الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني حالة من الكسل والخمول، وجميع التحاليل الطبية سليمة

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

أنا شاب في العشرينات من عمري، كنت بكامل صحتي، وأمارس الرياضة، وعندما وصلت إلى العام الذي يجب أن أجتاز فيه شهادة الباكالوريا اعتزلت الرياضة، وأصبحت أهتم بدراستي أكثر، وصرت أسهر كثيرا، وأنام الساعة الخامسة صباحا، ثم أستيقظ بعد ساعتين، وأحيانا لا أنام لمدة يومين، حتى أصبت بالأرق، ثم واصلت السهر بعد انتهاء الامتحان، ونجحت، ولكنني لم أعد أستطع النوم بشكل صحيح، وصرت أنام في النهار وأستيقظ عند المغرب، واستمر الوضع لمدة عام وأنا أعيش كالخفاش.

هذا العام بدأت مشواري في الجامعة، وصرت أدرس بعيدا، مما دفعني للاستيقاظ مبكراً، وأنا منهك، وبعد مرور شهر سقطت في ساحة الجامعة، فلم أستطع الحراك، وكان قلبي ينبض بشدة، إلى أن قدمت سيارة الإسعاف، وبقيت على هذا الحال لمدة 6 أشهر، ولازمت الفراش، ورغم أنني أنام الساعة 11 ليلاً، وأحياناً منتصف الليل، إلا أنني أستيقظ منهكا، فلم تتحسن حالتي، ولم أستطع القيام بأي مجهود، وأشعر بتعب وحمى، وكأن النار تشتعل في رأسي، وحالة من الإسهال تنتابني، حتى نقص وزني، أجريت كل التحاليل المطلوبة، وأعطاني الأطباء مضادات عديدة، ولكن دون جدوى.

منذ صغري أداوم على الصلاة وقراءة القرآن يومياً، وذهبت لراقٍ ولكن دون جدوى، وأهلي لا يصدقون ما أعانيه، ويصفون حالتي بالكسل والوسواس، فما تشخيصكم لي؟

أفيدوني مع الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نعم مما يؤسف ويؤلم أحيانا عندما لا يدرك أقرب الناس لك عن معاناتك، وخاصة إذا كانت حالتك نفسية غير بدنية، وربما هذا بسبب قلة الوعي العام في الجوانب النفسية لحياتنا نحن البشر، والأمل أن تتحسن هذه الصورة، ويدرك الناس أهمية الجانب النفسي في حياتنا.

نعم، من المعروف أن للإنسان دورة داخلية طبيعية للنوم، ولها علاقة بالهرمونات وبعض أنشطة الدماغ، والعادة أن ينام الإنسان في وقت الليل ويستيقظ وينشط في النهار، ولكن في بعض الحالات تضطرب هذه الدورة، كما في حالات السفر الطويل واختلاف البلدان بين توقيت الصيف والشتاء، أو في حالات من يعمل في أوقات مختلفة، كالأطباء والممرضات والشركة وغيرهم، مما يتطلب عملهم أحيانا الدوام الليلي لبعض الوقت ومن ثم النهاري لوقت آخر.

العادة أن هذه الدورة الطبيعية والتي نسميها "نظم سيركاديان"، تحتاج لبعض الوقت كي تتكيّف مع التوقيت الجديد للنوم واليقظة، وهذا قد يحتاج لأسابيع، أو حتى أشهر وعلى حسب مدة وطول الاختلاف والتبديل.

الخطأ الذي يقع فيه بعض الناس أنهم وبسبب اضطراب الدورة هذه، وصعوبة النوم قد يلجؤون للطرق غير الصحية في تعديل الدورة، كتعاطي حبوب النوم، والتي إن احتاجها الإنسان فإنا لا ننصح بها لأكثر من عدة أيام فقط، أو تناول أمور أخرى للنوم، وعدم مساعدة دورة النوم الطبيعية على استعادة طبيعتها، فما العمل الآن؟

هناك طريقتان: الأولى: أن تحاول أن تعتمد نظام نوم معين، مثلا أن تحاول النوم على ساعة معينة، كالساعة الحادية عشرة، وبحيث تتبع هذا كل ليلة، وطبعا لا تتوقع أنك ستستطيع النوم من الأيام الأولى، ولكن مع الصبر والاستمرار ستصل لمرحلة تستطيع معها النوم الطبيعي، ومن دون أدوية أو غيرها.

الثانية: وخاصة إذا لم تنجح معك الطريقة الأولى، أو لم تستطع الصبر والاستمرار عليها، بأن تراجع طبيبا نفسيا لتناقش معه الأمر، للتأكد من أنك لا تعاني من أحد الأمور النفسية التي من أعراضها اضطراب النوم، كالاكتئاب والقلق وغيرهما، وربما يقدم لك بعض النصائح عن عادات النوم السليمة وخاصة المرافقة للحالات النفسية المختلفة.

لا أعتقد في هذه المرحلة أنك في حاجة للمزيد من الفحوصات الطبية، فقد أجريت ما فيه الكفاية والحمد لله كلها طبيعية.

سواء نجحت معك الطريقة الأولى أو الثانية، لا شك أن الرياضة ونمط الحياة الصحي وخاصة الغذائي مما يساعد كثيرا على الراحة النفسية والنوم الهادئ.

وفقك الله ويسّر أمرك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • علي

    بارك الله فيكم و جزاكم خيرا سأعمل بنصائحكم

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً