الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مع أني رجل اجتماعي لكن الخوف يسيطر على حياتي

السؤال

السلام عليكم.
بارك الله فيكم وجعل ما تقدمونه في ميزان حسناتكم.

أنا متزوجٌ، وموظفٌ في التعليم، مشكلتي مع الخوف؛ بدأ يزداد عندي مرةً بعد أخرى، فمثلاً: عند مقابلة الآخرين أشعر بالارتباك والخوف، مما يجعلني أشعر بالخجل وتظهر علامات الخوف على وجهي، فلا أستطيع السيطرة على نفسي.

كنت أُصلي إماماً بمجموعةٍ من الناس في مسجدٍ صغيرٍ، والآن لا أستطيع بسبب الخوف الذي يزداد معه دقات القلب وصعوبة النطق، وكذلك عندي خوفٌ من حضور المناسبات والاجتماعات، ومن صعود الطائرة، وأحياناً أخاف من الموت.

أثناء دراستي بالجامعة عندما تكون المادة صعبةً يكون عندي اضطراب في النوم فلا أنام جيداً، ويأتيني إسهالٌ بسبب الخوف الذي أعيشه، مع أني شخصٌ اجتماعيٌ أحب الناس ومقابلتهم، والآن أُحْرَجُ فلا أستطيع الخروج من البيت.

أرجو منكم مساعدتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالله علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك العافية والشفاء، والتوفيق والسداد.

أيها الفاضل الكريم: أنت لديك مجموعة متداخلة من المخاوف، لكنها - إن شاء الله تعالى – ليست مخاوف خطيرة، لديك مخاوف اجتماعية من الدرجة البسيطة، ولديك الخوف من صعود الطائرات، وهذا كله أدى إلى شيء من القلق وعسر ثانوي في المزاج مما نتج عنه اضطراب في النوم.

أما بالنسبة للإسهال فهو عرض نفسو جسدي، يعني أن القلق والتوتر يؤديان إلى حركة زائدة في القولون مما يؤدي إلى الإسهال في بعض الأحيان.

الحالة بسيطة جدًّا – أيها الفاضل الكريم – حقّر هذه المخاوف، لا تُعرها اهتمامًا، اذهب وصلي في أكبر المساجد، كن دائمًا في الصف الأول، كن خلف الإمام، وإن طُلب منك أن تصلي بالناس ووجدت في نفسك أنك أهلاً لذلك فلا تتردد أبدًا، أنت لديك المقدرة -إن شاءَ الله تعالى- فلا تتردد أبدًا.

الخوف يؤدي إلى التجنب، والتجنب يؤدي إلى المزيد من الخوف، فعليك بالاقتحام، عليك بتحقير فكرة الخوف، وضع لنفسك برامج يومية تُحتّم على نفسك ثلاث إلى أربع مواجهات، مثلاً:

أولا: غدًا صمم أن تزور مريضًا في المستشفى.
ثانيًا: اذهب إلى أحد المساجد الكبيرة وصلِّ خلف الإمام.
ثالثًا: اذهب وتريض مع بعض أصدقائك مثل لعب كرة القدم مثلاً.
رابعًا: اذهب وتجول في أحد المجمّعات الكبيرة.

هذه أنشطة اجتماعية طبية ومتاحة وسهلة، وفي ذات الوقت تجعلك تخرج من البيت وتتفاعل، لا بد أن تطبق ما أقوله لك، وأنت - والحمد لله – رجل لديك إيجابيات كبيرة في حياتك، هنالك الأسرة، هنالك العمل، والعمل التعليمي يجب أن يتيح لك التمازج الاجتماعي الحقيقي، فحاول أن تطور مهاراتك.

أنا أرى أنك ستستفيد كثيرًا من الأدوية المضادة لقلق المخاوف، وعقار يعرف تجاريًا باسم (سبرالكس Cipralex) ويعرف علميًا باسم (استالوبرام Escitalopram) سيكون دواء مفيدا جدًّا لك، إن استطعت أن تذهب وتقابل طبيبًا فهذا أمر جيد، وإن لم تستطع فتحصل على هذا الدواء، وتناوله بجرعة 5 مليجرام – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على 10 مليجرام – استمر على هذه الجرعة الصغيرة لمدة 20 يومًا، ثم اجعلها حبة كاملة (10 مليجرام) وهذه أيضًا تعتبر جرعة صغيرة إلى متوسطة، استمر عليها لمدة 3 أشهرٍ، ثم اجعلها نصف حبة يوميًا لمدة شهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

تمارين الاسترخاء خاصة تمارين التنفس المتدرج وقبض العضلات، وإطلاقها أيضًا تساعد في علاج مثل هذه الحالات.

إذًا – أخِي الكريم – خذ ما ذكرته لك من إرشاد، وطبقه مع تناول الدواء، نسأل الله لك العافية والشفاء، والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً