الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بالخوف الشديد عند الأماكن الواسعة ومن المواجهات الاجتماعية

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أود في البداية أن أشكر كل من يقوم على هذا العمل العظيم، ويجعله الله في ميزان حسناتكم.

منذ أن كان عمري 18 سنة، وأنا دائم الشعور بالخوف الشديد من الأماكن الواسعة، ومن المواجهات الاجتماعية، وأخاف كثيرًا عند سماع خبر حادث، أو وفاة وكأني انسكب عليّ ماء بارد جدًا، وكنت لا أعرف السبب، وكنت كثير التردد على الأطباء، منهم أطباء الباطنية والقلب والمخ والأعصاب -والحمد لله- يقولون: لا يوجد علة ما.

تهدأ الأمور كثيرًا عند التفكير بشيء آخر، أو مع الأصحاب في جو هادئ، كان هناك فترات تزيد عليّ بنسبة كبيرة جدًا، وكنت كأني مخدرا، وغير قادر علي عمل أي شيء.

حاليًا أعاني وبشدة من قيادة السيارة بمفردي، وعدم القدرة على السيطرة على نفسي، على عكس عندما يكون أحد بجواري فلا يحدث إلا توتر خفيف عند القيادة على (كوبري) عال، أو نفق فأشعر بكتمة شديدة، وتعرق وألم شديد ناحية الرقبة اليسرى، وإحساس بعدم القدرة على بلع ريقي، وكثرة التجشؤ.

منذ فترة أجريت بعض التحاليل فوجدت نسبة الكوليسترول مرتفعة، وأنا آخذ علاج كريستور حاليًا، ودائم الشعور بأن النسبة مرتفعة، وأن شيئًا ما سوف يحدث لي بسبب هذا.

وكذلك سرعة غضبي ونرفزة سريعة لا أعرف لها مبررًا.

أرجو الإفادة، وماذا أعمل؟ وهل لو أخذت علاجًا ما سيسبب الإدمان، أو أعراضًا جانبية خطيرة؟

شاكر لسيادتكم وآسف على الإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أسامة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرًا لك على كلماتك الطيبة، ونسأل الله العلي العظيم أن يوفقنا لما فيه الخير للجميع، وكل عامٍ وأنتم بخير.

واضح جدًّا من وصفك ما كنت تعانيه، حيث كنت تعاني بصورة عامة من اضطراب القلق، والقلق له نوعان من الأعراض:
- أعراض جسدية مثل: زيادة ضربات القلب، والارتعاش، والتعرق الشديد وآلام جسدية مختلفة – وهلمَّ جرّا –.

- وأعراض نفسية مثل: الضيق والتوتر، والخوف والمخاوف، ومع القلق عندك نوعان من المخاوف، أو الرهاب: رهاب الساحة، وهو الرهاب عند الخروج من المنزل، ورهاب اجتماعي أو قلق اجتماعي.

ولهذا السبب كانت كل التحاليل والفحوصات سليمة، فليس هناك مرض عضوي يُسبب هذه الأعراض، وحتى ارتفاع الكولسترول الذي ذكرته فإنه لا يُسبب هذه الأعراض، بل نسبة الكولسترول في الجسم هي عامل من عوامل الإصابة بأمراض القلب، وليست أكيدة، وعلاج هذا معروف؛ باتباع الحمية المعينة، والأدوية التي تُخفض من الكولسترول في الجسم، ولكنها ليست مسؤولة عن الأعراض التي ذكرتها.

العلاج نوعان: العلاج بالأدوية، وهي الأدوية التي تؤدي إلى زيادة نسبة السيروتونين في المخ، وهي على الإطلاق لا تُسبب إدمانا، وأعراضها الجانبية بسيطة، وغالبًا تكون نوعًا من الغثيان وآلاما في البطن، وعند أخذها بعد الطعام والبداية بجرعة صغيرة فإن معظم هذه الأعراض مقدور عليها.

أما النوع الآخر من العلاج، والذي ليس له أي أعراض جانبية فهو العلاج السلوكي المعرفي، وقد أثبتت كل الدراسات أن الجمع بين العلاج الدوائي والعلاج السلوكي المعرفي هو أنجح الطرق للخلاص من الرهاب الاجتماعي ورهاب القيادة التي تعاني منها الآن.

ويُستحسن أن تجد معالجًا نفسيًا له دراية في هذا النوع من العلاج، وإن لم تجد فيمكنك أن تبدأ بنفسك بالتدرج، أي تقود السيارة لمسافة بسيطة لوحدك حتى يزول منك القلق، ثم تزيد المسافة بالتدريج، ولا بأس في الفترة الأولى أن يكون هناك شخصٌ معك في المسافات الطويلة، ولكن قُد السيارة بنفسك في المسافات القصيرة، ثم زد المسافة بنسبة معينة، حتى ينتهي هذا الخوف بإذنِ الله.

وفقك الله.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً