الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زواجي بعد عام وأشعر بخوف بسبب العادة السرية!

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة، عمري 21 عامًا، مخطوبة حاليًا، ومن عائلة ملتزمة دينيًا وأخلاقيًا -ولله الحمد-، ولها سمعتها الطيبة، ولكني –للأسف- بعد بلوغي بدأت أكتشف نفسي، وكنت وما زالت –للأسف- أحرج من السؤال أو الحديث في هذه الأمور، ومارست العادة السرية التي لم أعرف عنها إلا منذ سنتين تقريبًا!

منذ معرفتها وأنا أكره نفسي، وفقدت ثقتي بنفسي، وعزمت على التوبة، ولكني أعود إليها أحيانًا، وأنا ما زلت حتى الآن أجاهد نفسي، وأبتعد عنها -ولله الحمد-.

مشكلتي أني لا أتذكر كيف كنت أمارسها في صغري، ولكني أتذكر أني رأيت بقعة دم عندما كنت في الصف الثالث المتوسط، وظننتها دورة شهرية؛ لصغر سني، ولكنها لم تكن هي، ولا أتذكر أني كنت قد مارستها وقتها أم لا.

أنا خائفة جدًا؛ لأن زواجي بعد عام، ولا أستطيع أن أتحدث مع أحد في هذه الأمور.

أفيدوني، جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

يؤسفني -يا ابنتي- معرفة بأنك ما زلت مستمرة في ممارسة هذه العادة الضارة والمحرمة, والتي لا تجلب على الفتاة إلا الهمّ والغم والكرب.

في البدء أريد أن أطمئنك، وأقول لك: إن طريقة ممارستك للعادة السرية في الصغر لن تكون أعمق أو أضر من طريقتك الآن, وعلى الأرجح بأن تكون هي نفس الطريقة الحالية, فإن كنت تمارسينها الآن بطريقة خارجية, فهذا يعني بأن ممارستك في الصغر كانت خارجية أيضًا, وأما نقطة الدم التي صادف نزولها في إحدى المرات في الصف الثالث المتوسط, فعلى الأرجح بأنها نجمت عن اضطراب هرموني بسيط وعابر, أثّر على بطانة الرحم, فجعلها تُنزِل قليلًا من الدم؛ لذلك إذا كانت ممارستك الآن خارجية، فأقول لك: اطمئني تمامًا, فغشاء البكارة سيكون سليمًا, وستكونين عذراء -بإذن الله تعالى-.

ولِأساعدك في التخلص من تلك الممارسة القبيحة، أقول لك: إن جسم الأنثى لا يحتاج إلى أي ممارسة قبل الزواج لتفريغ شهوته, فليس لدى الأنثى ما تفرغه؛ لأن البويضة التي تخرج من المبيض, تخرج مرة واحدة في الشهر فقط, ويجب أن تبقى في داخل الرحم, وهرمون الرغبة الجنسية (التستوسترون) لا يرتفع في دم الأنثى بشكل ملحوظ إلا في فترة التبويض, وهو ارتفاع نسبي بسيط وليس شديدًا, لا يلبث أن يعود إلى مستوى طبيعي منخفض بعد ذلك, ولعل في ذلك حكمة ربانية عظيمة, وهي أن تلتفت المرأة إلى تلك الفترة من الدورة, فتقبل وتتجاوب مع زوجها, فيحدث الحمل، وتستمر البشرية -بإذن الله تعالى-.

إن هذه الحقيقة العلمية لا تعني بأن المرأة ليس لديها رغبة جنسية, لكنها تعني بأن رغبتها ليست ثابتة مثل الذكر, بل تتغير حسب أيام الدورة, وهي ليست رغبة عشوائية, بل رغبة مبرمجة وسهلة التطويع جدًا؛ لأنها مرتبطة بالحمل والإنجاب, وتتحكم فيها العوامل العاطفية والنفسية بشكل كبير جدًا.

إن ممارسة العادة السرية عند النساء، هي ممارسة مكتسبة بالدرجة الأولى, أي أنها مثل أي عادة سيئة أخرى (كالنّهم إلى الطعام)، وتتم ممارستها في أغلب الحالات كنوعٍ من التعويض العاطفي والنفسي, فالفراغ العاطفي والنفسي وعدم وجود ما يشعر الفتاة من الداخل بالرضا والمتعة؛ يجعلها تبحث عن المتعة الخارجية عن طريق هذه الممارسة, بعد أن تكون قد تعرّفت عليها مصادفة؛ ولأن هذه المتعة هي متعة مؤقتة, ويرافقها شعور بالذنب وتأنيب الضمير, فإنها تخلف وراءها الكثير من المشاعر السلبية, والتي ستزيد من المعاناة النفسية للفتاة, فتقوم بالبحث عن الراحة والمتعة ثانية, وللتخلص من هذه المشاعر السلبية تمارس العادة السرية ثانية, بل بشراهة أكثر, حتى لو قلّ استمتاعها بها.

ولو توفر للفتاة الدعم النفسي والعاطفي, وخرجت من مشاعرها السلبية, ولو شغلت نفسها بأشياء يكون لها مردود إيجابي على نفسيتها ومشاعرها، تولّد في نفسها الرضا والمتعة, كممارسة هواية مفيدة, والانخراط بالأعمال الخيرية والتطوعية, وحضور حلقات الذكر وحفظ القرآن, أو أي عمل أو هواية تشغل وقتها وتفكيرها وتشعرها بأهميتها, وبأنها منتجة وفعالة ومفيدة؛ لَوَجَدَتْ بأنها لم تعد تفكر مطلقًا في مثل هذه الممارسة؛ لأن المُتَع التي تحصل عليها من مثل هذه الأعمال الجميلة, هي أكبر وأدوم, فيزداد تقديرها لذاتها, وترى الحياة بمنظور أجمل وأنضج.

لذلك أنصحك-يا ابنتي- بسبر أغوار نفسك, والبحث عما يجلب لك السعادة والرضا من عمل أو هواية, ثم احرصي على تنميته وتوجيهه التوجيه الصحيح, واجعلي لك هدفًا واضحًا من خلاله تَسْعَينَ إلى تحقيقه، وتجدّدين التزامك به كل يوم.

وأنصحك أيضًا بالبحث عن الظرف الذي تشعرين معه بأنك تضعفين وتفكرين في ممارسة العادة السرية, ثم اعملي على تغيير هذا الظرف بكل الوسائل, أو اجعلي منه ظرفًا غير مناسب لممارسة هذه العادة, وسأضرب لك مثالًا على ذلك: إن كنت تشعرين بأنك تمارسينها كلما جلست في سريريك, أو عند ذهابك للنوم, فلا تستخدمي السرير إلا للنوم فقط, ولا تخلدي للنوم إلا في الليل وأنت بحالة نعاس شديد, بحيث تستغرقين بسرعة في النوم, ولا يكون أمامك متسع من الوقت للتفكير في أي شيء, وللمساعدة أيضًا يمكنك وضع ورقة فوق السرير أو أي مكان آخر, وعندما تنجحين في منع نفسك من ممارسة تلك العادة, ضعي إشارة (صح) على الورقة, وعندما تفشلين –لا قدر الله-، قرّري وضع علامة (خطأ), والمهم هو أن تنجحي في أول مرة؛ لأن النجاح الأول سيعطيك دفعة إلى الأمام, وسيجلب لك نجاحات أخرى, وهذا سيزيد ثقتك بنفسك, وسيعيد لك تقديرك لذاتك, وسيجتمع عندك بضع علامات من (الصح) على الورقة, فتشكل خطًا مستمرًا من النجاح, وكلما راودتك فكرة الممارسة بعد ذلك, ومهما كان الظرف, اذهبي بسرعة وانظري إلى تلك الورقة, وإلى جمال ذلك الخط المستمر من علامات (الصح) أو النجاح, فحينها ستشعرين بالتردد والرفض لتشويه منظر ذلك الخط الجميل, والذي يمثل نجاحك وقوة إرادتك.

أؤكّد لك على أن هذه الطريقة مجدية, حتى لو بدت لك غير ذلك, لكنها تحتاج إلى إرادة والتزام وعزيمة صادقة, وكلي ثقة في أنك تملكينها جميعًا -بإذن الله تعالى-.

نبارك زواجك مقدمًا، ونسأل الله -عز وجل- أن يكتب لك فيه كل الخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الجزائر محمد

    أجرك علا الله بوركتم

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً