الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الخوف الاجتماعي سبب لي مشاكل كثيرة

السؤال

السلام عليكم

أنا شاب عمري 25 عامًا، أعاني من حالة خوف وقلق في حياتي الاجتماعية منذ عشر سنين تقريبًا، وقد سببت لي هذه المشكلة الكثير من الفشل والخيبة والحرمان.

مثلًا: إذا أردت الدخول على جماعة؛ أشعر بالتوتر، وإذا استدعاني رئيسي في العمل؛ تتسارع دقات قلبي، وإذا أردت مقابلة شخص جديد؛ أشعر بالخوف والتوتر، وغالبًا ما أترك زيارة الأصدقاء والناس بسبب الخوف والارتباك.

أواجه مشكلة الآن في التعرف على فتاة للزواج بسبب هذه الحالة، علمًا أن وضعي المالي جيد ووظيفتي ممتازة.

أخذت دواء اسمه (اندرال) وكان مفعوله ممتازًا، ولكن لمدة محدودة جدًا ومؤقتة، توقفت عنه، وأنا أبحث الآن عن دواء بديل له يمكن أن يكون له نفس المفعول القوي، ولكن أن يكون تأثيره طويلاً ومستمراً، وليس مؤقتاً.

أرجو مساعدتي، وأنا لكم من الشاكرين، وجزاكم الله خيرًا لما تقدمونه من خير عظيم في مساعدة الناس والإحسان إليهم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أنت عشت مع مخاوفك الاجتماعية لفترة طويلة، وهذا يدل على أنك -في الأصل- لديك شيء من القلق الداخلي كعامل مُرسِّب حين تتهيأ الظروف أمامه يظهر في شكل مخاوف توترية، خاصة في المواقف الاجتماعية.

حالتك بسيطة جدًّا –أخِي الكريم– هذا هو المبدأ الذي يجب أن نرتكز عليه، وتجاهل الخوف والقلق هو أحد الركائز العلاجية الرئيسية، وليس هنالك ما يدعوك للخوف من الفشل، فأنت لست بفاشل.

فيا أيها الفاضل الكريم: لا تتحسَّر على الماضي، ماضيك كان مُشرقًا، ولا تخف من المستقبل، مستقبلك -إن شاء الله تعالى– سوف يكون عظيمًا بإذنهِ تعالى، وعليك الآن أن تعيش الحاضر بقوة وأمل ورجاء، أمورك مرتبة، لديك الوظيفة المحترمة، الوضع المالي المريح، مُقدمٌ على الزواج، فماذا بعد هذا كله؟! حياتك طيبة، حياتك فعّالة، حطِّم فكرة الخوف الاجتماعي هذه، وأريدك أن تلجأ للترتيبات الآتية؛ لأنها علاجية جدًّا:

أولاً: أن تُصلي مع الجماعة في المسجد، حتى وإن بدأت بالصفوف الخلفية، تقدَّم الصفوف حتى تصل إلى الصف الأول، وتكون خلف الإمام، هذا من أفضل العلاجات التي تزيل الخوف الاجتماعي.

ثانيًا: حاول أن تنضم لأي عملٍ ثقافي، أو جمعية اجتماعية، وتُبرز نفسك من خلالها.

ثالثًا: مارس رياضة جماعية مع بعض أصدقائك بمعدل مرتين إلى ثلاث في الأسبوع.

رابعًا: حاول أن تُرفِّه عن نفسك، بأن تذهب إلى الأسواق متى ما كان ذلك مهمًّا؛ لأن التفاعل من خلال التسوق يعتبر تفاعلاً إيجابيًا، وحضور المناسبات الاجتماعية دائمًا نراه أمرًا جيدًا، فيه خير الدنيا والآخرة.

أيها الفاضل الكريم: تمارين الاسترخاء تعتبر تمارين مهمة وضرورية في حالتك، وموقعنا أعدَّ استشارة تحت رقم (2136015) أرجو أن ترجع إليها، وتطبق التمارين الواردة فيها.

أما بالنسبة للعلاج الدوائي: الإندرال علاج جيد، لكنه بالفعل آني الفعالية، وهو يكبح إفراز مادة الـ (أدرينالين) (adrenaline) أو تسمى (إبينيفرين) (Epinephrine) والتي تُفرز في حالات القلق والمخاوف.

الإندرال أنا أرشِّح أن تتناوله مرة أخرى بجرعة عشرة مليجراما يوميًا لمدة ثلاثة أشهرٍ، ثم تتوقف عنه، لكن الدواء الضروري والمهم لك والذي سوف يُمثِّلُ قاعدة ارتكاز العلاج هو الـ (زيروكسات Seroxat) والذي يعرف علمياً باسم (باروكستين Paroxetine) والزيروكسات CR على وجه الخصوص، تناوله بجرعة صغيرة، وهي 12.5 مليجراما يوميًا لمدة خمسة أشهر، ثم اجعلها 12.5 مليجراما يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم 12.5 مليجراما مرة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة شهرٍ، ثم توقف عن تناول الدواء، وهو دواء سليم، وبهذه الجرعة لا أعتقد أنه سوف تكون له أي آثار سلبية.

من المهم –أخِي الكريم– أن تعرف أن أي أدوية كانت تبنِي لك قاعدة صلبة جدًّا لمقاومة الخوف، لكن تطبيق ما ذكرناه لك من إرشاد مُسبقًا، وتغيير نمط الحياة، واتباع نهجٍ سلوكيٍ يقوم على تجاهل الخوف، والإكثار من التواصل الاجتماعي، وتطوير المهارات الاجتماعية، مع التفكير الإيجابي، هذا هو العلاج الذي يمنع أي انتكاسات، فاجعل لنفسك حظًّا فيه، بل اجعله منهجك.

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً