الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتخلص من العشق القديم وأقبل على زوجي بحب؟

السؤال

أنا بنت، عمري 23 سنةً، أحب شخصًا -كثيًرا- تعرفت عليه عبر إحدى المحادثات، في البداية كان مجرد كلام عادي، ولكن مع مرور الأيام أحببته، وعشقته بجنون، وكنت دائمًا أشحن رصيدًا من أجله، ضيعت نقودي عليه لأني أعشقه.

أحببته منذ كان عمري 17 سنةً، ما فارقته إلا في شهر 10 بعد رمضان، افترقنا، ولكنني أحبه كثيرًا، وكثيرًا ما أبكي -على فراشي- على فراقه، حتى أحيانًا أحلم فيه في المنام، وأحيانًا أفزع من نومي وأقول اسمه، أنا مجنونة فيه، وخطبت بعد ما افترقنا، وزواجنا قريب، ولكن عقلي مع الذي أحببته، لست قادرةً على نسيانه، ولا قادرة على حب خطيبي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ السائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلًا وسهلًا ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت، وفي أي موضوع، ونسأل الله -جل جلاله- بأسمائه الحسنى، وصفاته، أن يجعل لك مخرجًا مما أنت فيه، وأن يعينك على التخلص من هذه العلاقة المحرمة، وأن يمُنَّ عليك بمحبة زوجك، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد في رسالتك، فإنه مما لا شك فيه أن التعلق الطويل لهذه الفترة أمرٌ من الصعب أن يتخلص منه الإنسان، لأن النفس البشرية جُبلت على محبة من استدامت عشرته، حتى الإنسان في بيته قد يُحب بعض الحيوانات الأليفة؛ لطول العشرة، وقد يُحب أيضًا بيته الذي يسكنه رغم أنه من الجدران، إلا أنه يشعر بمحبته له، وحنينه إليه، حتى إن تركه يشعر عند عودته إليه بشيء من الفرح والسرور، فما بالك بمحبة الإنسان للإنسان، إلا أن الله -تبارك وتعالى جل جلاله- كما جعل لكل شيء بدايةً جعل له نهايةً، وأنت الآن قد افترقت عن هذا الشاب وتوقفت عن محبته، إلا أنه ما زال في قلبك.

أقول لك: نعم، وهذا الأمر يستمر فترةً من الزمن، إلا أنك في حاجة إلى التوجه إلى الله -تبارك وتعالى- بالدعاء أن يُخرج هذه المحبة من قلبك، ما دمت قد توقفت عن الاتصال معه نهائيًا فلم يعد بينكما أي تواصل، خاصةً وأنك الآن مرتبطة برجل (زوج) شرعي، فالآن قد قطعت السبيل المادي لزيادة الحب وهو التواصل، فالآن لم يعد هناك تواصل بينكما كما فهمتُ من رسالتك، يبقى الأمر الثاني هو: الدعاء والتضرع إلى الله -تبارك وتعالى- أن يُخرج الله محبته من قلبك.

ويبقى هناك أمر ثالث أيضًا تحتاجين إليه، وهو: مطاردة هذه الأفكار، بمعنى أنك كلما بدأتْ تأتيك الأفكار وتغزوك وتعيشين مع الذكريات، حاولي أن تغيّري واقعك الذي أنت فيه، فإذا كنت نائمةً (مثلاً) فقومي، وإذا كنت جالسةً فقفي، واخرجي من غرفتك، وحاولي أن تتحركي في البيت، أو أن تشغلي نفسك بأي شيء من الملهيات، حتى لا تتمكن منك الفكرة فتسبب لك هذا الألم النفسي الذي قد يصل إلى البكاء، كما ورد في رسالتك.

أنت تحتاجين إلى مقاومة، لأن الإنسان إذا كان يستريح للذكريات، فإن النفس من الصعب عليها أن تتخلص منها، أما إذا كان بدأ ينفر من الفكرة ويشعر بأنها مؤلمة بالنسبة له، فإن النفس ستعينك على الأقل على النسيان، ولو بصفة مؤقتة؛ لذا أقول -بارك الله فيك- كما ذكرت: عليك بمطاردة الفكرة، عليك بالدعاء والإلحاح على الله -تبارك وتعالى- أن يُخرج الله محبة هذا الرجل من قلبك، كما عليك بالدعاء أيضًا أن يرزقك الله محبة زوجك، وأن يُظهر لك محاسنه التي تُغيِّر نظرتك إلى هذا الشاب الذي كنت على علاقة به سابقًا.

كما ذكرت الأمر يحتاج إلى بعض الوقت، ولكنه قادم -إذن الله تعالى- ما دمتِ جادةً وصادقةً في التخلص من هذه المشاعر، وفي جعل مشاعرك لزوجك خاصةً، فبإذن الله تبارك وتعالى سيمُنُّ الله -عز وجل- عليك بذلك، أكرر بأن هذا الأمر يحتاج إلى بعض الوقت، إلا أنه قادم -بإذن الله تعالى- وهذا ما أُبشرك به.

عليك بالمقاومة وعدم الاستسلام، وعليك بالدعاء والإلحاح على الله -تبارك وتعالى-، وعليك -كما ذكرت لك- بمحاولة التخلص من أي شيء يُذكّرك به، كأن تكون هناك بعض الكتب، أو بعض المراسلات، أو أي شيء يُذكّرك به، حاولي التخلص منه نهائيًا، وكلما جاءتْ فكرته على بالك قولي: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم)، واتفلي على يسارك ثلاثًا، لأن الشيطان قطعًا سيستغل هذه الفترة التي تعانين منها في عدم نسيانك له بسرعة.

فحاولي -كما ذكرت- الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، تتفلي على يسارك ثلاث مرات، حاولي مطاردة الفكرة ومقاومتها، -وبإذن الله تعالى- لو علم الله فيك صدق نيَّة، وأنا أتبيَّن ذلك من رسالتك، -فبإذن الله تعالى- سيمُنَّ عليك بذلك، وستكونين -إن شاء الله تعالى- زوجةً صالحةً وفيَّةً مُخلصةً لزوجك، لأنه لا يجوز أبدًا بحال من الأحوال أن تعيش المرأة مع زوجها بجسدها، وأن يكون قلبها مع رجل آخر.

أسأل الله لك التوفيق والسداد والهداية والرشاد، والتخلص من هذه التبعات، إنه جواد كريم.

هذا، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً