الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحس أن أصدقائي لا يطيقونني فأحقد عليهم.. كيف أزيل ذلك؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شخص أحس أنني ملجأ للصفات الكئيبة، فمعظم وقتي لا أبتسم، وأحس بهموم لا تكاد تغيب عني، وأغضب سريعًا خصوصًا عندما أتعرض لموقف استفزازي، أو أحس بالفشل في شيء، وينتابني بعد ذلك شعور بالإحباط وعدم القيمة.

على الرغم مما تعرضت له في حياتي من صعوبات إلا أنني لم أكن هكذا، فأنا حاليًا أعيش مع مجموعة طلبة ندرس سويًا في بلد أجنبي، وكنا كالإخوة في أول أيامنا، وبعد انقضاء فترة طويلة بحدود 8 أشهر، بدأت تظهر معاملات سيئة لي من بعضهم، أو فلنقل من معظمهم، وأنهم لا يطيقونني، وخلال تلك الفترة كنت ألاحظ ذلك، واصبر على أذاهم، ولكن سرعان ما حدث أنني لم أعد أتحمل أي مصيبة، أو سوء يحدث لي مع كل تلك الفترة من الصبر، فأصبحت أغضب سريعًا، وأحس بحقد وكره تجاه بعض هؤلاء الطلبة، وأنا على هذه الحالة منذ 3 أشهر، وليس فقط معهم، بل مع نفسي عندما أفشل في شيء.

أحس بغضب عندما أفشل في شيء أحبه، ويكون لي غاية في إدراكه وأرى غيري يدركه كالعلامة العالية في الامتحان، أو أن أرى صديقًا لي يرافق غيري أكثر مني عندها ينتابني شعور بحقد تجاه ذلك الشخص في قلبي، ولكني أحاول أن أعمل بما يزيله.

كيف يمكنني إزالة التفكير بالهموم وإزالة الحسد والحقد من القلب وإزالة العصبية الزائدة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علاء حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لا أدري هل سمات الغضب السريع والجدِّية اللازمة وعدم الابتسامة ناتجة عن ظروف صعبة عايشتها وأنت صغير؟ أم هي سمات ورثتها من إحدى والديك؟

على أي حال يمكن تغيير هذه السمات، ليست هناك سمات لا يمكن تغييرها، طبعًا العيش الآن مع طلبة في بلد أجنبي يتطلب تقديم بعض التنازلات، العلاقة مع الآخر هي علاقة من طرفين، أو علاقة بين طرفين، لا بد كل طرفٍ أن يُقدِّم التنازل لكي يلتقي الطرفان في منتصف الطريق، ويكون هناك تعايش في الحد الأدنى على الأقل.

يجب أن تكوِّن علاقة اجتماعية ولو على الأقل صديق واحد، تكون علاقتك معه علاقة عميقة، تستطيع أن تبوح له بأسرارك ومكنونات نفسك، والآخرين يمكن أن تكون العلاقة بهم علاقة معرفة فقط، كمعرفة اسمه - وغير ذلك - فقط.

أمراض النفس مثل - الحسد والحقد - لا تقبلها، وعدم قبولك لها تأتي بإدراكك بما حباك الله به في المقام الأول، وشكره على النعم التي لديك، وأولها نعمة الصحة - يا ابنِي - فقد تجد كثيرًا حُرموا منها، فالنظر إلى الأشياء الإيجابية عندك، وشكر الله تعالى عليها يزيل عنك التفكير فيما يتمتَّع به الآخرون، فإن كان هناك آخرون يتمتعون بمزايا أفضل منك فهناك كُثر لهم مشاكل أقلَّ منك، ويتمنون أن يصلوا إلى المستوى الذي وصلتَ إليه أنت، وقد قال الله تعالى: {والله فضَّل بعضكم على بعضٍ في الرزق}، وقال صلى الله عليه وسلم: (أُنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ دُونُكُمْ وَلَا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ، فَإِنَّهُ أَجَدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ).

تقوية صلتك بالله تعالى من خلال الذكر والصلاة والدعاء تُزيل هذه الأمراض، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ).

فكِّر في الأشياء الإيجابية في حياتك فيما تتمتَّع به من نعم، ولا تُعاين وتنظر إلى ما لدى الآخرين، ركِّز فيما لديك من أشياء إيجابية وابنِ عليها، -وإن شاء الله تعالى- هذه الأشياء بالتدريج تُكسبك الراحة والطمأنينة، وبالتالي يقل الغضب والعصبية والانفعال، ويتلاشى الحقد والحسد للآخرين.

وفَّقك الله وسدَّد خُطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً