الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف يمكنني تقييم زوج المستقبل إن كان من الصالحين أو غير ذلك؟

السؤال

سلام عليكم، أولا أشكر كل مجهود وكل شخص ساعد على تأسيس هذا الموقع، جزاكم الله خيراً.

أود أن أستشيركم في موضوع اختيار الزوج الصالح، أنا فتاة أبلغ من العمر 24 سنة، أهلي أناس متفهمون ويحبون منطق التشاور والتفاهم في المواضيع, ولدي مشكلة في قراراتي، بحيث أنه قد تقدم لي أكثر من 5 أشخاص منذ أن بدأت أدرس إلى يومنا هذا، وأنا أرفض كل من تقدم لي، وليس لعيب فيهم، ولكن موضوع الزواج لم أكن مقتنعة به أبداً.

كان تفكيري أن سن الزواج المناسب للبنات هو 23 وما فوق، وللعلم قد تقدم لي من لديه منصب، والبعض من لديه أخلاق يشيد به الجميع، وقد كنت خائفة أن يأتي اليوم الذي سيعاقبني الله لرفضي شباب لا يعيبهم شيء، بأن يكون نصيبي شخصاً ذو أخلاق دنيئة، ولكن والله أعلم بحالي أنني لم أرفضهم لعيب، بل الزواج بحد ذاته لم يدخل في عقلي، ولدرجة أن أمي وأختي قد تعبوا من كثرة رفضي.

كنت أصرخ ويتغير مزاجي 180 درجة لمجرد أن أسمع هنالك شاباً تقدم لي، وكنت أكره أي شخص يفتح الموضوع معي، رغم محاولات أهلي لفهم رفضي، وسألوني مراراً وتكراراً إن كان هناك شخصاً أنتظره أو شيئاً من هذا القبيل، ولكن تفكيرهم أغضبني، فلم أعد أحتمل المزيد، وكنت أتسائل كيف يكون شعور البنت عندما يتقدم لها شاب؟ لماذا لا أشعر بنفس الشعور؟ لماذا أغضب من أهلي رغم أنهم لم يفعلوا شيئاً سوى إقناعي.

-وقدر الله وما شاء فعل- وتقدم لي قبل أسبوعين شاب في نهايات العشرين، وهو من أقربائي ولا أعرف عنه الكثير، ولكنني تعجبت من نفسي، أخيراً شعرت بشعور البنت عندما يتقدم لها شاب، وكنت سعيدة من كل أعماق قلبي، كنت أحس بوجود السعادة في كل زاوية من قلبي، وسجدت لله سجدة شكر، ولكن استعجبت لماذا هذا الشاب بالذات فرحت به رغم أنه لم يكن أول من تقدم لي.

ولكن هنا الغريب في الموضوع أنه ينحدر من عائلة متفتحة جداً، فالشباب يخالطون البنات أكثر من عائلتي، ولا أعلم إن كان يصلي بالأساس رغم أن أخلاقه راقية، وأنا إنسانة محافظة على صلواتي وأقوم الليل، وقد علمت سابقاً أنه كان يدخن، فلا أعلم إذا ما زال متمسكاً بهذه العادة أم لا، أخبرت أخي أن يستفسر في هذا الموضوع، ويبحث عنه أكثر.

وللعلم قد استخرت ولم أحس بالضيق مثل المرات السابقة، فهل الله يعاقبني على فعلتي السابقة برفضي للشباب الصالحين؟ وما الحل اتجاهه، هل أرفضه أم أوافق؟ إنني محتارة وأتمنى أن أجد الحل عندكم بأسرع وقت.

للعلم: كنت أتمنى أن يكون شريك حياتي أكبر مني بثلاث سنوات، وأن يكون أحد أقربائي، وأن يكون محافظاً على الصلوات، وجزيتم خيراً على مساعدتكم، وإن شاء الله يكون في ميزان حسناتكم، وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شهد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك ونشكر لك التواصل ولأسرتك الاهتمام بالتشاور مع الفتاة، ونسال الله أن يقدر لك الخير وأن يكتب لك الفوز والنجاة.

لا شك أن الزواج يقوم على تلاقي الأرواح وهى جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف، وليس عيبا في الفتاة أن يرفضها شاب، كما أنه ليس نقصاً في الشاب أن ترده فتاة، فلا تعطي الموضوع أكبر من حجمه، وهوني على نفسك، وتذكري أن الزواج مشروع عمر والمجاملة فيه لا تنفع، ودور الأهل توجيهي وارشادي فقط، والقرار النهائي للفتاة وللفتى.

وقد سعدنا لذهاب الأفكار السلبية عن الزواج، لأن الزواج هو الفطرة، وهو سنة الأنبياء الذين جعل الله لهم أزواجا وذرية، وبالزواج تعمر الحياة ويحصل العمران ويفرح رسولنا المبعوث من عدنان والذي يريد أن يكاثر بنا الأمم يوم القيامة.

ولا شك أن المرأة بحاجة إلى رجل يوفر لها الحب والأمن والحماية، والرجل بحاجة إلى من يسكن إليها ويجد عندها الاحترام والتقدير والاهتمام، وللنساء خلق الله الرجال ولهم خلق وجمل النساء، وفي ظلال الزواج يحصل الإشباع لمعاني الأمومة والأبوة التي لا تغني عنها الوظائف ولا الشهادات ولا الأموال.

ورغم أن الارتياح والانشراح الحاصل مهم وأساسي في مشروع الزواج، إلا أن التأكد من دين الشاب وأخلاقه أمر غاية في الأهمية، كما أن من حق الشاب أن يسأل عن الفتاة وأهلها ويبحث، وليس هناك داع للاستغراب، فقد جاء الشاب المناسب في الوقت المناسب، ونسأل الله أن يقدر له ولك الخير ثم يرضيكما به.

وننصحك بما يلي: اللجوء إلى الله، ثم الاستخارة، ثم مشاورة العقلاء من أهلك، ثم الواقعية في النظرة، فلا تنتظري شاباً بلا عيوب، لأنك لست خالية من العيوب، ثم وضع الإيجابيات إلى جانب السلبيات ليسهل التقييم، ثم النظر في عواقب ونتائج كل قرار، ثم تجنب المثالية في طلب الصفات، ثم تقدير طرقه للباب، وأخيراً الاستئناس برأي الأهل.

وهذه وصيتنا لكم بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، ونسعد بتواصلكم ونسأل الله أن يوفقكم.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً