الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عندي وسواس العدّ وقراءة اللافتات والأرقام، فما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم

يا دكتور: أنا صاحب الاستشارة رقم (2274293) انفصلنا أنا وخطيبي؛ لأننا لا نصلح لبعض، فهو لا يعلم بحالتي.

ثمة مشكلة نسيت أن أذكرها المرة الماضية، وهي مشكلة العدّ، فأنا أعدّ كل ما حولي، وأقوم بقراءة لافتات المحلات وأرقام السيارات، والمربعات على الأرض، وأقوم بعمل أشكال خيالية على المربعات، وأقوم بكتابة بعض الكلمات التي سمعتها في مخيلتي، وأقوم بعدّ النقاط فيها، وعرفت أن هذا وسواس قهري، فما علاجه؟ وهل سيؤثر علي؟

أما بخصوص الاكتئاب، فقد خفّ كثيراً مع انشغالي بالجامعة، ولكن بعض الأحيان يزيد قليلاً، وأنا أريد التخلص منه نهائياً، فماذا أفعل؟

السؤال الأخير: هو علمي أنني أعاني من الوسواس القهري، والاكتئاب أضعف من ثقتي بنفسي كثيراً، ويسبب لي الحزن، كما أنني كنت ملتزمة دينياً جداً، والآن لست كذلك.

الرجاء المساعدة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إسراء حفظها الله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نعم العدُّ وتكراره باستمرار، والصعوبة في التوقف من هذا، هو نوع أو شكل من أشكال الوسواس القهري، وفي كثير من حالات الوسواس القهري يُصاحبها أعراض اكتئابية؛ لأن صاحب الوسواس القهري يُعاني معاناة داخلية كبيرة، ولا يستطيع أو يجد صعوبة في التخلص من هذه الأشياء، أو من الأعراض الوسواسية، ولذلك تصيبه أعراض اكتئابية.

الحمد لله تعالى أنك تحسنت في كثير من الأشياء، وعاودتِ دراستك الجامعية، ونسأل الله أن يوفقك.

نعم هناك علاج للوسواس القهري والاكتئاب معًا، وهناك علاج دوائي وعلاج نفسي سلوكي معرفي، ويستحسن الجمع بين العلاجين (الدوائي والنفسي). هنالك دواء يسمى تجاريًا باسم (بروزاك Prozac) ويسمى علميًا باسم (فلوكستين Fluoxetine) عشرون مليجراما كبسولات، كبسولة يوميًا بعد الأكل. هذا الدواء يساعد في علاج الوسواس القهري والاكتئاب معًا، يبدأ مفعوله عادةً بعد أسبوعين، ويشعر الإنسان بالتحسُّن بدرجة ملحوظة في فترة ستة أسابيع أو شهرين، وبعد التحسُّنِ ننصح بالاستمرار في تناوله لفترة تتراوح بين ثلاثة إلى ستة أشهر، وعندها يمكن التوقف دون تدرُّجٍ؛ لأنه لا يُسبب أعراضا انسحابية عند التوقف. هذا بخصوص العلاج الدوائي.

أما العلاج النفسي فهو ما يُعرف بمنع الاستجابة، أي لا تستجيبي للفكر الوسواسية بالاستمرار في العرض، وقومي بالصياح والهتاف بصوتٍ عالي: (قف، قف، قف) حتى لو لم تتوقف الأفكار فلا تستجيبي لها، أي نعم الاستجابة لها تُحدث استرخاء وراحة نفسية مؤقتة، ولكن بعدها تعاود الفكرة، استمرارها وتكرارها، ونُصبح ندور في حلقة مُفرغة، لكسر هذه الحلقة يجب منع الاستجابة، سوف يحدث نوع من القلق والتوتر ويرتفع، ولكن بالاسترخاء النفسي عن طريق الاسترخاء بالتنفس بأخذ نفسٍ عميق كل خمس ثوانٍ، وإخراج الهواء (الزفير) أو بواسطة الاسترخاء عن طريق استرخاء العضلات، كل مرَّة نختار مجموعة من عضلات الجسم، نشُدَّها ونُرْخِيها تدريجيًا، هذا يُساعد على الاسترخاء.

التوقف عن الاستجابة -كما ذكرت– للأفكار الوسواسية يؤدي إلى كسر هذه الحلقة المفرغة وتوقف الوسواس وينتهي.

عليك -أختي الكريمة- مجاهدة النفس فيما يخصُّ عباداتك من صلاة، وذكر، وتلاوة قرآن؛ لأنه معروف عنها أنها تُساعد كثيرًا في علاج هذا الوسواس، واطلبي من أحد أقاربك أو أصدقائك أن ينبهك لهذه الأشياء، خاصة تذكيرك بمواعيد الصلاة، واحرصي على الذكر ولو كان قليلاً في الأول، فإنه عون ويدعو إلى الطمأنينة ويساعد كثيرًا في التخلص من الوساوس، مصداقًا لقوله تعالى: {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله} هذا خبر، ثم التأكيد: {ألا بذكر الله تطمئن القلوب}.

وفَّقك الله، وسدَّدك خُطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الجزائر حنان- الجزائر

    بارك الله فيكم وجعله مجهوداتكم في ميزان حسناتكم والله اجابة شافية وكافية انه موقع رائع و متميز فعلا - مشكورين

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً