الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبت بانشراح نفسي فوضوي فتركت الدواء النفسي.. فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم

هذه أول استشارة لي معكم، وأتمنى أن أجد لها حلا، عمري 19 عاما، أعاني من الاكتئاب، وقد بدأ قبل 3 سنوات بسبب مشاكل عائلية بسيطة، كنت في عزلة لا أخرج ولا أذهب، فقط أحب الجلوس أمام شاشتي؛ لأني كنت أخاف وأقلق من العالم الخارجي، فأصبحت علاقاتي مع الأصدقاء والأقارب ضعيفة، حتى مع الأهل.

كنت أعاني من الخوف والقلق، ومن التعرق والاحمرار، ومن التأتأة والارتجاف أثناء المشاكل، أو أثناء إلقاء كلمة أمام حشد عام, فقررت آخر سنة في المرحلة الثانوية أن آخذ علاجا يسمى باللسترال، وفي الحقيقة لم أذهب لطبيب، فقط كنت أقرأ في هذا الموقع.

اللسترال غيَّر حياتي للأفضل وأيضاً للأسوء, فقط في أول شهر من الاستخدام (حبة يومياً) أصبحت إنسانا اجتماعيا، وعلاقاتي زادت وتحسنت مع الأقارب والأصدقاء، ومع المعلمين أيضا، أصبحت أخرج وكأني لم أرَ العالم من قبل، فجأة أحسست بطعم الحياة.

ولكن عند بداية الشهر الثاني ضاعفت الجرعة كما قرأت هنا؛ فأصبحت النتائج غريبة، أصبحت عدوانيا وغير مبالٍ, أصبحت أميل إلى الشذوذ, أصبحت أخرج لأماكن مريبة وأكون علاقات مع غرباء؛ بسبب عدم مبالاتي لأي شيء، رغم نصائح الأهل لي, استمرت مضاعفة العلاج للشهر الثالث؛ هنا حصلت لي مشكلة قانونية بسبب دخول وتخريب مكان مهجور مع بعض الرفاق.

كنت متهورا وطائشا، كل هذا حصل وكأنه شخص آخر لم يكن أنا في ذلك الوقت, كرهني أبي والأهل منذ مضاعفة الجرعة, وأدركت أن العلاج سبب لي كل هذا؛ فقررت إيقافه مباشرة، وعند إيقافه حصلت لي التأثيرات الجانبية, وهنا بدأ الخوف يتملكني مرة أخرى، والرغبة في الانعزال، فقط بعد شهر من تركه, وبدأت تعود لي المشاكل السابقة، لكنها بالتأكيد أقل وليست كالسابق.

قررت إكمال العلاج بعد نهاية الامتحانات؛ لأني عندما آخذ العلاج أصبح غير مبالٍ، ولا أهتم بدراستي كاهتمامي وأنا منعزل، انتهت السنة فقررت العودة للسترال بجرعة حبة فقط طوال إجازة الصيف, فتحسنت بشكل ملحوظ، وبدأت الدراسة الجامعية فأصبحت آخذ العلاج بشكل فوضوي، أعود وأنقطع.

قررت الانتقال وتجربة علاج آخر وهو السيروكسات لمدة شهر، وللأسف لم ألاحظ أي تغير، فالخوف لا زال كما هو، والآن بدأت إجازة الصيف، والمصيبة أني آخذ اللسترال كل يوم حبة، ولكن النتيجة ليست كالسابق، فالتأثير أصبح ضعيفا جداً, يبقى لدي شعور الاكتئاب والخوف والقلق.

الآن أشعر أن الوضع أصبح أسوأ، فبدأت أشعر بخمول، وكسل، أو اكتئاب شديد مع خوف وقلق, وعدم الغربة في الخروج، فقط أجلس هكذا، وأضيع وقتي، وبدأت ميولي تصبح أشبه بانتحارية, وبدأت بتدمير نفسي بالتدخين.

أتمنى مساعدتي، فأنا لا أستطيع الذهاب للطبيب، وحالتي تزداد سوءًا يوما بعد يوم!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ saleh حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية.

أيها الفاضل الكريم: أنا اطلعت على رسالتك، وقرأتها باهتمام شديد؛ لأن ما ذكرته مهم، وهو أن اللسترال قد أفادك كثيراً في بداية الأمر، ثم بعد ذلك تحولت حالتك وبصورة دراماتيكية جداً، وحدث لك ما حدث، فتحليلي لهذا الأمر -أيها الفاضل الكريم- أنك في الأصل تعاني من الاكتئاب النفسي، لكنه ليس اكتئاباً أحاديا، وإنما هو ما يسمى بالاكتئاب ثنائي القطبية من الدرجة الثانية، بمعنى أن لديك اكتئابا، لكن هذا الاكتئاب حين يتم تناول مضادات الاكتئاب قد يتحول إلى حالة انشراحية فوضوية، وهذا نوع من الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية.

أخي الكريم: ما ذكرته من الحالات العلمية المهمة لدينا، فلا نشاهد هذه الحالات كثيراً، لكن يعرف أن الاكتئاب النفسي حين يصيب اليافعين والذين هم في مرحلة البلوغ وما بعدها، هذا الاكتئاب في حوالي 40% منهم ليس اكتئابا أحادي القطب، إنما هو في الغالب ثنائي القطب، وهذا لا يعرف ولا يكتشف إلا بعد تناول مضادات الاكتئاب، أبحاث كثيرة الآن تدور في هذا الموضوع، وتشغل العلماء كثيراً، والحمد لله تعالى أنت قد أدركت واكتشفت حالتك، وهذا أمر مهم.

الناتج الضروري والذي أريد أن أنصحك به هو ألّا تتناول مضادات الاكتئاب أبداً، هي ليست الدواء المثالي بالنسبة لك، الدواء الأفضل بالنسبة لك هو مثبت المزاج، لكن هذا يجب أن يكون تحت إشراف طبي من طبيب نفسي مقتدر، فأنت ذكرت أنك لا تستطيع أن تذهب إلى الطبيب، لا، أذهب إلى طبيب، والمملكة العربية السعودية بها الأطباء النفسيون المتميزون، واذكر للطبيب ما ذكرته لك، اعرض عليه رأيي هذا، وأنا متأكد أنه سوف يوافق عليه، وسوف يضع لك الخطة العلاجية المناسبة.

أرجو أن لا تتأخر، أذهب إلى الطبيب النفسي الآن ليعطيك أحد مثبتات المزاج، وإن كان هنالك حاجة لمضادات الاكتئاب، الدواء الوحيد الذي يمكن أن يكون مفيداً بالنسبة لك هو العقار الذي يعرف باسم: ببريبيون، أو ولبيوترين، ومثبتات المزاج كثيرة، منها اللاميكتال، ومنها السيركويل، وأيٌّ منها قد يفيدك، لكن هذه الأمور أمور فنية دقيقة لا يمكن أبداً أن نعالجها من خلال هذه الاستشارات الإلكترونية.

أرى ما أسديته لك من نصح أسأل الله تعالى أن تقبله، وأعتقد أنه مفيد ومفيد جداً بالنسبة لك، والميولات الانتحارية والأفكار الانتحارية معروفة في مثل هذه الحالات، وسببها هو مضادات الاكتئاب، لذا لا تتناول مضادات الاكتئاب أبداً.

بالنسبة لموضوع التدخين: يجب أن تتخذ قراراً مهما، فلا تدمر نفسك من خلاله، ونحن الآن مقبلون على رمضان على شهر الخيرات، فرصة طيبة لأن نحصن نفوسنا، ونجني من الخير والخير كثير وكثير جداً، إن شاء الله تعالى.

أرجو أن تذهب إلى الطبيب أيها الابن الفاضل، وأرجو أن تفيدني بنتيجة مقابلتك مع الطبيب، أنا في تشوق تام لأعرف الخطة العلاجية التي سوف يضعها لك الطبيب، وأنا متفائل جداً أن حالتك يمكن علاجها وعلاجها بصورة فاعلة جداً.

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً