الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر أن عمري جميعه يمضي وأنا لا أعمل شيئاً، فكيف أغتنم فراغي؟

السؤال

السلام عليكم

أشكركم على موقعكم وجعله الله في موازين حسناتكم.

قال رسولنا -عليه الصلاة والسلام-: (اغتنم خمساً قبلَ خمسٍ حياتَكَ قبلَ موتِكَ وصِحَّتَكَ قبلَ سَقَمِكَ وشبابَكَ قبلَ هَرَمِكَ وغِنَاكَ قبلَ فقرِكَ وفراغَكَ قبلَ شغلِكَ).

أنا في الخامسة عشر من عمري وأعاني من الفراغ بشكل كبير، وأشعر بأنه بلاء وليس نعمة، كيف أقضيه؟ لا أستطيع الخروج من المنزل للندوات والتجمعات الصالحة، وأيضا كيف أستغل مرحلة الشباب؟ أشعر بأن عمري جميعه يمضي وأنا لا أعمل شيئاً سوى تصفح الانترنت.

عائلتي متفرقة جداً وكلما حاولت أن أدخل في مراكز صيفية أو حلقات تحفيظ يرفض أهلي ذلك، واشتريت العديد من الكتب والموسوعات وأهلي أيضا لم يتقبلوا ذلك؛ برأيهم أنه مجرد تضييع للمال.

أنا أحب طلب العلم كثيرا ومتفوقة -ولله الحمد- بدراستي، لكن الدراسة لا تأخذ من وقتي شيئاً كبيراً، فأشعر بالفراغ المرعب، وهواياتي تقتصر على القراءة وحب الاطلاع، وأحاول إصلاح نفسي لكن لا أحد يعينني على ذلك، كلما قلت لوالديّ أنني أريد تغييراً يحتقرونني ويجيبون بأنهما يوفران لنا كل ما نحتاجه! أنا لا أريد الانترنت وأتمنى أن أتخلص منه بأسرع وقت، لكن لا بديل! وبيني وبين إخوتي مشاكل كلما حاولت إصلاحها فسدت أكثر!

وأيضا لدي مسألة أخرى: كنت دائما أدعو الله أن يرزقني حفظ القرآن، وبعد فترة حكت لي فتاة أنها حلمت بي حلماً وفسرته لنا امرأة صالحة، وتفسيره بأنني أمتلك قدرة على حفظ القرآن، أشعر بأنه أقيمت علي حجة لكن ماذا أفعل وليس بيدي حيلة؟ هل يمكن أن أحفظ القرآن لوحدي؟

جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

يسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يُبارك فيك، وأن يُكثر من أمثالك، وأن يثبِّتك على الحق، وأن يجعلك من الصالحات القانتات، وأن يُوفقك لطاعته ورضاه، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك؛ فنحن في قمَّة السعادة حقيقةً باتصالك بنا – يا بُنيتي – ونسأل الله أن يُبارك فيك، وأن يُبارك لك وعليك، وفيما يتعلق بقضية حفظ القرآن: إذا لم يتيسَّر لك مُحفِّظٌ أو مُحفِّظةٌ فهناك برنامج يُسمَّى (المُصحف المُعلِّم) وهو موجود على الإنترنت، حيث إن الشيخ يقرأ الآية ويعطيك فرصة لتقرئين وراءه، ثم تستمعين إلى قراءتك وتصححين القراءة، ما دام لا توجد هناك فرصة وأهلك يرفضون أن تذهبي إلى مراكز التحفيظ، وهذا الحل وإن كان مؤقتاً إلا أنه سوف يُعينك على أن تبدئي في حفظ القرآن الكريم، والأخطاء ستكون ضعيفة جدًّا، وميزة هذا البرنامج – يا بُنيتي – أنه سوف يُساعد في أنك إذا أخطأتِ سيرَدُّ عليك الخطأ، بمعنى أن هذا برنامج مُتقدِّمٌ وفيه خيرٌ كثير.

كذلك – يا بُنيتي – تستطيعين أن تُنزلي على كمبيوترك أو اللاب توب الخاص بك – أو أيَّا كان الجهاز – المكتبة الشاملة، وهي موجودة على الإنترنت أيضًا، وبها -ما شاء الله- مئات الآلاف من الكتب، تستطيعين من خلالها أن تبدئي في الكتب التي تُريدين، وهناك برنامج تفصيلي، من خلاله تستطيعين أن تتعرفي على كيفية الدخول والخروج، وكيفية فتح المراجع، وكيفية الاحتفاظ بالصفحات التي قرأتها، كل ذلك -بإذن الله تعالى- فيه عِوضْ عن الحرمان الذي تكلمت أنت عنه.

وأنا حقيقة سعيدٌ جدًّا بأنك حريصة على ألا تُضيعي وقتك، فهذا من توفيق الله تبارك وتعالى لك، أن الله أعطاك الهِمَّة العالية لكي تُحافظي على وقتك من الضياع، ولفت انتباهك إلى أهمية الوقت في حياة المسلم، وهذه من نعم الله عليك ومن إحسان الله تبارك وتعالى إليك.

فأنا أقول –بارك الله فيك– تستطيعين عن طريق البرنامج (القرآن المعلِّم) تعلم القرآن، وكذلك المكتبة الشاملة، وتبدئي تقرئين في الكتب التي لا تحتاج إلى مجهود كبير، لأن هناك كتب، مثل كتب السيرة والتاريخ تحتاج فقط إلى مجرد قراءة عادية، وسوف يتوفر عندك قدر كبير من المعارف التاريخية، خاصة سير الصحابيات، سير أُمَّهات المؤمنين – رضي الله تعالى عنهن جميعًا - .

واحرصي – بارك الله فيك – أن تكون مادتك العلمية كلها مادة شرعية، لأنك الآن في مرحلة التكوين الذهني، فحتى يتكون عقلك بطريقة صحيحة تستطيعين أن تدخلي على كتبٍ تتعلق بأمراض القلوب وفي الرقائق وغير ذلك، أما مسألة الأحكام هذه فاتركيها إلى وقتٍ متأخر؛ حتى يتمكن الإيمان من قلبك.

أنا واثق أنك سوف تستفيدين وتنجحين، لأن الله يُحبك، والدليل على ذلك أنه شرح صدرك لهذه النعم العظيمة، وأنت ما زلت صغيرة يا بُنيتي.

اصبري على أذى أهلك، وتحمليهم، وحاولي قدر الاستطاعة بين الحين والآخر أن تعرضي على والدك أن تذهبي إلى بعض مراكز التحفيظ؛ لعله أن يكون اليوم رافضًا وغدًا يُصبح موافقًا.

وصلي ركعتين بنية قضاء الحاجة، وتوجَّهي إلى الله بالدعاء أن يشرح الله صدر والدك لانضمامك إلى مركزٍ من مراكز تحفيظ القرآن، فإن وافق فهذا -والله- فضلٌ ونعمة، وإذا لم يُوافق فأنا دللتُك على الطريق، وأعتقد أنك سوف تُحققين إنجازًا رائعًا.

حاولي أن تهتمي بدراستك – يا بُنيتي – وأتمنى أن تعتقدي الأمل على أن تكوني الأولى على صفِّك، وأن تكون الأولى على مدرستك، لأن القوي هو الذي يخدم الدين – يا بُنيتي – أما الضعيف فهو مسكين، يحتاج إلى من يُساعده، ولذلك لا يستطيع أن يخدم دينه، ومن هنا قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (المؤمن القوي خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف).

وفقك الله لكل خير، وهدانا وإياك لطاعته ورضاه، هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • المغرب سارة

    الحمد لله
    جزاكم الله خيرا كثيرا والله انني اثق فيكم وفيما تقولون هذه نعمة الله وفضله ورحمته وفقكم الله تعالى

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً