الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تأتيني خواطر بأني إذا لم أفعل شيئاً معيناً فسيصيبني شر!

السؤال

السلام عليكم

هل يجوز لي أن أفكر بأني إذا لم أفعل شيئاً معيناً فسيحدث لي شر، وأني إن فعلته لن يحدث؟! فهل هذا يعتبر تطيراً؟ وبماذا تنصحونني؟!

الآن إذا قلت: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) ونويت الالتجاء إلى الله من الشيطان الرجيم، قلت في نفسي إنه سيحدث لي شر، وأما إذا قلت: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) ولم أنو الاستعاذة بالله من الشيطان، لن يحدث لي شر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -ابنتنا الفاضلة-، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، ونؤكد لك أن التشاؤم والتطير وهذه الأمور لا تغيّر في أقدار الله شيئًا، والإنسان إذا تشاءم أو تطير ما ينبغي له أن يُصدق تلك الوساوس وتلك الأشياء التي يقدح بها الشيطان في نفس الإنسان، واعلمي أن هذا الكون ملك لله، ولن يحدث في كون الله إلا ما أراده الله، فسبحان من لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون.

اعلمي أن المؤمنة إذا تعوذت بالله من الشيطان، فينبغي أن تستحضر عظمة مالك الأكوان، وحقارة عدوه الشيطان، وتتذكر أن كيد الشيطان كان ضعيفًا، وما يأتي بعد ذلك من تصورات ووساوس لا صحة لها، ولا مكان لها في الواقع، وأنت بنفسك جربت مرارًا ولم يحدث لك شيء، فتعوذي بالله من شيطانٍ يريد أن يشوش عليك.

اعلمي أنه لن يحدث في كون الله إلا ما أراده الله تبارك وتعالى، لأن كل شيء بقضاء وقدر، ولذلك إذا أيقن الإنسان بهذا المعنى، فإنه لا يبالي بعد ذلك بالوساوس التي يأتي بها الشيطان، والنبي -عليه الصلاة والسلام- هو الذي كان يقول: (لا عدوى ولا طيرة)، ولكن الإنسان مع ذلك يتخذ الأسباب، ولذلك قال: (فر من المجذوم) فإنه يفعل الأسباب ثم يتوكل على الكريم الوهاب.

لا بد أن نعتقد أن العدوى وحدها لا تُصيب الإنسان إلا إذا قدر الله، ولذلك الجراثيم تملأ الفضاء، لكن ما كل إنسان يُصاب بالمرض، بل في الجانب الطبي عجب، فإن الإنسان قد ينقل المرض ولا يُصاب به، وهذا ما استفاده العلماء من نهي النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من كان في أرض والطاعون فيها فلا يخرج منها) رغم أنه سليم، لأنه يمكن أن ينقل المرض ويحمل المرض، ويمكن ألا يُصاب.

لذلك لما قال النبي (لا عدوى) وهنا يقول (فلا يخرج) كان المراد أن العدوى بنفسها لا تُؤثر إلا بتقدير الله، إلا إذا قدر الله تبارك وتعالى، فقد يجلس إنسان مع إنسان مُصاب بالزكام ولا يُصاب به، رغم وجود السبب، ورغم أن المرض مُعد، إلا أن الله لم يُقدر، فالمسلم لا بد أن يستحضر، والمسلمة لا بد أن تستحضر هذه المعاني، وتوقن أن هذا الكون ملك لله، ولن يحدث فيه إلا ما أراده الله، قال تعالى: {قل لن يُصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون}، واعلمي أن ما أصابك لم يكن ليُخطئك، وما أخطأك لم يكن ليُصيبك.

ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مصر مسلمة

    شكرا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً