.

أريد ذلك، عندي ضغط كثير أشعر بأن الحياة صعبة، فقط أريد راحة نفسية غير موسوسة.

جزاكم الله خيرا وشكرا، جعله الله في موازيين حسناتكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على الكتابة إلينا من البلد الطيب أهلها، ماليزيا! فشخصيا عاشرت الكثير من الماليزيين المسلمين، وكثير منهم في غاية اللطف والطيب، فهذه فرصة طيبة أن تعيشي وسطهم ومعهم.

أحمد الله إليك أنك تحبين الأحياء "بشكل خرافي" فحب الإنسان لتخصص معين، الخطوة الأولى في الإبداع في هذا التخصص، ولعل الله يفتح على يديك ما ينفع أمتك والبشرية في هذا المجال الحيوي الهام.

طبعا كونك وصلت إلى ما وصلت إليه، من الدرجات العالية، ومع الأسف فأعرف معاناتك ومعاناة الكثير من الطلبة والطالبات الذين لا يستطيعون تحقيق أمنياتهم في الدراسة بسبب نظام بعض الدول العربية في عدم قبول "الأجنبي" في جامعاتهم ولو كان عربيا، وربما ولد وترعرع في ذلك البلد!

لكن الله يسّر لك، ما قد يعجز عنه الكثيرون من إمكانية السفر لبد إسلامي لمتابعة الدراسة فيما تحبين.

ها قد أنهيت اختبار اللغة المطلوب لدخول الجامعة، وبدرجات تمكنك من دخول الجامعة، وما هو إلا موضوع وقت، وتجدين نفسك في مقاعد الجامعة.

ذكرت موضوع التردد بين الإيجابية والسلبية، وهكذا معظم الناس، فليس هناك إنسان إيجابي على الدوام، فبعض السلبية أحيانا لها دور فعال في دفعنا لبذل الجهد والعمل من أجل تجنب النتائج السلبية، وتحقيق النجاحات.

كأني قرأت بين السطور شعورك بالوحدة والوحشة بعيدة عن أسرتك وربما صديقاتك في البلد العربي الذي كنت تعيشين فيه، وهذه مشاعر طبيعية ومتوقعة لفتاة مسلمة، واضح أنها حسنة التربية ومن أسرة متدينة.

يمكن الإكثار من التواصل المستمر مع أسرتك، سواء بالهاتف أو الإيمل أو السكايب.

ولابد أنك ستكونين صديقات في ماليزيا، وفي الجامعة خصوصا، ومن الطبيعي أن تتعرفي على فتيات عربيات مثلك، وماليزيات متدينات، وربما تحضرين معهن بعض الأنشطة الدينية والاجتماعية مما يخفف عنك من الشعور بالغربة والابتعاد عن الأسرة، ولو لبعض الوقت.

من حقك تماما أن تشعري بالسعادة والفرح فيما تنجزينه من أعمال ومشاريع، وحاولي أن لا تحرمك أوضاع المسلمين وآلامهم من كامل السعادة.

صحيح أننا كلنا متأثر بما يجري للمسلمين في بلاد كثيرة، إلا أن هذا يجب أن يُخرجنا عن الشعور ببعض الطمأنينة، وإلا فلن نستطيع تقديم الكثير لأنفسنا وللآخرين.

الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يقول لنا جميعا: "إن لنفسك عليك حقّا" فمن حقك على نفسك أن تشعريها بالراحة والطمأنينة، فهذا شرط من شروط الصحة النفسية والإيجابية في العطاء.

بالرغم مما قد يؤلمك أو يعتصر قلبك من الآلام عند قراءة القرآن، فكما تعليمن تماما، هذا ليس مبررا لتركه، بل على العكس، هو مبرر للاستزادة، وأنا واثق من أنك تعلمين هذا، ولكن من باب التذكير الذي ينفع المؤمنين.

وفقك الله، وإن شاء نسمع أخبارك الطيبة قريبا جدا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً