الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إرشادات لشاب في عدم رغبته في خطيبته مع إصرار والدته عليها والدعاء عليه

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شابٌ أقدمت منذ فترةٍ قصيرة -حوالي خمسة أشهر تقريباً- على خطبة فتاةٍ محترمة، وذات خلق، ومن عائلةٍ محترمة، علماً بأنني في السابق لم أفكر بالأمر، إلا أن الأهل أصروا علي بذلك، وبدأ البحث عن فتاة حتى تم الاختيار عليها، وأخبروني عنها، ثم ذهبت أنا وهم لكي أراها، ولكنني في بداية الأمر وقبل الذهاب لم أكن مرتاحاً ولا مقتنعاً، وكنت قلقاً، وعندما ذهبنا ورأيت الفتاة، وجلست معها وتحدثت معها، وكان ذلك حسب طلبي وطلب أهلها، وبعد أن انتهينا لم أقل شيئاً سوى: لعله خير، وحقيقةً بيني وبين نفسي لا أريد الجواب بـ(نعم) أو (لا) إلا بعد التفكير بالأمر جيداً.

وعندما عدنا إلى البيت بدأ السؤال: ما رأيك؟ قلت لهم: أريد أن أفكر بالأمر، وبعد أيامٍ قررت وقلت لهم: لا أريدها، وهنا بدأت المشكلة بيني وبين والدتي التي تُصر عليها، وغضبت أمي كثيراً، ومرضت، ولعنتني، وفي النهاية لم أستطع الصمود، ولا سماع: (الله يغضب عليك)، فقبلت خوفاً من الله وخوفاً على أمي، وحتى الآن لم أستطع الاندماج مع هذه الفتاة، ولم أستطع أن أحبها، وغير قادر على تركها خوفاً أن أظلمها، ولا أريد أن أظلم نفسي معها، وأقسم لكم أنني حاولت أن أحبها وأن أتقبلها لكنني لم أستطع، وما زلت أحاول وأفشل، فأخذت القرار بتركها، ولم يبق إلا التنفيذ، فأنا لا أحب الخداع ولا الكذب بتلك المشاعر، ولا الظلم لأحد، وقبل التنفيذ أريد رأيكم، فأنا أثق بكم، فأرجو ألا تبخلوا علي.

أفيدوني بالجواب الشافي بأقصى سرعة ممكنة، وجزاكم الله كل الخير لخدمة الأمة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ بيشو حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك (استشارات الشبكة الإسلامية)، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يمن عليك بالزوجة الصالحة التي تقر بها عينك وتسعدك.

وبخصوص ما ورد برسالتك: فمما لا شك فيه أننا نعاني كثيراً من تدخل الأسرة -خاصةً الوالدة- في مسألة اختيار الزوجة، وفرضها أحياناً بالقوة، وهذا في حقيقة الأمر ليس من حقهم شرعاً، بل إن من حق الفتاة أن ترفض من يتقدم إليها حتى ولو وافق عليه أهلها، في حين أن بعض الأسر لا تعترف بهذا مطلقاً، لا مع الفتاة ولا مع الشاب، وهذا كله مخالفٌ لشرع الله، الذي جعل هذا حقاً خالصاً للطرفين في المقام الأول، وليس أمامنا إلا أن نقول: اللهم فقّه المسلمين جميعاً في الدين، وارزقهم الطاعة لك ولرسولك، وأعنهم على عدم رد شرعك وهدي نبيك صلى الله عليه وسلم.

وأما بالنسبة للذي ذكرته فليس من حق والدتك إجبارك على قبول فتاةٍ أنت لم تسترح لها؛ لأن الحياة الزوجية تختلف عن غيرها من العلاقات، فإذا لم تكن قائمة على قناعة متبادلة أو -على الأقل- عدم نفرة من الطرفين؛ فإن مصيرها الفشل والطلاق مهما طال الزمن غالباً.

لذا أرى أخي الفاضل أن تصلي ركعتي استخارة، وأن تلح على الله أن يشرح صدرك للذي هو خير، فإذا لم تتحسن الأحوال وتتغير عاطفتك تجاهها خلال هذه الفترة فاعتذر لوالدتك، واطلب من أحد أقاربك مساعدتك في ذلك، حتى تتوقف عن لعنك والدعاء عليك، ثم قُم بالاعتذار إلى أهل هذه الفتاة، وبيّن لهم أنه لا عيب فيها، وإنما لعل الله لم يجعل لك نصيب فيها، وعسى الله أن يرزقها خيراً منك، واعلم أخي أنها لو كانت من نصيبك فلم ولن يأخذها غيرك، وإذا لم تكن لك فلا يمكن أن تأخذها، وهذا هو نظام القضاء والقدر الذي يحكم الله به خلقه، والذي لا يمكن لأحدٍ أن يخالفه مهما كانت قدرته وقوته، فاستخر الله، وسله أن يشرح صدرك للذي هو خير، وإذا لم توفق فاعلم أنها لغيرك، فاعتذر لها، وابحث عن غيرها، والحق جل جلاله قال: (( وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ))[البقرة:216].

وبالله التوفيق.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً