الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صديقي تحول إلى شخصية عدوانية بعد أخذه عقار زاناكس!

السؤال

السلام عليكم.

لي صديق يأخذ دواء اسمه Xanax نصف جرام. في الأول كان يأخذ الدواء بسبب الأرق وعدم النوم والضغط والتوتر بمعدل مرة كل أسبوع، إلى أن تطور الأمر، ثم حبة كل يوم، ثم 4 حبات كل يوم، وتحول إلى شخصية عدوانية وسريع الغضب والانفعال، وانطوائي، مع العلم أنه يأخذ الدواء بدون استشارة طبيب، فهل الدواء له آثار جانبية؟

وشكرًا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Sherif حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك وجزاك الله خيرًا على اهتمامك بأمر هذا الصديق، وثقتك في الشبكة الإسلامية.

هذا الصديق أصبح فعلاً في ورطة، نسأل الله تعالى أن يُخرجه منها.

الزاناكس Xanax –أخي الكريم– دواء مشهور جدًّا، ويُعرف علميًا باسم (ألبرازولام) وهو ينتمي لمجموعة من الأدوية تُسمَّى الـ (بنزوديازيبينات Benzodiazepine)، أدوية معروفة مشهورة كثيرة، منها الـ (أتيفان Ativan) وكذلك الـ (فاليوم Valium).

يتميز الزاناكس بأنه سريع الفعالية، وأنه قصير الفعالية، وبالفعل يُعالج القلق والتوتر، ويُحسِّن المزاج. لكن المشكلة الكبرى في هذا الدواء أنه يفقد فعاليته تدريجيًا ممَّا يضطر الإنسان لأن يرفع الجرعة حتى يتحصَّل على نفس الأثر الذي كان يتحصَّل عليه سابقًا، وفي ذات الوقت تظهر ظاهرة تُسمى بظاهرة الأعراض الانسحابية، يعني أن الإنسان إذا لم يتناوله سوف يحسّ بالضجر والكدر والقلق والتوتر والانفعال السلبي، لذا يضطر أن يتناول هذا الدواء بكثرة، وهنا تتحوّل العملية إلى عملية استعبادية كاملة، يُصبح الإنسان مكبَّلاً لهذا الدواء، وهذا أمرٌ مؤسف جدًّا.

أنا دائمًا أقول أن الزاناكس يجب ألا يستعمل أكثر من أسبوعين بصورة متوالية، لا مانع من استعماله عند الطوارئ لكن ليس بالكيفية التي يستعملها هذا الصديق.

أخي الكريم: ما تولَّد عنده من عدوانية وسُرعة في الغضب والانفعال، هذا معروف، كل مجموعة الـ (بنزوديازيبينات) من يُدمن عليها على المستوى البعيد يحدث له هذا التغيُّر الكبير في حالته النفسية وفي شخصيته، والانطوائية، والانكباب على الذات معروفة أيضًا، هي دليل على وجود الإحباط.

هذا الأخ يجب أن يُقابل طبيبًا نفسيًا –أخي الكريم– فهو يحتاج لمن يقف بجانبه، وأنا لا أقول لك إنه لن يستطيع أن يتوقَّف لوحده عن تناول هذا الدواء، لكن الأمر ليس سهلاً، لأن النفس البشرية تضعف، وأنا استعملتُ كلمة (الاستعباد الدوائي) ويحتاج لمساندة في حالته.

فيا أيها الفاضل الكريم: انصح هذا الأخ بالذهاب إلى الطبيب، والمبدأ العلاجي معروف، هو: الانسحاب التدريجي للدواء، وإدخال بدائل له، البدائل لن تكون مثل هذا الدواء لكنَّها تُساعد كثيرًا، يعني أن المنهج الذي أنتهجه هو أن أقول للمريض: خفِّض رُبع الجرعة يوميًا لمدة أسبوعين، ثم بعد ذلك خفض نصف الجرعة لمدة أسبوعين، ثم تناول رُبع الجرعة فقط -أي الجرعة التي كان يتناولها– لمدة أسبوعين، ثم تناول ربع الجرعة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم يمكنك التوقف عن الدواء.

هذا الأخ يجب أن يسير على هذا المنهج، وفي ذات الوقت الطبيب النفسي لن يتركه وحيدًا، سوف يُعطيه بدائل، مثلاً العقار الذي يُعرف باسم (ميرتازابين Mirtazapine) ويسمى علميًا (ريمرون Remeron) دواء جيد، يبدأ في تناوله مباشرة بعد أن يبدأ في تخفيف جرعة الزاناكس، الريمرون دواء رائع لتحسين النوم والقلق والتوتر، لن يكون بديلاً للزاناكس 100%، لكنَّه سوف يُخفِّض الأعراض الانسحابية، وما دام التوقف عن الزاناكس تدريجيًا فأعتقد أن الآثار الانسحابية سوف تكون بسيطة جدًّا.

جرعة الريمرون هي نصف حبة (15 مليجرام) ليلاً لمدة أسبوعين، ثم يجعلها حبة كاملة.

الرياضة –يا أخي الكريم– تُحرِّك المواد الكيميائية الدماغية التي يُحرِّكها الزاناكس، لذا يجب أن تكون أساسية في حياة هذا الأخ.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً