الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من اضطراب ثنائي القطب ومن تسيُّد الاكتئاب

السؤال

الدكتور محمد عبد العليم: حفظه الله

أعاني من اضطراب ثنائي القطب منذ 13 عاماً، مع تسيد قطب الاكتئاب بشدة، وقد راسلتكم كثيراً من قبل، وحصلت لي انتكاسة منذ سنتين خلال تناولي العلاج المتفق عليه (لاميكتال 100 ملغم – ويلبوترين 150 ملغم)، وبعد اشتداد قطب الاكتئاب، وظهور الوسواس القهري بدرجة شلت حياتي بالكامل، غامرت وتناولت (بروزاك 20 ملغم) لعدة أشهر.

لم أحصل على أي نتيجة سوى زيادة القلق بشدة في أول الأسابيع (عرض جانبي للعلاج) فتوقفت عنه بعد شهرين، والآن أتناول نفس العلاجين السابقين مع سبرالكس 20 ملغم (كعلاج لسرعة القذف الشديدة لدي منذ سنتين).

لا يوجد أي تحسن في حالتي النفسية رغم تناولي للأدوية الثلاث لأكثر من سنة (ولم تحدث أعراض هوس)، والاكتئاب ليس المسيطر الآن، وإنما القلق (الوسواس القهري والنوم المتقطع والكوابيس الغريبة)، ولأني لا أتوقع أن هناك علاجاً يستطيع تحسين حالتي، فهنا أسألكم إيجاد حل لمشكلتين أخريين تخصان الأعراض الجانبية للمرض:

بعد تناولي (بروزاك) لشهرين أصبحت أتناول السكريات والحلويات بشكل جنوني، لدرجة المغص، وألم المعدة، وزاد وزني بشكل واضح، وظهر لي "كرش" قبيح المظهر، والغريب أن (ويلبوترين) لم يعد يسبب لي أي نقص في الشهية، لذا أتمنى منكم وصف علاج قوي يسبب نقصان الشهية؛ حتى أتخلص من رغبتي في الطعام التي سببها لي (بروزاك).

المشكلة الأخرى هي أن (سبرالكس وويلبوترين) شكلا ثنائياً ممتازاً كحل للمشكلة الجنسية الناتجة عن قطب الاكتئاب (أحدهم يدعم الرغبة نوعا ما والآخر يعالج سرعة القذف)، لكن للأسف لم يعد سبرالكس يفيد أبداً، ورغم تناولي لـ20 ملغم يومياً إلا أنني أعاني من سرعة في القذف، ولم أعد أرغب في الجماع لهذا السبب.

هل يوجد علاج يعالج سرعة القذف (غير سيروكسات لأنه يزيد الوزن) أم عليّ زيادة الجرعة؟

أتمنى الإجابة على هذين السؤالين بخصوص إنقاص الشهية، وسرعة القذف، وشكراً لسيادتكم!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مؤمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، ونسأل الله لك العافية والشفاء.

أخي الكريم: كما تفضلت لديك عدة اشتراكات سابقة، فنحن نشكرك على هذه المساهمات الإيجابية، والتي فيها إثراء للموقع، وثقتنا كبيرة جدًّا في الله تعالى أولاً، ثم في التزامك في اتباع الخطوات العلاجية حتى تتحسَّن حالتك، ولا تستسلم أبدًا، هذا مهم جدًّا، والمتابعة الطبية النفسية والالتزام بتناول الدواء هي المفاتيح الجوهرية لعلاج حالتك هذه، فاحرص على ذلك أيها الفاضل الكريم.

بالنسبة لموضوع زيادة الوزن: أخي الكريم لا بد أن تكون هنالك ضوابط قوية جدًّا من جانبك لأن تتحكَّم في كمية الطعام، ونوع الطعام الذي تتناوله، ولا بد –يا أخي– أن تتجنب تناول وجبات دسمة ليلاً، أولاً هذه الوجبات الدسمة أو المتأخرة تؤدي إلى أحلام مزعجة، تؤدي إلى زيادة في الوزن، ومشاكلها كثيرة جدًّا، فأنا أنصحك باتباع النظام الغذائي السليم.

والرياضة لا بد أن تكون جزءً أساسيًا من حياتك، لأن الرياضة بجانب أنها تُساعد في تخفيف الوزن تقوِّي الجسم وتقوِّي النفس، ولا شك أن الرياضة أحد مضادات الاكتئاب الفاعلة جدًّا، وما دام القطب الاكتئابي هو المتسيِّد في حالتك؛ فأعتقد أنك سوف تنتفع كثيرًا من الرياضة.

أنا حقيقة لا أؤيد أبدًا استعمال الأدوية التي تستعمل لتخفيف الوزن مثل عقار (روبتين) لأن مشاكلها النفسية كبيرة جدًّا، لكن هناك أدوية هي أقل فعالية، لكنها أكثر سلامة، وقد تناسبك، مثلاً عقار (توباماكس) والذي يُعرف باسم (توباريمت) هذا الدواء في الأصل يُعالج الصرع مثل اللامكتال، وهو من مثبتات المزاج الضعيفة، لكن يُعرف عنه أنه يُقلل الشهية كثيرًا نحو الطعام؛ مما يُساعد في تخفيف الوزن.

فيا أخي: أنا أرى أنه لا بأس من أن تتناوله بجرعة خمسة وعشرين مليجرامًا يوميًا لمدة أسبوعين، لكن تكون حريصًا إذا سبَّب لك أي آثار جانبية مثل حساسية في الجسم مثلاً، هنا يجب أن تتوقف عنه، وإذا لم تحدث أي آثار جانبية منه استمر على جرعة الخمسة وعشرين مليجرامًا لمدة أسبوعين آخرين، ثم ارفعها إلى خمسين مليجرامًا يوميًا، وهذه سوف تكون الجرعة المناسبة لحالتك هذه.

لقد ثبت أيضًا أن عقار (ميتفورمين) والذي يُسمى تجاريًا (جلوكوفاج) وهو الدواء المشهور والمعروف لتنظيم السكر في الدم، هذا الدواء أيضًا يُساعد في تقليل الرغبة نحو الطعام، ولدي الكثير من الإخوة الذين يتناولونه ليساعدهم في تخفيف الوزن، والجرعة المطلوبة هي حبة واحدة (خمسمائة مليجراما) يوميًا، علمًا بأن استعمال هذا الدواء لا يؤدي إلى انخفاض السكر حتى بالنسبة للذين ليس لديهم مرض السكر، فيمكنك أيضًا أن تُجرِّب هذا الدواء لتعرف مدى فعاليته.

بالنسبة لمضادات الاكتئاب: كما تعرف هناك محاذير قوية جدًّا تمنع تناولها في حالة الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية، لأن هذه الأدوية حتى وإن كانت ضرورية لعلاج القطب الاكتئابي في بعض الأحيان، إلاَّ أنها قد تدفع نحو القطب الهوسي، وإن لم تدفع نحو القطب الهوسي قد تؤدي إلى تكرار النوبات الهوسية أو الاكتئابية، وهذا يُسمى بالباب الدوَّار، وهذه مشكلة كبيرة جدًّا.

لذا -يا أخي- أنا لستُ من المدرسة التي تؤيد استعمال مضادات الاكتئاب في حالة الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية، إلاَّ تحت الإشراف الطبي النفسي المتواصل.

يمكن أن نستثني عقار (ويلبيوترين) والـ (زيروكسات) بحكم أنهما يُقال لا يُسببان القطب الهوسي، نسبةً لأن الموصِّلات العصبية التي يعمل من خلالها الدوائين تشمل مادة الدوبامين، لذا لا يحدث انفتاح أو توجُّه نحو ظهور القطب الهوسي، وعمومًا أنا لا أريد أن أشغلك بتفاصيل وأكاديميات، لكن أرى من الواجب أن تعرف ما هو ضروري.

أنا أعتقد أن تناول الويلبيوترين بجرعة مائة وخمسين مليجرامًا سيكون كافيًا، والويلبيوترين في حدِّ ذاته يُخفف عامَّة الشهية للطعام، وإن كان قد حدث لك أمرٌ مخالف، لا أرى أنه من الويلبيوترين، وقطعًا إذا تناولت التوباماكس أو الجلوكوفاج أو كلاهما، سوف يحدث تخفيض شديد في الشهية نحو الطعام.

وأنا أرى أن تُضيف أيضًا عقار (رزبريادون) بجرعة واحد مليجراما ليلاً، لأنه قطعًا يُساعد في تثبيت المزاج، ويُساعد في علاج الجانب الوسواسي دون الحاجة لمضادات الاكتئاب، والتي هي في نفس الوقت مضادات للوساوس، وإن شاء الله تعالى الرزبريادون يساعدك أيضًا في موضوع سرعة القذف، حتى وإن كان ذلك بنسبة قليلة.

ممارسة التمارين الاسترخائية تُساعد كثيرًا في تقليل سرعة القذف، هذا هو الذي أراه، وأسأل الله لك العافية -أخي الكريم- وأشكرك على التواصل مع استشارات إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً