الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الحركات اللاإرادية التي تزعجني وتحرجني، فما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة عمري 19، مشكلتي هي الحركات اللاإرادية، في الحقيقة أريد أن أسميها شبه إرادية منذ الصغر، أي تقريبا منذ أن كنت في الثامنة من عمري، كنت أعاني كل فترة من حركة أو سلوك غريب أقوم به، كهز الرأس يمينا ويسارا، حركات في الوجه والفم والأنف والعين، إخراج صوت مفاجئ، كل هذه الحركات التي ذكرتها كانت تظهر فرادى في كل فترة، أي أن كل حركة تظهر فجأة وتستمر أشهر قليلة، ثم تذهب وحدها، وبعد فترة تظهر الأخرى، إلى أن اختفت جميعها لفترة طويلة أكثر من ست سنوات تقريبا، ولكن قبل سنة ونصف عادت لي عادة هز الرأس والرقبة، كأنني أقوم بالإيجاب، لا أذكر تماما كيف بدأت هذه الحركة، ولكنني أذكر أنني قمت بهز رأسي استجابة لشيء معين، ولكنني كررت الحركة كأن شيئا كان يدفعني لتكرارها، ومنذ هذه اللحظة تحولت هذه الحركة لعادة!

كانت خفيفة لفترة، ولكنها ازدادت شيئا فشيئا حتى لاحظت عائلتي هذا الشيء، وأصبحت سبب إحراجا لي أمامهم، وكلما حاولت التوقف لا أستطيع وأتهرب من سؤالهم، في الحقيقة لا أعتبر هذه الحركة لا إرادية، لا أدري إن كانت هنالك حركات تسمى شبه إرادية، ولكنني أطلق هذا الاسم عليها، لأنني عندما أفكر بأنني لن أقوم بها، بالفعل أنجح ولا أقوم بها، ولكن لإذا نسيت أقوم بها، ولكنني أكون مدركة لذلك، فمثلا: حين تشعر بأن يدك تحكك، يمكنك أن تمنع نفسك ولا تحكها، ولكن إذا نسيت ولم تمنع نفسك، تقوم بحكها دون أن تشعر، أنا هكذا.

وعندما أكون بين مجموعة من الناس أستطيع أن أكبت وأمنع نفسي عنها، ولكن إن كنت متأكدة بأن لا أحد ينظر إلي أقوم بها، وعندما أكون وحدي تكون أكثر، تقل هذه الحركة أحيانا وتزيد أحيانا، لا أحبها وتسبب لي الإحراج وتتعبني وتسبب لي أحيانا الصداع، وأشعر بأنني ضعيفة أمامها وأنها أقوى مني، مع العلم بأن لا أحد انتبه لها إلا والداي وإخوتي، أي أنني أستطيع السيطرة عليها أمام الناس.

بالمختصر هز رأسي أصبح عادة؛ لأنني كررتها بلا سبب ولم أستطع التخلص منها بعد ذلك، ولكن يمكنني أن أمنعها لفترة، ولكن لا تذهب نهائيا، وفي النهاية أريد أن أقول بأنني بحثت كثيرا عن مشكلتي ولم أجد أي شخص مثلي تماما، فأنا لا أعتبر أنها حركة لا إرادية، وكل مشاكل الحركات اللا إرادية كانت أغلب أسبابها هي أسباب نفسية، ولكنني والحمد لله لا أعاني من مشاكل نفسية، وأمارس حياتي بشكل طبيعي جدا الحمد لله، وعلاقتي بربي والناس جيدة الحمد لله، ولكنني لا أريد لهذه العادة أن تؤثر على مستقبلي كفتاة، وعلى علاقاتي مع الناس، وأخاف أن تزداد أو ألا تذهب أبدا!

أرجو منكم مساعدتي، شكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Rana حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لك على التواصل معنا والكتابة إلينا بهذا التفصيل.

هناك بعض السلوكيات أو العادات التي يمكن أن يبدعها الإنسان، وما هو إلا وقت قصير حتى يجد نفسه قد اعتاد عليها، وقد تكون هذه في شكل حركات بالوجه أو الفم أو الرقبة أو اليدين، أو إصدار أصوات معينة يعتاد عليها ويكررها، وكما يحدث معك، وأحيانا تأخذ شكلا خاصا من نتف الشعر سواء شعر الرأس أو الحواجب أو ريمش العين.

وهناك من يصنف "عادة" بعض هذه الحركات باضطراب ضبط الدافعية، بحيث يشعر الشخص بالتوتر الشديد قبل الحركة، ومن ثم يجد صعوبة في ضبط نفسه فيبدأ بتكرار الحركة، مع أنه كان قد عاهد نفسه بأن لا يفعلها، إلا أنه يفعلها ويستمر فيها لأنه يشعر ببعض الاسترخاء وذهاب التوتر، مما يعزز عنده هذا السلوك فيكرر هذا السلوك.

وفي غالب الأحيان قد تظهر هذه الحركات عندما يكون الإنسان يشعر ببعض القلق، فتأتي هذه الحركة فتخفف عنه بعض هذا التوتر، فتصبح عنده عادة للاسترخاء، وكما يحصل معك عندما تظهر ومن ثم تختفي لبعض الوقت.

الخبر الجيد أنك منتبهة لهذه الحركات، والأجود من هذا أنك تريدين تغيير هذا السلوك أو تركه كليا، لأن كثيرا من الناس عنده مثل هذه الحركات وهو لا ينتبه إليها، أو أنه غير عازم على التغيير، حتى تصبح عادة نسميها عادة في الطب النفسي "العرّة".

وطالما أنك منتبهة لهذه الحركة أو غيرها، حاولي بدل التركيز على حركة الرقبة مثلا، وحاولي أن تركزي على ما تريدين أن تقومي به من حركات أو عمل عندما لا تكوني تقومين بهذه الحركة التي تريدين التخلص منها، فتحويل الانتباه هذا يعين كثيرا.

والأمر الآخر المفيد، عندما تلاحظين أنك بدأت أو ستبدئين بهذه الحركة، فاتركي مكانك، واذهبي وقومي بعمل ترتاحين له كصنع كأس من الشاي أو القهوة، أو في تناول تفاحة. وستجدين أيضا أن الشعور بالرغبة أو الدافعية للقيام بهذه الحركة قد اختفى أو خفّ كثيرا.

وإذا لم تفد كل هذه التوجيهات، فهناك مؤشرات لا بأس بها من تأثير أحد الأدوية التي تستعمل عادة في علاج الاكتئاب، وإن لم تكن الحالة عندك حالة اكتئابًا، وخاصة أحد الأدوية من زمرة (SSRI)، والتي يمكن أن يصفها لك الطبيب المعالج.

وفقك الله، ويسّر لك الخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً