الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية التعامل مع الوالد المتصف بالاحتيال والاستغلال مع إهماله لزوجه وأولاده

السؤال

الحمد لله رب العالمين.
سؤالي هو الآتي:
أنا إنسان بسيط، وموظف، ليس لدي إلا راتبي، ولدي والد متزوج من اثنتين: الأولى أمي، عاش والدي قاسي الطباع، حياة مبنية على الحيلة والاستغلال والكبح، للأسف سيطرة كاملة منذ أكثر من (20) عاماً، أنا حالياً أقارب الأربعين، وهو ما زال يتعامل بالحيلة، إخوتي وقعوا في الديون والأقساط بسببه، زَوَّج أخواتي من أمي من أناس غير أكفياء: الأولى زوجها حالياً في السجن، والأخرى طلقت بعد صراع.

والدتي تعاني من الإهمال، لم يعطها مصروفها الشخصي منذ أكثر من عشرين عاماً للأسف، فهي تعتمد علي، وفقدت الأمل فيه، يحمل الكثير من الأسرار والغموض، تستغرب منه: مواظب على الصلاة، ولكن المعاملات -للأسف- قاسية جدّاً، تعذبت كثيراً منه، وما زلت أعاني من تصرفاته، عمره حالياً (65)، محال على التقاعد، رمى بالمسئولية علي في كل شيء إجباراً، حاولت كثيراً توضيح مسئوليته، ولكن لا حياة لمن تنادي.

أنا متزوج رغماً عني بسببه، حياة مريرة بسببه؛ لعدم استقرار حياتي، ولعدم رضائي عن نفسي، ولا قبولي لزوجتي المفروضة علي إجباراً.
الأمر يطول، ولكن لا أجد حلاً، أريد توضيح ما يترتب علي من حقوق وواجبات، سواء له أو لنفسي، أنا متزوج منذ (14) عاماً، ولم أرزق بأولاد، والسبب مني، أنا أصبحت حياتي فقط لهم، ظلمت نفسي وزوجتي، أعاني كثيراً، لا أريد زوجتي ولا أريد طلاقها! أتعذب كثيراً في اتخاذ القرار.

أرجو إرشادي إلى الطريق الصحيح الذي لا أظلم فيه أحداً.
والسلام ختام.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ FSS حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أحمد الله تعالى أن هيأ لنا هذا اللقاء عبر موقع الشبكة الإسلامية، ونسأل الله أن تجد فيه ضالتك، وأن تكون على اتصال بنا إن شاء الله.

الأخ الكريم! وقفت على مشكلتك التي تتعلق بصلتك بوالدك، وعلاقته مع والدتك، وإهماله لها، وما وصفته به.

وقد علمت من رسالتك أنك تبلغ من العمر أربعين عاماً، وهذه سن النضوج الفكري والعقلي والبدني.

أخي! بالنسبة لشكواك من إهمال والدك لأمك، فأرى أنه من الواجب عليك أن تضم أمك إليك، وتقوم بكفالتها، فهي في سن لا تحتاج للرجال، بل تحتاج للعيش والإنفاق، فاكفها هذا الجانب، وقُم بواجبها، فيكفي أبوك أنه قام بكفالتكم حتى بلغتم رجالاً، فيجب ألا تنسى فضله وقد حان الوقت أن تقوموا أنتم بواجبكم نحوه.

أما مشكلة الوالد في نفسه وسلوكه؛ فقد يتطلب الأمر الالتصاق بوالدك، والارتباط معه أكثر، مع حسن المعاملة؛ حتى يطمئن إليكم، فلا تشعروه بالجفوة فيزداد بُعداً، بل قربوه، وأعطوه على قدر استطاعتكم، وكلما قربتم منه وصبرتم عليه أمكن علاجه، وكلما بعدتم عنه تعذّر ذلك، فإذا أفلحتم في الارتباط به فقوموا بدراسة حاله ونفسياته لتجيبوا على السؤال: لماذا يحتال؟ هل لحاجةٍ في المال؟! فإن كان الأمر كذلك فسدّوا له بعض حاجته، وهذا واجبٌ عليكم شرعاً، وإن كان طبعاً فيه وسلوكاً سار عليه فعلاجه أن ترتبطوا به، وتوصلوه بأحد العلماء الذين لهم قسط في العلم والفهم، ويكون على صلة به إن أمكن؛ لأن الإنسان يتأثر بصديقه، وأظن بهذه الخطوات أنك تستطيع أن تعالج بعضاً مما يعانيه والدك.

وأخيراً: فإن مشكلتك مع زوجتك يا أخي فيما أظن أن سببها هو المشاكل الأخرى؛ لأنكما عشتما أربع عشرة سنة، وقد عرف كل منكما صاحبه جيداً، وأمكنه علاج ما في صاحبه من نقص، وأما إن كان سبب المشكلة عدم الإنجاب، وأن السبب منك؛ فلا ظلم يقع عليها؛ لأنها راضية بالبقاء معك من غير إنجاب، أما إن طلبت الفراق ورأيت ذلك فلك الأمر.

ولكن يا أخي أرجو أن تعلم أن مشاكلنا كلها تنحصر في عدم تقوية الصلة بالله، فضعف الإيمان يؤدي إلى كثرة القلق، وعدم الاستقرار النفسي، وأقل مشكلة تظهر تقلل سعادة الإنسان.

وعليه فالوصية الأخيرة لك أخي: أقبل على ربك، وضع لنفسك برنامجاً لحفظ كتاب الله، ولتضع لنفسك دورة روحية تحتوي على نوافل الصلاة، والذكر، والصيام، مهما قلت، لكن يكون عملاً متواصلاً، وعلى الاستمرار في هذا فستجد لذة وسعادة وتنسى ما حولك من مشاكل إن شاء الله.

وعليك بالدعاء فأكثر منه، والله يعينك ويحقق لك أمانيك، اللهم آمين.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً