الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تركت العادة السرية ولكني أحلم بممارستها.. هل أنا طبيعية أم مريضة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كنت أمارس العادة السرية وتركتها، -والحمد لله- قبل شهور، لكني الآن تأتيني أحلام أني أمارسها، ففي الحلم أحلم أني أبدأ بممارستها، ثم أتذكر الله، ولكني أمارسها، وفي آخر حلم حلمت أني في السرير أريد أن أنام، وقلت عندما أستيقظ سأقرأ القرآن، ولكني مارستها، وأيضًا هذه الأحلام تأتيني في وقت معين كل مرة بعد صلاة الصبح، هل أنا طبيعية أم أعاني من مرض روحي؟ والعياذ بالله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هاجر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرًا لك على الكتابة إلينا بما في نفسك.
وأحمد الله تعالى لك على أن هداك للصواب، وعلى أن تركت هذا السلوك الذي لا تريدينه، أو على الأقل تحاولين تركه، وعلى أنه حبب إليك الإيمان وزينه في قلبك، وبسبب كثرة الأسئلة المتعلقة بالعادة السرية فسأطيل الحديث وأفصل فيها، فيمكن أن أقول لك مما يكن أن يعينك الأمور التالية:

1. اشغلي نفسك بالأمور الأخرى:
• املئي وقتك بالأنشطة والفعاليات المختلفة، حيث يمكن للانشغال والحماس لأعمال أخرى أن يخفف من الشعور بالحاجة للممارسة، وقد وجد من خلال تجارب كثيرة أن الشابة ربما تميل لكثرة ممارسة العادة السرية بسبب ما تشعر به من الملل، وتساعد هذه الأنشطة المختلفة أيضًا على ما يسمى "التسامي" حيث تتغيّر الرغبة الجنسية إلى رغبات أخرى أكثر تقدمًا وحضارة، ومنها:
• الرياضة، ولا شك أن التقدم في الرياضة يتطلب تصميمًا وعزمًا ومثابرة، حيث يمكنك أن تتقدمي في مجال من مجالات الرياضة، وتساعد الرياضة بطريقة غير مباشرة على تخفيف التوتر، وتجعلك أميل للهدوء، والسعادة والاسترخاء.

• الأعمال الإبداعية، فيمكنك أن تبدئي بالكتابة الأدبية، أو الرسم أو التصوير...

• تعلمي مهارات جديدة تعينك في دراستك وعملك، كمهارة الخطابة والترجمة..، فيمكن لهذه المهارات أن تعلمك القدرة على ما يسمى تأخير المكافأة؛ مما يجعلك أكثر قدرة على الصبر ورفض الاستجابة للغريزة.

• العمل التطوعي وما أكثر مجالاته، فيمكنك أن تقومي مع بعض صديقاتك في مدينتك ببعض الأعمال الخيرية التطوعية كجمع التبرعات للمحتاجين، وغيرها من الأعمال التطوعية.

2. خططي أثناء النهار لتجنب العادة السرية.
ففي كثير من الأحيان تقوم الشابة بالتفكير مسبقًا كيف ومتى وأين ستمارس؟ وحاولي أن تمنعي نفسك من البداية، فمثلا إذا كان الوقت الذي تثارين به هو قبيل النوم، فقومي ببعض التمارين الرياضة حتى تُنهكين، وتفقدين الرغبة فيها، فلا يكون هناك مجال إلا للنوم. وإذا كانت الرغبة والإثارة وقت الحمام، فاغتسلي بالماء البارد وبحيث لا تُطيلين المكوث تحت الماء، وإذا كان وقت الممارسة هو بعد العودة من المدرسة فخططي مسبقًا لما ستفعلينه فور وصولك للبيت... وهكذا ستلاحظين أنه يمكنك أن لا تتركي نفسك فريسة للغريزة، أو تتركي نفسك لآخر لحظة، حتى تجدين نفسك أمام الإثارة الجنسية مما يُضعف مقاومتك.

3. قللي من انفرادك بنفسك.
وإذا كان من عوامل الإثارة أو مما يدفعك على الممارسة أنك بمفردك، فحاولي أن ترتبي أمورك وبحيث يقل الوقت الذي تجدين فيه نفسك بمفردك، فاجلسي مثلا مع الأسرة، وادرسي مع أخت لك أو صديقة... واخرجي من البيت، وأكثري من حضور أنشطة زميلاتك كالنادي الرياضي وغيره، أو زيارة المكتبة العامة للدراسة وكتابة الواجبات.

4. تجنبي ما يثيرك على الإنترنت.

• كثير من الشباب يمارس العادة السرية بعد أن يثار من مشاهدة بعض المناظر أو المواقع الجنسية على النت، وخاصة أنك تتواصلين مع الشباب، ولا شك أنك تستطيعين عمل الكثير لمنع هذا، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
• ضعي برنامجًا خاصًا يوقف فتح المواقع غير المناسبة.

• ضعي اللاب توب أو الكمبيوتر في غرفة الجلوس مع أسرتك، أو استعمليه بوجود أحد أفراد الأسرة.

• إذا كنت تستعملين وسائل التواصل الاجتماعي لمشاهدة ما يثير، فلا شك أنك تعرفين طرقًا متعددة لتمنعي هذا.

• إذا كنت تحتفظين بصور جنسية ورقية، أو في جهازك، فاحذفيها مباشرة.

• لا تستعملي اللاب توب مثلا أو الجوال وأنت في السرير.

• كوني صبورة ومثابرة.

• فالتوقف عن ممارسة العادة السرية، وكما تعلمين من تجربتك الذاتية، أنها لا تتوقف بسهولة، أو من نفسها، وإنما لا بد من التصميم والصبر والمثابرة، وكما تعلمين أن اتخاذ قرار التوقف سهل جدًا، وإنما الاستمرار عليه هو الصعب، وهذا حال كل الإدمانات، وكما قال أحدهم مثلا عن التوقف عن التدخين: "التوقف عن التدخين أمر سهل جدًا، لقد فعله مئات المرات"!

5. كافئي نفسك على التوقف، ولو لوقت قصير.
فمثلا كلما مرت عدة أيام أو أسابيع عن التوقف كافئي نفسك بأمر آخر تحبينه كأن تكون لعبة جديدة مثلا، أو طعامًا تفضليه، على أن لا تكون المكافأة مما يدفعك للمزيد من الإثارة والممارسة.

6. فكري بشكل منطقي معقول.
فمثلا تذكري بأنك شابة مراهقة والفتن محيطة بك من كل جانب، فلا تجعلي الإخفاق في الامتناع يُشعرك بفقد الأمل من المحاولة مجددًا، كما يمكن أن يوحي إليك الشيطان عندما يهمس في أذنك: "يبدو أنك لن تستطيعي التوقف، فهيا استمري بالممارسة"!، وتذكري أيضًا أن الكثير مما يذكر من المضار الطبية للعادة السرية كالجنون والعمى... إنما هي خرافات بعيدة عن الواقع.

7. اعرفي متى تطلبين المساعدة.
في بعض الحالات التي يصل فيها الأمر لحدّ الإدمان الشديد، فقد يحتاج الإنسان ليستشير أخصائي نفسي في الامتناع عن الإدمان، فلا تترددي في الاستشارة المباشرة.

8. اطمئني بأن الأمر لا شك سيتحسن.
فهذا مما يساعدك على امتلاك العزيمة على الصبر والاستمرار، فالأمر سيتحسن، وخاصة مع مرور الأيام، واكتمال نموك ونضجك النفسي والاجتماعي، وبالذات بعد الزواج بعون الله.

9.استعيني بالصلاة والدعاء وتلاوة القرآن والصيام، فهذا سيفيدك بشكل مباشر، وبشكل غير مباشر عن طريق أنك ستضطرين لتبقي على وضوء معظم الوقت، مما يساعدك على الامتناع عن الممارسة.

فإذًا وكما تلاحظين، أن التوقف عن العادة السرية ليس شيئًا يحدث من تلقاء نفسه، وإنما هو أمر يمكننا أن نخطط له، ونهيئ الظروف له، فلا نكون تحت سيطرة الغريزة، وإنما هناك قدرة عجيبة عند الإنسان تعينه على أن تسيطر روحه على جسده، والمعنوي على المادي، والإيماني على الغريزي، وهذه هي من جملة الدروس التي نتعلمها كل عام من الصيام.

وفقك الله ويسر لك الخير والصلاح.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

لا يوجد صوتيات مرتبطة

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات