الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معدلي في الثانوية ضعيف، وأرغب في الدراسة الشرعية، بماذا تنصحونني؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تخرجت من الثانوية قبل سنتين، وأرغب بالدراسة في الشريعة الإسلامية، رغم أن معدلي التراكمي 72، وهذا يؤسفني جدًا، فحينما كنت في الثالث ثانوي أهملت جدًا، وهذا سبب لي انخفاض المعدل.

المعدل التراكمي يؤخذ من الصفين الثاني والثالث الثانوي، وأنا اجتهدت في الصف الثاني، وأهملت في الثالث، علمًا بأني نسبتي في الثاني في الثمانينات، وأما في الثالث فنسبتي سيئة جدًا، لكن على كل الحال الحمد لله أولًا وآخرًا، والحمد لله أني تخرجت من الثانوية.

أرغب الآن بدراسة الشريعة الإسلامية، فكم مدة دراستها، وماذا يلزمني عند دخولها، وإذا كانت النسبة ضعيفة، فهل يمكنني الدخول أم لا؟ علمًا أني أعرف صديقًا لي نسبته أقل مني، والتزم -ولله الحمد-، ودرس شريعة ولم يدفع شيئًا، وهل بعدها سأصبح مدرسًا في إحدى المدارس أم سأصبح مفتيًا؟

أرجو الرد، والنصيحة، وأسأل الله لنا ولكم العفو والعافية.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبًا بك -ابننا الفاضل- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يوفّقك وأن يصلح الأحوال، وأن يحقق لنا ولكم في طاعته الآمال.

نهنئك على إكمال المرحلة الثانوية، ونؤكد لك أنها مرحلة أساسية، وبعدها تأتي الدراسات الجامعية التي تتميز بالمرونة والأريحية، بل هي مرحلة يستطيع الإنسان أن يدرسها مع العمل، والأمر فيها واسع.

دراسة الشريعة شرف وتشريف، وهي أقصر الطرق لربح الدنيا والآخرة؛ لأنها عون على صلاح النفس، وفيها فضيلة بذل الهداية وتعليم ما جاء عن الله وما صحّ عن رسوله، بل فيها كسب مادي وفرص للعمل، ونحن لا نريد لحَمَلة الشريعة أن تكون المادة عندهم هي الأساس، ولكن الرزاق لا يضيّع أولياءه، والعلماء على رأس الأولياء كما قال الإمام الشافعي -رحمه الله-: "إذا لم يكن العلماء هم الأولياء، فلا أعرف لله وليًا"، ولا شك أنه يقصد العلماء العاملين، ونسأل الله أن يجعلنا وإياك من المخلصين.

من الجميل أن يكون للإنسان طموح، وأن يكون رأسًا في الخير، كما قال الله عن الأخيار في دعائهم: {واجعلنا للمتقين إمامًا}، ولكننا نقترح عليك بعد دراسة الشريعة أن تجتهد في تعليم الناس والاحتكاك بهم وفَهْمِ واقعهم؛ لأن ذلك مما يعينك على بلوغ درجة المفتي؛ لأنه يجدُّ للناس من الأحكام بقدر ما يجدُّ لهم من القضايا، فَسِرْ على بركة الله، وشمّر عن ساعد الجد، واستعن -قبل ذلك- بالله.

من الممكن أن تعمل بعد الدراسة في مجال التعليم، ومن خلاله سوف تتعرّف على أحوال الناس وواقعهم، وتجتهد في مجالسة العلماء الكبار، وتتمرّس على الافتاء من خلال مدارسة الفتاوى الصادرة، وتستكمل عناصر القدرة على الاستنباط والترجيح، مع أهمية الورع واستحضار خطورة منصب الإفتاء، وكأنّ المفتي يوقّع عن رب العالمين.

نسأل الله أن يسهّل لك كما سهّل لغيرك، واسألِ الله من فضله، وافرحْ لما يتحقق لإخوانك، واحرص على سلامة الصدر، وأبشر بالخير، واعلم أن من سار على الدرب وصل، ومن جدّ وجد، فافعل الأسباب، ثم توكل على الكريم الوهاب.

وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بالاجتهاد في الطلب، ونسأل الله أن يرزقك حسن القصد وحسن الفهم، وأن يرزقك العلم النافع والعمل الصالح.

سعدنا بتواصلك، وسوف نفرح باستمرارك، ونتمنّى أن نسمع الخير من أخبارك، ونسأله –سبحانه- أن ييسر علينا وعليك، وأن يصلح بالنا وبالك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً