الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التعامل مع أهل الزوجة المتوفاة

السؤال

الإخوة الكرام في الشبكة الإسلامية، السلام عليكم ورحمة الله، وأشكر لكم جهودكم الرائعة التي تقدمونها، وأسأل المولى عز وجل أن يرفعكم بها درجات، وأن يجعلها في ميزان أعمالكم يوم لا ينفع مال ولا بنون، أما بعد:

فأرجو أن تقدموا لي النصح والإرشاد، فأنا في حيرة من أمري، وأرجو أن تتسع صدوركم لقراءة مشكلتي.
لقد كنت أعيش مع زوجتي وابنتي حياة هادئة ملؤها المحبة والسعادة، وكنت أقيم بجوار أنسابي ( في نفس البناية )، وكانت بيننا علاقات حميمة وطيبة حيث إنني كنت أمضي عندهم جزءاً كبيراً من وقتي كل يوم، وكانوا معي لطفاء كرماء، وكانوا لي محبين كواحد من أبنائهم، وكانوا يحبون ابنتي حباً جماً ويبقونها عندهم معظم الوقت.
وبقينا على هذا الحال حتى شاءت الأقدار برحيل زوجتي إلى دار الحق بعد صراع مع مرض أصابها ( إنا لله وإنا إليه راجعون ) فرأيت منهم وجهاً آخر غير الذي رأيته طوال 4 سنوات! وكأن قناعاً قد سقط عن تلك الوجوه ليبين الوجه الحقيقي! ( وأنا أتكلم هنا بالتحديد عن والد زوجتي ووالدتها، أما إخوتها فلم تتغير مواقفهم معي ) فعلى سبيل المثال لقد دفعت مبلغاً كبيراً للمستشفى بعد أن بعت سيارتي لأني لم أكن أملك مالا فائضا، وهم يعلمون ذلك، ومع هذا فقد أرسلوا لي من أقاربهم من ينبهني على ضرورة إعطائهم نصيبهم من المهر المؤجل ( حيث لم تترك المرحومة إرثا )، وطلبوا مني أيضاً أن أسمح لهم بالتصرف في كافة ممتلكات المرحومة من ملابس وخلافه، وقد حققت لهم ذلك، وطلبوا مني أيضاً بعض الأثاث مما اشترته المرحومة من مالها الخاص في حياتها، وأعطيتهم! لقد كانت طلباتهم تلك بمثابة الصدمة الحقيقية لي!

وحتى لا أطيل أرجو أن تشيروا علي في الأمور التالية:

1ـ ما رأيكم في تصرفاتهم وفيما طلبوه، هل هم على حق؟

2_ لقد أصبحت بعد هذا كله لا أحب رؤيتهم أو الحديث إليهم، ولكني مجبر على أن أبقي بيني وبينهم شعرة معاوية؛ لأن بيننا البنت، فكيف أتعامل معهم!؟

3_ لقد طلبوا البنت ورضيت بذلك لعلمي المسبق بأن الحضانة تجب لهم، ولأني أيضاً أعمل خارج بلدي الأردن ( أعمل في السعودية )، فعلى جميع الأحوال فبنتي بعيدة عني، لكني الآن وبعد مضي سنة على فراقي لابنتي أعاني أشد العناء، وعندي نية في الزواج والاستقرار، ولكن الاستقرار لا يمكن أن يتحقق بدون وجود ابنتي معي في بيت واحد ( أنتم آباء وتتفهمون ذلك )، هل ألجأ إلى محام من أجل استرداد البنت؟ أم هل أعود إلى الأردن وأستقر هناك حيث سأتمكن من رؤيتها وقت ما أريد، سواء تزوجت أم لم أتزوج؟ أفيدوني بارك الله فيكم.

4ـ هل الزواج في هذه المرحلة ـ حيث تبلغ ابنتي من العمر 3 سنوات ـ جيد بالنسبة لي وللبنت، أم ينبغي تأجيله؟

5_ لقد جرت العادة عندنا إذا توفيت الزوجة أن يتزوج الرجل إحدى أخواتها حيث سيجد عندها المحبة والحنان لأبنائه ( أبناء أختها )، لكن المرحومة ليس لها أخوات، وعندها بنات عم يحببن ابنتي وتحبهن كثيراً، ولكن المشكلة أنهن لسن بملتزمات، وأنا أود الارتباط بذات الدين، فهل أقدم مصلحة ابنتي وأتزوج من إحداهن؟

6_ لقد قضيت إجازتي السنوية الأولى في الأردن من وقت قريب، وعندما ذهبت لمشاهدة ابنتي نفرت مني، واكتشفت أن أنسبائي قد عودوها أن أمها فلانة ( ابنة عم المرحومة وزوجة أخيها )، وأن أباها فلان ( أخو المرحومة )، وأنها نسيت أباها الحقيقي، فما رأيكم في هذا التصرف من قبلهم!؟

بارك الله فيكم، وأرجو منكم النصح والتوجيه بما فيه الخير لي ولابنتي وبما فيه إرضاء لله تعالى.


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ A.s.s حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

أسأل الله لي ولكم العافية.

وبخصوص استشارتك وما يتعلق بمعاملة أهل زوجتك بعد رحيلها رحمة الله عليها، أقول:

أولاً: فيما يتعلق بطلبهم للميراث فهذا أمرٌ مشروع، وقد تولى الله تعالى قسمته بنفسه، ولا غضاضة في ذلك، وكنت أرى أن تُبادر أنت بتوزيع التركة مهما كانت قيمتها، وتسلمهم نصيبهم خلاصاً لنفسك؛ لأن الميراث حق، إما أن يؤدي أو يتنازل عنه صاحبه، رغم أن العرف العام أن أهل الزوجة في مثل هذه الأحوال يتنازلون عن حقوقهم.

ثانياً: فيما يتعلق بحضانة البنت، فهُم أخي أولى بها، لا سيما جدتها لأمها، ثم خالتها، فهؤلاء أولى من الأب ومن جدة الأب، فحق الحضانة للبنت لهم، وأنت من حقك رؤيتها وزيارتها، وأرجو ألا تقدم على الشكوى للقضاء، بل حاول أن تُعالج أمر الزيارة ودياً بينكم.

أما مشكلة الزواج من أقربائهم، فأرى أن الأمر يتطلب دراسة، فأولاً: هل زواجك من ابنة عمها سيعيد العلاقة بينكم على خير أم لا؟ ويمكن معرفة الإجابة من خلال أهلها وتصرفاتهم وإرسال رسول إليهم من غير أن يعلموا.

ثانياً: إن كان الزواج سيصلح الحال بينكم أرى الاتصال ببنت العم هذه سواءً كان برسول ترسله إليها من قريباتك أو بواسطة الهاتف، وتسألها عن رأيها في الزواج، وأن رغبتك في الزوجة أن يكون زيها إسلامي، وأن تحسن تربية بنتك ...إلخ ما تراه، وانتظر إجابتها، ولا أرى أنها تُمانع من أي شرط، فإن وافقت فتقدم فوراً على بركة الله؛ لأن هذا سيكون حلاً لكل المشاكل، وإن قدّر الله ورفضت بنت العم هذه فلا أرى لك مجالاً إلا التقدم نحو الزواج فوراً وبلا تأخير.

وفيما يتعلق بابنتك فلا تحمل همها كثيراً، فعليك أن ترسل لها نفقتها شهرياً، وترسل لها ملابسها، وسيأتي اليوم الذي تعرف فيه أنك لم تقصّر في جانبها، وتعود إليك إن شاء الله، ولا تحزن على ما بدر منها، فهي صغيرة لم تعرف شيئاً، وهذه مرحلة ستنقضي.

أما نسائبك فعليك بصلتهم والبر بهم، وتقديم الهدية إليهم مهما كانت معاملتهم، فهذا خيرٌ لك عند الله، وأنهم مهما طال الزمن سيعودون لك إن شاء الله، فلا تحزن أخي، وهذه هي الدنيا ليست كلها متاع بل يعقب المتاع الحزن …وهكذا.

وأخيراً: عليك بالاستعانة بالله، والصبر والصلاة والدعاء.

والله الموفق.



مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً