الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخي يعيش حالة نفسية ومنعزل وعدواني لأسرته، ما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم

أخي في بداية مراهقته تعرّض لأشخاص كانوا على عداوة معنا، فزرعوا في رأسه أفكارًا ضد الأسرة تزامنت مع دخوله كلية لا يرغبها، ولاحقًا غيّر مجال دراسته وأكمل سنواته الجامعية، إلا أنه يعاني من الكلام لوحده من غير أن يراه أحد، ويتعامل مع أفراد أسرته بالعنف وبالضرب، وفي المقابل يخشى مواجهة الآخرين خارج البيت، ودائمًا ما يتحدث عن اضطهاده والظلم الذي تعرض له بتغيير مسار دراسته.

فكرت في أن ذهابه للطبيب النفسي قد يساعده في تصحيح مسار تفكيره وحياته، فذهبت أنا ووالدتي في رمضان الفائت لطبيب، وأوصى بضرورة عرضه عليه، فقامت أختي التي يحبها بالحديث معه، ورفض، ثم قال لها: دعيني أفكر. ثم رفض وضربها.

لا أدري ماذا أفعل؟ هل أقيده وأذهب به للطبيب؟ فكرت في أن أدس له أدوية؛ لتهدئته حتى يتسنى أخذه للطبيب.

هو يبلغ من العمر 25 عامًا، وفي صغره كان يحبني جدًا، والآن يكرهني ويفتعل المشاكل دومًا، وأحيانًا عندما أسمح له بقيادة العربة يكون مبسوطًا ولكن عمل بها حادثًا وغضبت جدًا، وهو غضب من انفعالي عليه وأسرتي أيضًا.

أحيانًا أفكر في التحاور معه من مدخل أن يقود العربة، وفي الأسبوع الفائت أخذت إجازة من عملي؛ لأتناقش معه، هو ينام متأخرًا جدًا ويستيقظ في الحادية عشرة صباحًا، وفي كل يوم من أيام إجازتي عندما يستيقظ كنت أتناقش معه بضرورة تفاعله مع الأسرة، وإلا فليغادر المنزل، وأنا أعرف أنه لن يغادر، في اليومين الأولين كان ينفعل ويشتم ويضرب، وبعد ذلك أصبح لا يتكلم معي، حتى لو تكلمت معه، ربما لأني خيرته بترك المنزل إذا اعتدى على أحد، ثم أخذت لابتوب يخصه، وقررت ألا أعطيه، لكنني أعرف أني سأشعر بالشفقة عليه وأعطيه إياه.

هل يمكن إرشادي بما يجب علي أن أفعل؟ أنا أريد أن أخرجه من عزلته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ dina حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا على ثقتك في إسلام ويب، وعلى اهتمامك بأمر أخيك هذا الذي أسأل الله له الشفاء والعافية.

أيتها الفاضلة الكريمة: مما ورد في رسالتك المحترمة أستطيع أن أقول لك: إن هذا الابن –حفظه الله– بالفعل لديه -غالبًا- نوع من الاضطراب النفسي الشديد الذي يشبه الأمراض الذهانية، وهذه يجب أن تُعالج، ويمكن أن تُعالج بصورة ممتازة جدًّا.

الإشكالية –كما تفضلت– أن معظم هؤلاء المرضى لا يقبلون أبدًا أن يُقال لهم: إنكم مرضى، وأنكم تحتاجون للذهاب إلى الطبيب النفسي؛ لذا لا تدخلي معه في مواجهة، كوني لطيفة جدًّا معه، ابنِ معه علاقة، كوني مساندة له، وبعد ذلك تحدثي معه، وقولي له: (ألاحظ أنك تعاني من بعض الإجهاد النفسي البسيط، لماذا لا نذهب سويًّا إلى طبيب، ونتحدث معه، علَّ ذلك يكون مفيدًا لك ولي وللجميع).

بمثل هذه اللغة المتسامحة ربما يقبل الذهاب إلى الطبيب، ولا تدخلي معه أبدًا في نقاشٍ حول أفكاره وتصرفاته، حاولي أن تُرسلي له رسائل تطمئنه وتُعزز الشعور الإيجابي لديه، وتخفض الشعور السلبي لديه.

إذًا هذه هي الطريقة التي أراها، والطريقة الثانية: إذا رفض أو لم ينجح هذا الأسلوب (الطريقة الأولى) اذهبي إلى طبيب نفسي في المنطقة التي تعيشون فيها، واحكي له ظروف هذا الشاب، وأنا متأكد أن الأخ الطبيب سوف يقتنع بعلته، ويعطيك أحد الأدوية الذَّوَّابة، هنالك أدوية جميلة جدًّا الآن يمكن تذويبها بصورة ممتازة، ولا طعم لها، لا رائحة لها، وفي ذات الوقت هذا المنهج مقر أخلاقيًا.

إذًا الوضع -إن شاء الله تعالى- إيجابي جدًّا، فانتهجي هذا المنهج في حالة فشل المنهج الأول، وأحد الأدوية الجميلة ذات التأثير الفاعل جدًّا العقار الذي يُسمى ويعرف علمياً باسم (أولانزبين فلوتاب Olanzapine Velotab) أو ما يعرف تجارياً باسم (زبراكسا فلوتاب Zyprexa Velotab) دواء رائع، ذوَّاب، يتحكم إلى حدٍّ كبيرٍ في الاضطرابات النفسية الشديدة والمسلكية.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً