الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اكتئاب نفسي وتشاؤم من كل شيء

السؤال

السلام عليكم!
لم أعد أتحمل العيش أكثر من هذا! حيث أرى كل شيء في الدنيا أسود، ولا أجد السعادة! مع أن الظروف المحيطة بي جيدة، ولو كان هناك شخص في مثل ظروفي لكان محظوظا! ليس لدي مشاكل عائلية كثيرة، لكن مشاكلي النفسية ليس لها حدود! ولا أظن أني سأتخلص منها؛ لأن منها ما يعود إلى طفولتي، ولا أحد يعلم بها!
حالتي تزداد سوءا يوماً بعد يوم! أصبحت كسولة، ولا أقوى على الذهاب إلى العمل! فأحياناً أذهب متأخرة، وأحياناً أغيب بلا سبب! أحس بالفشل، وصعوبة في التركيز، وعدم القدرة على التعبير الجيد! حركاتي أصبحت متثاقلة! وأجد صعوبة في الضحك! بالإضافة إلى حساسيتي المبالغ فيها.
لا أستعمل قط عقلي، بل العاطفة فقط، أحياناً ينتابني البكاء في الشارع بمجرد أني رأيت متسولا! حيث أتخيل أن أحداً من عائلتي سيصبح مثله، وهذا مجرد وهم! أتذكر أني عندما كنت طفلة كنت نشيطة، وأحب الحياة! وأما في سن المراهقة كنت لا أزال أحب الحياة، لكني حينها مررت بأزمات عصبية، وهيجان، وصراخ، لم أكن أتحمل الانتقاد، أو التوبيخ من الأساتذة، وقد تشاجرت مع معظم أساتذتي آنذاك، واستدعي ولي أمري أكثر من مرة! لكن والداي همهم الوحيد أن أدرس جيداً لا غير!
وفي الوقت الحالي أصبحت كسولة، ولا أملك الصبر البتة! وعصبية المزاج، ومتقلبة، وأتردد كثيراً في اتخاذ أي قرار! كارهة كل شيء في الدنيا! وبسبب قلقي الدائم، وعصبيتي، تؤلمني معدتي في كثير من الأحيان! ونبضات قلبي دائماً متسارعة.
أحس بأني كبرت ولم تعد عندي أحلام أحاول تحقيقها! حتى أحلامي في المنام سيئة! وآخر مرة حلمت أني أقسمت لعائلتي أني سأنتحر! وهذا مجرد حلم؛ لأني ـ مع كرهي للحياة ـ فإني لا أفكر في الانتحار، فأنا أؤمن بالله، وأصلي، وأعرف أن الانتحار حرام.
ماذا أفعل لتتغير نظرتي، وأصبح أكثر تفاؤلاً؟! أرى كل شيء صعبا: العمل، وحتى الزواج ليس لدي رغبة فيه! مع أني في سن الزواج، وحتى الأشياء التي كنت أحبها في الماضي أصبحت أعجز عن فعلها، كالرسم، والمطالعة، وكتابة القصص!

أرجو منكم إفادتي بجواب، أو بنصيحة في أقرب وقت!
والسلام ختام!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
هنالك جملة من المشاعر السلبية التي سيطرت على وجدانك وكيانك، وهذه بلا شك صورة من صور الاكتئاب النفسي المتوسط الدرجة، والاكتئاب النفسي مرضٌ شائع في زماننا هذا، ويكون مرده لأسباب مرسبة، كشخصية الإنسان، أو العوامل الوراثية التي تتفاعل مع الظروف الحياتية السلبية، ولكن في كثيرٍ من الحالات لا توجد أي أسباب، وهذا يدعم النظرية التي تقول: (إن سبب الاكتئاب النفسي هو خلل في بعض المواد الكيميائية التي يفرزها المخ) وقد تمركزت الدراسات حول المادة التي تعرف باسم سيروتينين.

أنت بلا شك في حاجة للعلاج، ويتكون هذا العلاج من شقين: الجانب النفسي والجانب الدوائي.

أما بالنسبة للجانب النفسي، فيعتمد على ما يُعرف بالتغيير المعرفي، وهذا هو الذي وصفه العالم النفسي بيك، وأرى أن ذلك سوف يكون مناسباً جداً في مثل حالتك، وهذا العلاج في أبسط صورة، وهو أن تقومي بحصر كل الأفكار السلبية التي لديك، ثم تستبدلي كل فكرة سلبية بأخرى إيجابية، بمعنى إذا سيطر عليك الشعور بالفشل، فهنالك النجاح، وتحاولي أن تكرري فكرة النجاح مثلاً أكثر من 50 مرة صباح ومساء، وهكذا، حتى تتضخم هذه الفكرة الايجابية لديك، مما ينتج عنه اضمحلال وضعف الفكرة السلبية، وهذا العلاج يتطلب ضرورة عدم احتقار الإيجابيات الموجودة في حياتك مهما كانت صغيرة؛ لأن هذه الايجابيات هي التي سوف تبنى عليها خارطة التفكير الجديدة لديك.

أما العلاج الدوائي، فتعتبر الأدوية المضادة للاكتئاب فعالة جداً في مثل حالتك، والحمد لله توجد عدة أدوية الآن تتمتع بدرجةٍ عالية من الفعالية والسلامة، وأود أن أصف لك هذه الأدوية، ومنها العقار المعروف باسم إيفكسر Efexo، وجرعته هي 75 ملجم يومياً لمدة شهرين، يمكن أن ترفع بعدها الجرعة إلى 150 ملجم يومياً، وتكون مدة العلاج الكلية 9 أشهر، بعدها تخففي الدواء إلى 75 ملجم يومياً لمدة أسبوعين، ثم إلى 37,5 ملجم لمدة أسبوعين أيضاً، ثم يمكن أن يوقف بعدها العلاج.
أسأل الله لك عاجل الشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً