الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما هو تأثير الطرد من العمل على مريض الاضطراب الوجداني ثنائي القطب؟

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب عمري 31 سنة، صاحب الاستشارة رقم (2187633) مصاب بمرض الاضطراب الوجداني ثنائي القطب من الدرجة الثانية، أتعرض في الغالب إلى انتكاستين في السنة الواحدة حيث تأتيني في فصل الربيع نوبة اكتئاب موسمي يليها بعد ذلك نوبة هوس خفيف.

طبيبي السابق كان يصف لي دواء السيروكسات 12.5 والليثيوم، وقد تحسنت على هذا الدواء إلا أني لاحظت أن مزاجي في تلك الفترة كان يميل في ناحية الهوس حيث إن إنتاجيتي قد زادت، وأدائي الاجتماعي قد تحسن بعد ذلك ذهبت إلى طبيب آخر، ولقد لاحظت أنه يتجنب وصف أي مضاد للاكتئاب إلا في حالة الاكتئاب الموسمي فقط، ثم بعد ذلك يقوم بإيقاف مضاد الاكتئاب.

الأدوية التي أتناولها في الوقت الحالي هي نوعان من مثبتات المزاج، وهما الليثيوم والديباكين كرونو إلا أن أدائي الاجتماعي والوظيفي غير جيد، وغير مرضي بالنسبة لي.

المشكلة التي أريد من حضراتكم الإجابة عليها هي أن حالتي تتحسن مع تناول مضاد الاكتئاب، وعندما يتم إيقافه فإن حالتي تسوء فما هو الحل؟ علما أني أرغب في تناول السيروكسات بجرعة صغيرة مع الليثيوم والديباكين كرونو، فهل هناك مشكلة في ذلك؟

هل تناول مثبتات المزاج مع مضاد الاكتئاب يمنع من الدخول في نوبة هوس خفيف؟ لماذا يتجنب طبيبي الحالي إعطاء مضاد الاكتئاب مثل: السيروكسات أو ويلبوترين بصورة دائمة ومستمرة؟

منذ ما يقرب من شهر تم إبعادي من العمل، وكنت في ذلك الوقت أتناول مضادًا للاكتئاب هو ويلبوترين، وعندما ذهبت إلى الطبيب المعالج قام بإيقاف مضاد الاكتئاب، وأن أبقى فقط على مثبتات المزاج الليثيوم والديباكين كرونو، وأخبرني أن حالتي جيدة إلا أن أمرًا غريبًا قد حدث بعد ذلك حيث بدأت أشعر بأن أعراض الاكتئاب تزداد أكثر فأكثر، وأصبحت كثير النوم، وتناول الطعام، وشرب المشروبات الغازية، وممارسة العادة السرية، وأهمل ولا أهتم بنفسي، وأصمت ولا أتكلم في معظم الوقت، وأشعر بالكسل وانخفاض في الطاقة، فهل سبب هذه الأعراض هو الفصل من العمل؟ أم أن نوبة الاكتئاب الموسمي ما زالت موجودة ولم تنته بعد؟ وما هو الحل من وجهة نظرك؛ حيث أخبرني الطبيب بمعاودته بعد شهرين من تاريخ آخر زيارة؟

ما هو تأثير الطرد من العمل على مريض الاضطراب الوجداني ثنائي القطب؟ علمًا أن هذا الأمر تكرر معي أكثر من مرة، وكيف يمكن علاجه؟ وهل الفصل من العمل يدل على وجود اضطراب في الشخصية؛ خاصة أن طبيبي أخبرني في وقت سابق أني شخصية اعتمادية؟

أخيرًا: أنا في الوقت الحالي بدون عمل، وتجاربي السابقة مع العمل تنتهي بالفشل، ولا أستمر في العمل أكثر من ثلاثة أشهر، ولا أستطيع إقامة علاقة عاطفية واحدة ناجحة، فهل أنا في حاجة إلى الدخول إلى مستشفى الأمراض النفسية، وتلقي علاج جلسات بالكهرباء؟

آسف على الإطالة، وأعرف أن أسئلتي كثيرة، وأرجو أن يتسع صدرك للإجابة عليها.

وشكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بالنسبة لتناول مضادات الاكتئاب في حالة وجود الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية خاصة من الدرجة الثانية: هذا الأمر حوله الكثير من النقاش العلمي، والرأي الأرجح هو أنه يفضل ألا يتم تناول مضادات الاكتئاب حتى وإن وُجد القطب الاكتئابي، فمثبتات المزاج تكفي تمامًا.

والرأي السديد هو بالفعل أن يبتعد الإنسان من مضادات الاكتئاب، وذلك لسبب أساسي، وهو: أن هذه الأدوية ربما تُدخل الإنسان في القطب الهوسي، وإن لم يحدث ذلك ربما يحدث نوعًا من النكسات المتقاربة، أو ما يسمى بالباب الدوار، يعني أن المريض يشفى من نوبة، ويدخل في نوبة أخرى اكتئابية كانت أو هوسية، هذه الإشكالية مع مضادات الاكتئاب.

فيا أخي الكريم: لا تلم طبيبك الذي نصحك بأن لا تتناول مضادات الاكتئاب، هذه المدرسة الغالبة في الوقت الحاضر، لكن في بعض الأحيان -حين يكون الاكتئاب واضحًا ومطبقًا- لا مانع من تناول مضادات الاكتئاب لكن لفترة قصيرة وبجرعة صغيرة وتحت الإشراف الطبي، هذا هو الموقف أيها الفاضل الكريم.

أضف إلى ذلك أنه يُقال أن عقار (ويلبيوترين) لا يدفع الإنسان إلى القطب الهوسي، هذا أيضًا كثيرًا ما يُذكر، وإن كان بعض المختصين قد شككوا في هذا الأمر.

إذن أنصحك بالاستمرار على مثبتات المزاج، فالليثيوم والدباكين كلاهما أدوية متميزة، ومن المفترض أن تزول النوبة الاكتئابية التي تعاني منها، وأعتقد أن المشكلة الأساسية هي أنك تحتاج لنوع من الدفع النفسي الإيجابي، أن تؤهل نفسك، أن تبحث عن عمل، قطعًا افتقادك لوظيفتك له تبعات سلبية على صحتك النفسية، لكن يجب أن تكون عندك الإصرار والشكيمة والعزيمة التامة لأن تجد عملاً آخر، وتصبر على الوظيفة، هذا مهم جدًّا، التنقل من وظيفة إلى وظيفة قطعًا يؤدي إلى عدم الاستقرار النفسي.

فيا أخي الكريم: كن حازمًا وصارمًا مع نفسك، ودائمًا انظر للوظيفة نظرة إيجابية، هذا يجعلك - إن شاء الله تعالى – تستمر في وظيفتك، وتُسعد بذلك، وهذا أفضل نوع من أنواع التأهيل النفسي الاجتماعي.

أنت لست في حاجة لتلقي علاج كهربائي، ودخول المستشفى لا أرى أن حالتك قد وصلت لأن تتطلب ذلك، لكن أيضًا الرأي الأخير يجب أن يُترك إلى طبيبك، فأرجو أن تذهب إليه وتقابله وتوضح له كل الأعراض التي تعاني منها، -وإن شاء الله- يتخذ الطبيب القرار الذي يفيدك.

بالنسبة لموضوع اضطراب الشخصية: هذا أيضًا موضوع شائك وحوله الكثير من الخلاف، الشيء المهم – أخي الكريم – هو أن يتطبع الإنسان بما هو مقبول في مجتمعه، هذا مهم جدًّا، وهذا يبعد التباين ويجعل الشخصية أكثر توازنًا وتواؤمًا وتكيُّفًا مع الواقع.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً