الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التوبة من مشاهدة الأفلام الإباحية والحرص على عمل الخير

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

أنا شاب أعزب، مشكلتي أنني متقلب الطباع والسلوك، فبالرغم من أني أحافظ على صلاتي مع الجماعة في المسجد وأقرأ حزبي كل يوم إلا أنني كل مرة أشتهي مشاهدة الأفلام الإباحية-الجنسية- في التلفاز أو على الإنترنت، مما يؤدي ذلك إلى ممارسة الاستمناء والعادة السرية، ثم أندم بعد ذلك وأتوب إلى الله، حيث أصلي ركعتي التوبة، وأسلك الطريق السوي في العبادة، لكن لا تمر أسابيع قليلة إلا وأعود لنفس الحالة السيئة السابقة، وأنا على هذه الحالة سنوات عديدة، رغم علمي أن كل ما أفعله حرام، ومنافٍ لسلوك المسلم، وأقوم بعدة محاولات لكني لم أوفق إلى الآن في الابتعاد من هذا السلوك واتباع الطريق السوي وإيجاد استقرار نفسي. ولكل ما أتمناه أن أبعد نفسي من هذه الشهوات، وأن أسلك الطريق الصحيح لسلوك المؤمن.

فساعدوني جزاكم الله خيراً في مشكلتي، {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ}.
والسلام عليكم.


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل الأستاذ/ فارس .. حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يغفر لك، وأن يتوب عليك، وأن يثبتك على التوبة، وأن يجعل لك من لدنه ولياً ونصيراً، وأن ييسر لك مخرجاً مما أنت فيه، وأن يرزقك الهدى والتقى والعفاف والغنى.

وبخصوص ما ورد في رسالتك: فكل الذي أوصيك به بدايةً ألا تتوقف عما تقوم به من طاعة وعبادة، وأن تواصل أعمال البر والخير التي أكرمك الله بها؛ لأن ما أنت عليه الآن يقلل كثيراً من وقوعك في الذنوب والمعاصي، ويحول بينك وبين الانهيار التام؛ لأن تلك الطاعات لها دورها في تقويتك وتثبيتك رغم ما تقع فيه.

فنصيحتي إليك في البداية: ألا يضحك عليك الشيطان ويصرفك عما تقوم به من طاعات بحجة أنك عاصٍ، وأنك لا تستحي من الله، وأنك منافق، إلى غير ذلك من الحيل التي يطرحها عليك، لا حباً فيك ولا صدقاً معك، وإنما لصرفك عن هذه العبادات؛ ليتسنى له إيقاعك فيما هو أعظم وأخطر مما أنت فيه والعياذ بالله. فتمسك بما تقوم به، واحرص عليه حرصك على حياتك؛ لأن هذا هو بداية الخير وطوق النجاة الذي به ومن خلاله سوف تتخلص من تلك الذنوب كلها.

ثانياً: أوصيك بالبحث عن عبادات أخرى يمكنك القيام بها إضافة لما تقوم به، مثل: الدعاء والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وكثرة التوبة والاستغفار، وملء فراغك كله بذلك، مع الإكثار من ذكر المولى تبارك وتعالى.

ثالثاً: أنت -أخي الأستاذ فارس!- في سن لابد لك فيه من زوجة؛ حتى تتمكن من تصريف تلك الطاقة التي أودعها الله فيك، وكل الحلول التي أشرت إليها ونصحتك بها سابقاً ما هي إلا مسكنات ومهدئات، والعلاج الحقيقي في النكاح الشرعي الحلال المبارك؛ لأنه ضرورة فطرية فطرك الله عليها، فابدأ وفي أقرب وقت في البحث عن زوجة تعينك على غض بصرك وتحصين فرجك، وبالزواج سوف تنتهي هذه المشاكل تماماً إن شاء الله، خاصة وأنك في الأصل رجل مستقيم، حريصٌ على طاعة الله، والتزام سنة رسوله صلى الله عليه وسلم. فهذا هو علاجك الفعال والمؤثر، ولعله الوحيد، فتوكل على الله، وابحث عن زوجة صالحة مناسبة تُعان بها على طاعة الله وتقواه .

رابعاً: عليك ومن الآن قطع علاقتك بكل الأجهزة المثيرة للشهوة والمحركة للغريزة، أو على الأقل الحد منها إلى أدنى درجة، وعدم النظر إلى ما يفسد عليك دينك، ويفسد عليك توبتك، وإن كنت أنصح بعدم فتح تلك الأجهزة، بل ولعل إخراجها من بيتك وحياتك خيرٌ لك ألف مرة ومرة ما دامت هي التي تفسد عليك توبتك؛ وذلك مخافة أن يأتي عليك يوم تتوقف فيه عن التوبة، وتألف المعصية، فيقسو قلبك، ويموت فيه الإيمان، فتصبح صاحب قلب ميت والعياذ بالله، لا تنفع فيه الأدوية، وقد توافيك المنية وأنت على ذلك، فتلقى الله على سوء خاتمة والعياذ بالله، فتكون قد خسرت دينك ودنياك معاً لا قدر الله.

فاتخذ قراراً شجاعاً وجريئاً بعدم التعامل مع هذه الأجهزة، وابحث عن زوجة مناسبة، وابدأ حياتك بالطريقة الصحيحة؛ حتى تتمكن من أداء رسالتك في الحياة، وخدمة دينك كما أراد الله. فابدأ العلاج فوراً، ولا تنشد المثالية الزائدة في زوجة المستقبل ورفيقه الدرب، بل المهم الدين في المقام الأول، وأنا على يقين من أنك سوف تتجاوز هذه المحنة، وتخرج منها نقياً قوياً إن شاء الله ما دمت تحب الله ورسوله، وتحرص على الالتزام بالشرع، وتتألم للوقوع في الحرام.

مع تمنياتنا لك بعرس مبارك وتوبة نصوح، وشهادة في سبيل الله، وعيش السعداء، ومرافقة سيد الأتقياء في الفردوس الأعلى.

وبالله التوفيق.




مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً