الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معاملة الابن الكبير بعد مجيء الصغير

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا متزوج منذ 13/01/2003، ورزقني الله بابنة أسميتها بسملة، وأدعو الله أن يوفقني في تربيتها وجعلها صالحة ونافعة لنفسها ودينها.

يوجد شيء أشعر بالقلق الشديد تجاهه! أريد أن أوفر دائماً في المنزل جواً من الود والدفء والحب؛ لكي ينشأ الأطفال بصورة سليمة؛ ولهذا كثيراً ما أتعمد أن أحضن زوجتي أمام الطفلة، ولكن أحياناً أجدها تبكي بصورة بسيطة، أو متضايقة، أو إنني لا أفهم ما تقصده! ولهذا أريد أن أعرف: هل ما أفعله صحيح أم لا؟

لقد حرمت من الود والدفء في الأسرة التي نشأت فيها؛ ولهذا أبذل أقصى ما أستطيعه لكي أوفر لأسرتي الصغيرة ما حرمت منه، أرجو أن أكون وضحت ما أرمي إليه قدر المستطاع.

بإذن الله سيرزقني الله بولد، وسأسميه حمزة ـ تيمناً بعم الرسول صلى الله عليه وسلم ـ ولكني أقلق بخصوص الموازنة ما بين الطفلين! بسملة الآن عمرها سنة وأسبوعين، أريد أن أعرف الخطوط العريضة لما يجب أن أفعله.

شكراً جزيلاً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابن العزيز/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنسأل الله العظيم أن يصلح لنا ولكم النية والذرية، وأن يرزقنا السداد والرشاد! ونسأله أن يبارك لك في الموهوب وأن يرزقك بره، وأن يبلغه رشده.

فإن الطفل في صغره يتأثر بما يشاهده ويسمعه، فإن شاهد خيراً وسمع خيراً نطق بالحكمة واعتاد الصواب والرشاد. والأسرة الناجحة توفر لأطفالها بيئة عامرة بتلاوة كتاب الله، والركوع والسجود لله، فإن رسولنا ـ صلى الله عليه وسلم ـ وجهنا بأن نجعل في بيوتنا من صلاتنا وقرآننا، وقد ثبت علمياً بأن الطفل ينتفع بتلاوة آمه للقرآن وهو في بطنها، ويستفيد من سماع القرآن في طفولته الباكرة؛ لأنه يعتاد مقاطع ونبرات القرآن، وهذا يجعله سريع الحفظ مستقبلاً بإذن الله! ولأجل هذا فلا تظنوا أن هذه الطفلة لا تفهم!

وقد كان ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ لا يعاشر أهله إذا كان في الحجرة طفل رضيع، فالصواب هو عدم فعل هذا التصرف أمام الطفلة؛ لأن هذا يؤثر بلا شك، وينطبع ما تشاهده في مخيلتها، ومن الطبيعي أن تتضايق؛ لأنها لا تعرف تفسيراً لهذا التصرف، فقد تعتقد أنه اعتداء على أمها، وربما تشعر بأن الاهتمام صرف عنها، وحتى لو لم يحدث منها رد فعل في الحال فإنها مستقبلاً تتأثر بهذه المناظر والتصرفات، وعليه، فلابد من إبعاد الأطفال عن الأصوات المخيفة والحركات المزعجة، وإذا شعر الطفل بخوف أو ضيق، فالعلاج أن تحتضنه أمه، وتجتهد في محو الآثار التي ظهرت عليه، ويفضل أن تساعده على النوم حتى ينسى الموقف.

ونحن نوافقك على حاجة أسرتك لدفء العواطف، ولكن الصواب أن تعبر عن ذلك بالوسائل المناسبة وفي الأوقات المناسبة، ولابد أن تدرك بأن الاهتمام بأمور البيت والقيام بالواجبات، واستخدام الكلمات الطيبات، والحرص على الابتسامات المشرقات، وغير ذلك من الأشياء الجميلة دليل على الود والعطف والمحبة.

ونسأل الله أن يكتب السلامة لزوجتك! وأن ينبت حمزة وأخته نباتاً حسناً! وأن يجعل الصلاح ميراثاً في ذرياتنا جميعاً إلى اليوم الدين! ونوصيك ـ بإذن الله ـ بما يلي :

1- احرص على أن تشكر نعم الله عليك، وتذكر أن رأس الشكر العمل بطاعة الله والحرص على تقواه .
2- عندما يخرج الطفل من بطن أمه تسارع بالأذان على إذنه اليمنى، وتقيم الصلاة في الأذان اليسرى، ولا تبالغ في رفع الصوت، وبهذا تكون كلمة التوحيد هي أول كلمة، تطرق سمعه، وفي ذلك هزيمة وغيظ للشيطان.
3- تهيئة البنت ( بسملة) نفسياً لاستقبال المولود الجديد.
4- زيادة الاهتمام بالبنت بعد مجئ أخيها الجديد؛ حتى لا تشعر بأنه احتل مكانتها.
5- تشجيعها على تقبيل أخيها، والاهتمام به مع زيادة اهتمامنا بها، وشكرها على حسن معاملتها لأخيها.
6- الثناء عليها أمام الأهل والأقارب والجيران.
7- تقديمها في الهدايا والعطايا، ويفضل تكليفها بوضع اللعب إلى جوار أخيها، وشكرها على ذلك.

وعندما يصبح الطفل الصغير مدركاً، فلابد من:
1- الاعتدال في توزيع الجرعة العاطفية، والعدل في العطايا.
2- مراعاة الفروق الفردية.
3- الابتعاد عن المقارنات السالبة، فلا تقول أنت ممتازة وهو غير ممتاز؛ لأن هذا يغرس شجرة الحسد بين الأطفال، والصواب أن تقول: بسملة مطيعة لأمها، وحمزة محافظ على صلاته، أو نقول: نعم الولد حمزة لو كان مجتهداً في دروسه، ونعمة البنت بسملة إذا كانت تحافظ على صلاتها، وهذا منهج نبوي، وفيه تثبيت للإيجابيات وتنبيه لطيف من أجل تدارك السلبيات.

واعلم أن حرصك على اللقمة الحلال، وخوفك من ذي الجلال هو خير معين لك على الخير والكمال. واحرص على معالجة أي خلاف يحدث في البيت بعيداً عن أعين الأطفال، وتذكر أن أول ما نبدأ به من تأديب أولادنا هو تأديبنا لأنفسنا؛ لأن أعينهم معقودة بأعيننا، فالحسن عندهم ما استحسنا، والقبيح ما استقبحنا.

واحرص على إدخال الأخيار إلى منزلك! (فلا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي) وشارك أطفالك في اختيار الأصدقاء! ولن تصلح بيوتنا بمثل طاعتنا لله، ونسأل الله لنا ولك الثبات والسداد، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً