الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ألوم نفسي وأخاف من المستقبل، فما نصيحتكم لي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أعاني من كثرة لومي لنفسي، وإحساسي بتأنيب الضمير والندم، ولكن ليس من ناحية المعاصي وأن الله لن يغفر لي، لا، فأنا أعلم أن الله رحيم ويغفر الذنوب جميعا ولا يبالي.

أنا أشعر بالذنب لأي شيء أفعله، وبأي قرار أتخذه ولا أعرف ما السبب؟ فمثلا إذا اشتريت شيئا ولم أستخدمه أشعر بالذنب؛ لأنني أنفقت المال بشيء لم أستخدمه، وأقرب مثال عندما قمت بعمل تلبيسة الأسنان التجميلية منذ أيام أحس أني أتقطع داخليا منذ أن ركبتها فلم أحبها، وأريد التخلص منها، وأن خلق الله أجمل وأحب لقلبي بالرغم من أنه كان هناك فراغات في أسناني وأفكر في إزالتها، وأنفقت الكثير من النقود عليها وأنا نادمة أشد الندم، وأصبحت كثيرة البكاء في هذه الأيام ولا أعرف ما الحل؟

وأحيانا أندم حتى على إرسال استفسار لجهة معينة، وأفضل عدم قراءتها مرة أخرى، فأرسله وأقوم بحذفه مباشرة، فأفضل أن أكون مجهولة، أو أستخدم الأسماء المستعارة.

علاقتي بربي جيدة ولله الحمد، فأنا أحب أن أتحدث مع ربي، وإخراج كل ما في قلبي، فأنا متفوقه في الدراسة وهذا من فضل ربي علي، ولكن دائما عندي شك بقدراتي وأنني لن أصبح شيئا مميزا، خاصة أنني مقدمة على دراسة الشريعة الإسلامية، فأنا كثيرة التخيل والخوف من المستقبل، بالرغم من معرفتي أن المستقبل بيد الله وأنه لا يضيع من يدفع نفسه إليه، أشعر إنني رحيمة مع الناس وقاسية على نفسي فأحاسبها وألومها دائما.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على الكتابة إلينا بما في نفسك، رعاك الله، والحمد لله على النعم الكثيرة التي منّ الله بها عليك، وأعانك على العيش الهانئ.

مما لا شك فيه أن ما تشعرين به من لوم نفسك على ما تقومين به من أعمال وقرارات كله له علاقة بطريقة تربيتك، فلربما تلقيت القليل من العزيز والرضى من والديك على أعمالك، وكأن كل أعمالك لا ترتقي لمستوى الرضى وتحقيق توقعات الناس منك، وربما اختلط هذا ببعض صفات الميل للكمال من طرفك، وبحيث لا ترضين عن العمل إلا أن يكون كاملا، وكما نعلم بأن الكمال لله تعالى، وهنا تأتي سماحة الشريعة الإسلامية، لتعيننا على العيش الهانئ، واتخاذ القرارات في حياتنا، وفق ما لدينا من إمكانات، وليس للتضييق علينا، وإشعارنا بالذنب بسبب ومن دون سبب.

لا أرى حرجا شرعيا أو عقليا أو نفسيا من أن تنفقي على أسنانك سواء للصحة أو للمظهر، فلا حرج من كل هذا، طالما هو ضمن الحدود المعروفة والمتعارف عليها في حياة الناس.

حاولي أن تمسكي نفسك عن لومها وتأنيبها طالما أنك لم تقومي بمعصية واضحة لا لبث فيها، وإلا فهي من هذا النوع من اللوم الذي لا مبرر له، والذي ربما وصل لشكل من الوسواس القهري.

وكما تعلمين بأن الله تعالى أراد لنا الحياة الطيبة الكريمة، يقول تعالى: "كلوا من طيبات ما رزقناكم" وقال تعالى: "يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين" فأرجو أن تأخذي كل الآية السابقة وليس فقط الجزء الأخير منها.

وفقك الله، ومتعك بما أعطاك، وكتب لك السعادة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً