الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لدي وساوس وأفكار قهرية مزعجة.. أرشدوني للعلاج

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
جزاكم الله خيرًا على ما تبذلونه من جهد في خدمة الإسلام والمسلمين.

سؤالي هو: لدي العديد والعديد من الوساوس والأفكار القهرية المزعجة، والمشينة والتي تراودني من وقت لآخر، ولا أستطيع التغلب عليها، وتؤثر سلبيًا على حياتي الاجتماعية والنفسية والدينية والفكرية والعائلية، ولا أعرف ما السبب وكيف العلاج؟

بالله عليكم أرشدوني للأمر.


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ahmed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

الوساوس الفكرية كثيرة ومنتشرة، والوساوس الفكرية بالفعل هي مؤلمة جدًّا للنفس، خاصة حين يكون محتواها في أمورٍ حساسة، وبفضل من الله تعالى نلاحظ - من خلال الممارسة – أن الأفكار الوسواسية تستجيب بصورة أفضل للعلاج من الحركات، أو الأنماط الوسواسية، فهذا أمر مبشر من وجهة نظري.

أسباب الوساوس لا تُعرف، لكن في الغالب نشاهدها عند الأشخاص الحسَّاسين، الأشخاص الذين فيهم لطف وأناة في شخصياتهم، الذين يتميزون أيضًا بحسٍّ مرهفٍ، وهؤلاء أكثر عُرضة للإصابة بالوساوس القهرية، وهناك كلام عن التربية والتنشئة وأثرها كمسبب لهذه الوساوس، وهنالك أيضًا من تحدَّث وأفاض في التأثيرات الوراثية، لكنا لا نقول أن هناك سببًا واحدًا، ربما هذه العوامل وغيرها تتضافر مع بعضها البعض وتؤدي إلى الوساوس.

علاج الوساوس - أيها الفاضل الكريم – يكون من خلال تناول الأدوية المضادة للوساوس، يكون من خلال الدخول في برامج سلوكية، هذه البرامج مختلفة جدًّا، هنالك برامج مبسطة، وهنالك برامج مكثفة، وهنالك برامج تخصصية: هنالك برامج تقوم على التفكر والتدبر والتأمُّل، وكيفية مقاومة الوساوس، وهنالك برامج تقوم على تحليل الوساوس، هذه كلها برامج اختصاصية يعرفها أهل الاختصاص.

فيا أخِي الكريم: إن تمكنت وذهبت إلى طبيب نفسي أو أخصائي نفسي هذا سوف يكون أمرًا جيدًا، وإن لم تستطع فالمبدأ السلوكي العام هو: أن تُحقّر الوسواس، أن تتجاهل الوسواس، ألا تناقش الوسواس؛ لأن مناقشة الوسواس يزيد من قوته وحدته وشدته، وربما تؤدي إلى تولُّد وساوسٍ أخرى، تجعل الشبكة الوسواسية والنمط الوسواسي أكثر إطباقًا وكثافة، لذا من الأفضل ألا يلجأ الإنسان إلى نقاش وساوسه، والإشكالية أن الوساوس تكون مُلحة جدًّا، وتُشعر صاحبها بالفضول، هو يريد أن يستكشفها أكثر، وهذه مشكلة كبيرة، لا، قل للوسواس (أنت وسواس حقير، أنت تحت قدمي، لن أناقشك مهما كانت الظروف) وسر في حياتك بصورة عادية، ولا تُتح أي مجال للفراغ الذهني أو الزمني أو الفكري، املأ هذه الفراغات كلها حتى لا تُتيح فرصة للوسواس.

البشرى الكبرى -أخي الكريم الفاضل- التي أحملها لك، هي أن العلاجات الدوائية وجد أنها ذات فعلٍ ممتاز جدًّا في تثبيط وتفكيك هذه الوساوس، فكما ذكرت لك إن ذهبت إلى الطبيب هذا هو الأفضل، وإن لم تذهب، فتناول أحد الأدوية المضادة للوساوس، ومن أفضلها عقار يعرف تجاريًا باسم (فلوزاك)، أو (بروزاك)، ويسمى علميًا باسم (فلوكستين)، وهو دواء سليم.

الجرعة المطلوبة في حالتك هي أن تبدأ بكبسولة واحدة ليلاً، وقوة الكبسولة عشرون مليجرامًا، استعملها بانتظام لمدة أسبوعين، ثم اجعلها كبسولتين يوميًا – أي أربعين مليجرامًا – وهذه هي الجرعة العلاجية المطلوبة في حالتك، استمر عليها لمدة شهرين، ثم أضف إليها جرعة تدعيمية بأن تجعلها ثلاث كبسولات في اليوم – تتناول كبسولة في الصباح وكبسولتين ليلاً – واستمر على هذه الجرعة لمدة شهرين، ثم اجعلها كبسولتين يوميًا ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر، وهذه هي الجرعة الوقائية، ثم اجعلها كبسولة يومًا بعد يوم لمدة شهرٍ، وهذه جرعة التوقف.

الفلوزاك أو البروزاك دواء ممتاز كما ذكرت لك، ليس له آثار جانبية سلبية، فقط قد يؤدي إلى تأخيرٍ في القذف المنوي لدى المتزوجين، بخلاف ذلك فهو ممتاز، وتوجد أدوية كثيرة أخرى غيره.

إذًا هذه وساوس، لا تتردد في علاجها أبدًا، وسوف تُعالج وتُشفى منه بإذن الحي القيوم.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً