الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بأعراض جسدية مختلفة واكتئاب وقلق

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أنا شاب، عمري (21) سنة، ولدي ألم في رأسي يأتي ويذهب، ودوخة خفيفة، وعدم تركيز، وألم من الرأس على الرقبة وعلى الكتف الأيسر واليد اليسرى، ولا أعرف ما السبب! ولدي اكتئاب وألم بالمعدة أحيانا، مع الشعور بالغثيان، وألم بالجنب الأيسر مكان القولون، وعملت فحوصات عن الكولسترول وفقر الدم وفيتامين دال والقلب، وكلها سليمة -الحمد لله-.

لدي عملية في أذني اليسرى، وهي رقع الطبلة، وفشلت العملية، وسنعملها ثانية، ولدي تفكير وقلق، مع أني كلما أجلس على ظهري؛ أشعر بأن عمودي الفقري ينبض من الأعلى بين الكتفين، ولدي تفكير بأن لدي مشكلة في الدماغ أو الأعصاب بالرأس، وأني سأموت!

أفيدوني، جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سعيد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في إسلام ويب.

أعراضك التي ذكرتها والتي تشتكي منها، من دوخة وعدم تركيز وألم في الرقبة وألم في الكتف الأيسر، وكذلك اضطراب القولون العصبي (Irritable Bowel)، وألم بالمعدة: هذه كلها -أيها الفاضل الكريم- ناتجة من القلق، القلق النفسي يتجسَّدُ ويتمثَّلُ في شكل أعراض جسدية عضوية، دون أن يوجد مرض عضوي حقيقي، وهذا لا يعني أنك متوهم، لا، توجد حالة نفسية بسيطة، لكنها هي التي أدَّتْ إلى هذه الأعراض الجسدية، وحين تتحسَّس الأعراض الجسدية وتُركِّز عليها وتُسبِّب لك شاغلاً، هذا أيضًا يجعلك تعيش المزيد من القلق والتوجُّس والخوف من المرض.

أيها الفاضل الكريم: أنت -إن شاء الله تعالى- بخير، وصحتك ممتازة، ويجب ألا تلتفت لهذه الأعراض، اسعَ لتجاهلها، اسعَ لتحقيرها، وفي ذات الوقت أدْخِل مُدخلاتٍ صحية إيجابية على حياتك. أول المُدخلات هي أن تنام نومًا ليليًا مبكرًا، هذا مفيد جدًّا، والنوم ما بين الصلاتين -أي بعد صلاة العشاء والاستيقاظ قبل صلاة الفجر- هو أفضل أنواع النوم، فيه يتم استرخاء كامل للجسد، ويكون هنالك إفراز لمواد كيميائية وأنزيمات وهرمونات إيجابية جدًّا؛ لترميم الصحة الجسدية وكذلك الدماغ، ممَّا ينعكس إيجابًا على النفس.

ثانيًا: تنظيم الغذاء، هذا لا بد أن يكون، لا بد أن يكون غذاؤك متوازنًا، يحتوي على المكونات الرئيسية المعروفة، وهي: البروتين، وشيء من الكربوهيدرات، وكذلك الدهنيات بكميات قليلة، والإكثار من الخُضَر -مهمُّ جدًّا- من أجل الفيتامينات.

ثالثًا: أن تكون لك أهداف في الحياة، فالذي لا أهداف له يتفرَّغُ للفراغ -الفراغ الذهني والفراغ الزمني- وهذا يؤدِّي إلى هواجس مرضية كثيرة جدًّا، ويبدأ الإنسان يُعظِّم حتى الأعراض النفسية والجسدية البسيطة لديه. هذا التضخيم يُقهر من خلال حُسن إدارة الوقت، وأن يكون للإنسان أهداف وآمال.

رابعًا: حسن التواصل الاجتماعي، والحرص على بر الوالدين، والمشاركات الإيجابية في نطاق الأسرة، هذا مهمٌّ جدًّا، وصلاة الجماعة أمرٌ تعبُّدي، لكن في ذات الوقت له عائد نفسي عظيم جدًّا، وعائد اجتماعي فعّال جدًّا، فاحرص على ذلك.

أيها الفاضل الكريم: اجعل لنفسك خُططا وطريقا للإنجاز لتحقيق آمالك، فأنت في بدايات سِنِّ الشباب، يا ليتنا عُدنا لهذا العمر؛ لنفعل ما لم نهتمَّ به سابقًا! فلا تُضيِّع وقتك، واستثمر هذا الوقت وهذا العمر الجميل، والحياة طيبة أيها الابن الكريم.

ربما تحتاج لعلاج دوائي بسيط، عقار (جنبريد genprid) والذي يسمى علميًا باسم (سلبرايد Sulipride) متوفر في المملكة، ولا يحتاج لوصفة طبية، يمكنك أن تتناوله بجرعة خمسين مليجرامًا (كبسولة واحدة) ليلاً لمدة أسبوع، ثم اجعلها كبسولة صباحًا ومساء لمدة شهرٍ، ثم كبسولة واحدة مساءً لمدة شهرٍ آخر، ثم توقف عن تناوله. هو دواء مفيد جدًّا لعلاج الأعراض النفسوجسدية (سيكوسوماتية Psychosomatic) الناشئة من القلق.

وإنْ ذهبتَ إلى طبيبٍ -طبيب الأسرة أو طبيب نفسي- هذا أيضًا سوف يكون مفيدًا، وسوف يُطمئنك بصورة أفضل.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً