الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من وساوس وأعراض أثرت على نفسيتي

السؤال

أنا طالب في السنة الأولى الجامعية، ومنذ أن كنت صغيرا تأتيني وساوس، فمثلا في الوضوء على أنه بطل، وفي الصلاة، وفي أمور عدة, وبالمقابل أيضا كنت أعاني من مشاكل على مستوى الرأس، فتارة تأتيني دوخة، ولا أستطيع التركيز، وأعاني شرودا ذهنيا؛ مما أثر على نفسيتي كثيرا, وكنت حينها طالبا في الثانوية؛ حيث تأثرت كثيرا بهذه المرحلة من الدراسة، وتمنيت أن لا تزول، وأن أبقى حياتي كلها طالبا في الثانوية رفقة أصدقائي، لكن سرعان ما تحصلت على شهادة البكالوريا(وبمعدل جيد يفوق 14) وانتقالي إلى الجامعة.

أصبحت أحس بتغير كبير في حياتي مما أثر على نفسيتي كثيرا، فأصبحت دائما أتذكر أيام الثانوية، وتحدث قبضة وضيق في صدري؛ تحسرا على الماضي، واشتياقا له، وحدثت لدي تطورات مورفولوجية كثيرة؛ حيث أصبحت حياتي الآن جحيما، يصيبني ضيق في الصدر، فتحدث لي أشياء غريبة, فأصبح أكره الناس، أخاف منهم، أصبحت أنظر إلى الحياة كأنها جحيم، تأتيني وساوس تشتت تفكيري، وفقدت رغبتي كليا في الحياة، فأنا الآن لا أريد أن أعيش! كما اني أصبحت أخاف من الموت، وهذا التفكير دائما، أخاف من الله، من يوم القيامة، من العذاب، من كل شيء.

واللهِ عندما تأتيني تلك الضيقة أحس أن روحي تحترق، ولا أستطيع فعل شيء، وأصلا أصبحت ليس لدي رغبة في فعل أي شيء، وأستسمحكم على الإطالة، لكن حياتي أصبحت جحيما، ولا أعلم ماذا أفعل، فأنا خائف من كل شيء! وما زالت أمور كثيرة، لكن لا يسعني الوقت لذكرها، فأرجوكم ساعدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ mohammed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
أخِي: أنا اطلعتُ على رسالتك، وتفهمتها تمامًا، والذي بك من ألمٍ نفسيٍ ناتج من القلق الوسواسي، وما نتج عنه من اكتئاب ثانوي. الأعراض الجسدية التي تعاني منها أراها مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بحالة القلق التي تمرُّ بها الآن، والضيق في الصدر على وجه الخصوص سببه القلق، سببه التوتر، هذه التوترات النفسية تؤدِّي إلى انقباضات عضلية شديدة في القفص الصدري؛ ممَّا يجعل الإنسان بالفعل يحسُّ بضيقة شديدة.

فيا أخي الكريم: حالتك حالة نفسوجسدية، حالتك ليست مستعصية العلاج، ولا بد أن تُعيد النظر في مستوى أفكارك هذه: أنت - الحمد لله تعالى– في بدايات سن الشباب، لديك طاقات، لديك آمال، وبشيء من التمحص والتفكير والتأني والنظرة الإيجابية نحو المستقبل والحياة بصفة عامة، أعتقد أنك تستطيع أن تتخطَّى الكثير من الحواجز النفسية.

ليس هنالك ما يدعوك لأن تعيش في الماضي، الماضي قد انتهى بخيره وشرِّه، والماضي يفيدنا في أنه قد أكسبنا مهارات نستفيد منها في حاضرنا ومستقبلنا -إن شاء الله تعالى-.

أيها الفاضل الكريم: الذي لاحظته من خلال رسالتك أنك أفضل ممَّا تتصور، أن نظرتك السلبية حول نفسك أعتقد أنها نظرة تشاؤمية وغير مُنصفة، فأرجو أن تعيد النظر في تقييمك لنفسك ولحياتك، وابدأ بتطبيق برامج في الحياة، برامج إيجابية تتعلق بالدراسة، تتعلق بالعمل مستقبلاً، حُسن التواصل الاجتماعي، بر الوالدين... يعني أن تجعل لحياتك قيمة حقيقية.

وأراك أيضًا من المهم أن تذهب إلى طبيب –طبيب نفسي أو طبيب الرعاية الصحية الأولية– ليتم إجراء فحوصات عامة لك؛ لأن الفحوصات العامة حين تظهر نتائجها وتكون جيدة وطبيعية هنا حقًّا يفرح الإنسان ويتشجع جدًّا، وفي ذات الوقت سوف يصف لك الطبيب أحد الأدوية المضادة لقلق المخاوف الوسواسي، والتي تُحسِّن من مزاجك كثيرًا، وأنا أرى أن عقار (زولفت Zoloft) والذي يسمى علميًا باسم (سيرترالين Sertraline) سيكون مناسبًا جدًّا بالنسبة لك.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً