الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مارست العادة السرية وأريد تركها كلية.... فهل ستقبل توبتي؟

السؤال

السلام عليكم

عمري 19 سنة، ارتكبت ذنوبا كثيرة في حياتي مثل البشر، فقد كنت قريبة من الله طوال حياتي، ولكن لمدة سنة ونصف ابتعدت عن الله وكنت أعصيه بممارسة العادة القبيحة، كنت أنوي التوبة وأعود لها وأندم، ثم أعود لها مرة أخرى، ظللت على هذا الحال لمدة سنة ونصف.

الآن علمت بأن حكمها في الغسل حكم الجنابة، وأن لها أضرارا كثيرة، فقررت ألا أعود لها نهائيا، وأريد أن أتوب توبة نصوحا، لكني أخاف لأني قرأت قبل ذلك أن الله قد يحول بين العبد وبين التوبة إذا تكرر الذنب، أريد أن أسأل ما هو موقفي الآن؟ وهل أثق بأن الله سيقبل توبتي ويحول سيئاتي إلى حسنات؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ laila حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله -جل جلاله- بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، وأن يُجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن. كما نسأله تبارك وتعالى أن يقبل توبتك، إنه جوادٌ كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك -ابنتي الكريمة الفاضلة– فأنا أُحِبُّ أن أبشِّرك فعلاً بأن الله يغفر الذنوب جميعًا، ولكن شريطة أن تكون التوبة نصوحًا، وكونك قد تبت إلى الله تعالى ثم رجعت أكثر من مرة، ثم عقدت العزم الآن على توبة نصوح، أقول: هذه علامات التوبة المقبولة، فإن من علامات التوبة المقبولة أن العبد إذا تاب توبة وكان جادًا صادقًا أن يقبل الله تبارك وتعالى منه توبته.

كيف نعرف أن الله تعالى قبل منا التوبة؟ قال الله تعالى: { ومن تاب وعمل صالحًا فإنه يتوب إلى الله متابًا} أي من تاب ثم عمل أعمالاً صالحة فإن الله قبل توبته، أي أنه بعد التوبة يعمل الإنسان الأعمال الصالحة تباعًا، من محافظةٍ على الصلاة في وقتها، وتلاوة للقرآن، والمحافظة على كل ذكرٍ، وكثرة الاستغفار والتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير، والمحافظة على أذكار الصباح والمساء، والمحافظة على السنن الراتبة، والمحافظة (مثلا) على صلاة الضحى، والمحافظة على شيءٍ من صلاة الليل، وعلى صيام الاثنين والخميس وثلاثة أيام من كل شهر هجري مثلاً، وقد قال الله تعالى: {أقم الصلاة طرفي النهار وزُلفى من الليل إن الحسنات يُذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين} فالأعمال والطاعات هذه الصالحة حسنات يُذهب الله بها السيئات بإذنه تعالى، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من تاب تاب الله عليه).

إذًا أنت الآن - الحمد لله تعالى - قد أدركت خطورة هذا الذنب، وأدركت الأثر المترتب عليه، وهذا كله يدل على أن الله تبارك وتعالى أراد بك خيرًا، خاصة وأنك قررت ألا تعودي إليها، وأن تتوبي توبة نصوحًا طوال حياتك.

تقولين أنك تخافين من أنك قرأت قبل ذلك أن الله قد يُحول بين العبد وبين التوبة إذا تكرر الذنب؟
الحمدُ لله تعالى ليس هناك ما يحول بينك ويبن التوبة، فالآن أنت تبت إلى الله تبارك وتعالى، وقد أخذت قرارًا بأن تتوقفي عن المعصية، وهذه هي التوبة، لأن التوبة عبارة عن:
• ترك الذنب فورًا - الإقلاع عن الذنب -.
• الندم على فعله.
• العزم على عدم العود إليه.
وأنت - الحمد لله تعالى - أساسًا قد استوفيتِ هذه الأركان، ويُضاف إلى ذلك أن تُترك المعصية حياءً من الله تعالى، ليست خوفًا لا من أضرار صحية ولا من فشل أسري ولا من شيء، وإنما نترك الذنب ابتغاء مرضاة الله تعالى.

وأما مسألة أن يُبدِّل الله سيئاتك حسنات، هذا متوقف على مدى صدق التوبة، فإذا كنت صادقة وجادة فعلاً مخلصة ومن أعماق قلبك فالله تبارك وتعالى قد يمُنَّ عليك بهذه النعمة العظيمة، وهي نعمة أن يُبدِّل سيئاتك حسنات، وما ذلك على الله بعزيز.

فالأمر الآن في يدك، فأنت الوحيدة القادرة على أن تجعلي توبتك بهذا المستوى، من أنها تكون من أعماق قلبك، وتكوني جادة ألا تعودي إليها تحت أي ظرفٍ من الظروف، وأن تُتبعي التوبة بالأعمال الصالحة، كما ذكرنا {إن الحسنات يُذهبن السيئات}، وأن تجتهدي الاجتهاد كله في ألا ترجعي للمعصية، وبإذن الله تعالى أنا واثق من أن الله لن يُخزيك، وأن الله سيتفضَّل عليك ويُكرمك بأن يُبدِّل سيئاتك حسنات - كما ذكرت - شريطة أن يكون عندك يقينًا في ذلك وحُسن ظنٍّ في الله، وأن يكون عندك إصرار أكيد على ألا تعودي إليها، وأن تتركي الذنب حياءً من الله، وأسأل الله تبارك وتعالى أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، وأن يُبدِّل سيئاتك حسنات، إنه جوادٌ كريم.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً