الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خطبت فتاة وتراودني أفكار سلبية أننا سننفصل!

السؤال

السلام عليكم.

الحمد لله خطبت فتاة، وأحب خطيبتي جداً، لكن تراودني أفكار سلبية ووسواس قهري أننا سننفصل، وأني لم أوفق في اختيارها، أو أني سأكرهها يوما ما.

ما الحل؟ علماً بأني أحبها جدا، ومقتنع بها جدا، ولا أريد لذلك أن يحدث.
وعندما تأتيني هذه الأفكار أشعر بالقلق والتوتر واليأس فما الحل؟

الرجاء أفيدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك لك في خطيبتك، وأن يُبارك لها فيك، وأن يجمع بينكما على خير، وأن يُذهب عنك هذه الوساوس وتلك الأفكار السلبية، وأن يجعلكما من سعداء الدنيا والآخرة، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك -أخي الكريم الفاضل-؛ فإن هذه الوساوس مصدرها الشيطان – لعنه الله تعالى – لأن الشيطان يعزُّ عليه أن يراك وقد مَنَّ الله عز وجل عليك بالزوجة الصالحة والاستقرار والأمن والأمان، والشيطان – كما لا يخفى عليك – قعد لابن آدم بأطرقه كلها، كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- وكذلك ورد في الحديث، فالشيطان يحضر المسلم عند كل شأنٍ من شؤونه، فالشيطان عزَّ عليه أنك ستتزوج وتستقر وتكون آمنًا مطمئنًا؛ فبدأ يستعمل هذه الوسائل القذرة في التأثير على قلبك وعقلك حتى يصل بك إلى هذه الحالة المُزعجة المؤلمة التي قد تضطرك إلى الإقبال على تطليقها أو فسخ هذه الخطبة – إذا كانت مجرد خِطبة – وهذا من أهم مقاصد الشيطان وأهدافه.

لأن الشيطان -كما ورد في الحديث- ينصب عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه – أي جنوده – إلى بيوت المسلمين لينظر ماذا يفعلون، فيظلُّ يتفقد هؤلاء الشياطين الذين أرسلهم، يقول أحد جنوده: ما تركتُ فلانًا حتى زنى، فيقول: ما صنعتَ شيئًا، ويقول الآخر: ما تركته حتى سرق، فيقول: ما صنعت شيئًا، لقد أذنب ذنبًا وسوف يتوب فيتوب الله عليه، حتى يأتي إلى واحدٍ منهم فيقول: وأنت ماذا فعلت؟ فيقول: ما تركته حتى فرَّقتُ بينه وبين امرأته، فيقول إبليس: أنت أنت، فيلتزمه – يعني يضمَّه إلى صدره – ويُلبسه تاج الألبسة.

فاعلم أن الشيطان يريد أن يُوصلك لهذه الدرجة، ولذلك أتمنى أولاً أن تحاول أن تحتقر هذه الأفكار السلبية، وكلما جاءتك هذه الأفكار حاول أن تُشتتها، وأن تبصق على الأرض كأنك تبصق عليها، وحاول أن تُغيِّر تفكيرك، بدلاً من أن تفكر في هذا الأمر، فكّر في أي شيءٍ آخر من الأشياء التي حولك، حتى تستطيع أن تُشتت هذه الفكرة لكي لا تتمكَّن منك.

وعليك بالاستعاذة من الشيطان الرجيم والإكثار من ذلك، وحافظ على أذكار الصباح والمساء بانتظام وبدقة، وحافظ على أذكار النوم، ولا تنم إلا على طهارة، والجأ إلى الله تبارك وتعالى بالدعاء، وألح عليه أن يُذهب عنك هذا الشيطان.

ومن الممكن أن تستفيد من الاستشارات التي تُوجد بالموقع فيما يتعلق بكيفية علاج الوسواس القهري، وبإذن الله تعالى أنا واثق أنك سوف تتحسَّن، وستكون في حالة طيبة.

تقول: عندما تأتيك هذه الأفكار تشعر بالقلق والتوتر واليأس، حاول أن تُطارد هذه الأفكار – كما ذكرت لك – حاول أن تقاومها، إمَّا باحتقارها، أو بتشتيت الفكر، بمعنى أنك لا تستسلم للفكرة، وإنما أول ما تشعر بأنها ستغزو عقلك، حاول أن تنظر من النافذة، أو من الباب، أو أن تقرأ كتاباً، أو تُطالع تلفزيوناً، أو تقرأ في الإنترنت، أو أي شيءٍ، المهم أن تُشتت الفكرة، وأن تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم.

كما ذكرت لك: راجع طريقة علاج الوسواس القهري، أو راجع طبيبًا عندك في بلدك، لعل الله تبارك وتعالى أن يصرف عنك هذا المرض المدمِّر الذي قد يصل بك إلى درجات لا تُحمد عقباها.

حاول أن تقاوم، وثق وتأكد أنك سوف تنتصر، لأن الله تبارك وتعالى قال: {إن الله يُدافع عن الذين آمنوا}، وقال جل وعلا أيضًا: {وكان حقًّا علينا نصر المؤمنين}، وقال تبارك وتعالى: {إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم}.

أسأل الله أن يوفقك لكل خير، ولكن كان لي سؤال أيضًا: هل تقصد بالخطبة مجرد الخطوبة العادية أم عقد النكاح؟ إذا لم يكن هناك عقد نكاح؛ فإن الكلام الذي ورد برسالتك ليس صحيحًا، فلا يجوز لك أن تقول (هذه حبيبتي وأنا أحبها) أو (هذه خطيبتي) وأنت تتكلم معها، هذا الكلام كله لا يجوز شرعًا، لأنها ما زالت أجنبية بالنسبة لك، والذي بينك وبينها مجرد وعد بالزواج وليس زواجًا، ولذلك لا يحل لك أن تختلي بها، ولا أن تُصافحها، ولا أن تمسَّ جسدها، ولا أن تتكلم معها فيما يتعلق بالعواطف أو المشاعر أو غير ذلك، لأنها ما زالت أجنبية عنك.

أما إذا كنت عقدت عليها العقد وكتبت الكتاب – كما يُقال – فهي تُعتبر زوجة لك، لا حرج في ذلك كله.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً