الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من قلة الفهم والاستيعاب وعدم القدرة على التركيز، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم..
أشكركم بشدة على موقعكم الرائع، والنصائح الجميلة.

لدي مشكلة أرغب منذ فترة طويلة في عرضها على خبرائكم الرائعين، ولكني لم أستطع الإرسال، ففضلا أرجو منكم عرضها على المختصين بذلك.

أعاني من الشرود الذهني، وضعف التركيز، وسرعة النسيان، مع العلم أني عندما كنت صغيرا كنت لا أعاني أبدا من هذه الأشياء، وكان فهمي واستيعابي رائعا بشهادة الأقرباء، حتى أنني أتممت حفظ القران كاملا في سن 10 سنوات.

أنا طالب في كلية الهندسة، وعمري 22 سنة، وأثناء جلوسي في المحاضرات أصاب بعدم التركيز، وأثناء المذاكرة بالمنزل أحفظ وأستوعب دروسي بمشقة كبيرة، وأصاب بالسرحان وصعوبة الاستيعاب، وأفهم في وقت طويل جدا مقارنة بزملائي، حتى أنه في بعض الحصص داخل الجامعة عندما نكلف ببعض المهمات أعاني من صعوبة استيعاب المطلوب تنفيذه، وأنفذه ببطء مقارنة بزملائي لقلة إدراكي وتركيزي، ويمتد الوضع لنسيان توجيهات والدي بتنفيذ أشياء معينة، على سبيل المثال لا الحصر: إذا أردت دخول الحمام أو النوم أضع الهاتف الجوال والمحفظة في مكان معين، وبعد ذلك أنسى أين وضعتهما.

فهل نسياني الشديد وضعف تركيزي له علاقة بالتوتر الشديد والقلق؟ حيث أنني أعاني منهما عموما، وبالأخص في فترة الامتحانات، وأثر ذلك على القولون -كما أخبرني طبيب الباطنة- علما بأن تغذيتي سليمة بعض الشيء، فأنا لا أحب الأكل من خارج المنزل مثلا، فما نصيحتكم؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، ونأسف جدًّا على عدم تمكنك من إرسال رسائلك في وقتٍ مبكر.

أنا اطلعتُ على رسالتك وتدارستها تمامًا، والذي لاحظته أنه ليس لديك مشكلة حقيقية في الذاكرة أو التذكُّر، إنما استقبالك للمعلومة ربما يكون فيه شيء من الخلل البسيط، وضعف الاستقبال للمعلومة يعطّل أو يمنع أو يتداخل سلبًا مع تشفيرها وتخزينها في الدماغ، لتظل ثابتة ويُستفاد منها عند الحاجة.

القلق النفسي قد يكون سببًا رئيسيًا لمثل هذه الظاهرة، وهي ضعف التركيز، وفي ذات الوقت الإجهاد النفسي، والإجهاد الجسدي، وعدم تنظيم الوقت، هذه كلها قد تكون أسبابًا. أنصحك بالآتي:

أولاً: اذهب إلى أي طبيب – طبيب عمومي أو طبيب أسرة – وقم بإجراء فحوصات طبية عامَّة، للتأكد من نسبة الدم لديك، ونسبة السكر، والأملاح، والدهنيات، ووظائف الكبد، ووظائف الكلى، ووظائف الغدة الدرقية، ومستوى فيتامين (د)، ومستوى فيتامين (ب12). هذه فحوصات رئيسية دائمًا نحاول أن نطمئن على الإنسان حيالها، وإذا كان هنالك خلل - نقص في الفيتامينات أو غيره – ربما يكون أحد الأسباب التي ساهمت، وقطعًا سوف يقوم الطبيب بتصحيحه بإعطائك المركب المطلوب لتعويض النقص إن وُجد.

الأمر الثاني هو: أن تزيد من رغبتك في الدراسة، وذلك من خلال أن تتصور أنك بعد أن تنتهي من دراستك سوف تسعى للحصول على الدكتوراة، وإن شاء الله تعالى يكون لك شأن عظيم جدًّا في المستقبل، وهكذا، إذًا زيادة الرغبة والشعور بالتنافسية مع زملائك – طبعًا دون حسدٍ، إنما نوع من الغبطة الإيجابية – فالشعور بالتنافسية يحسِّن دافعية الإنسان.

ثالثًا: أريدك دائمًا أن تتذكر أن الله تعالى قد حباك بطاقات كثيرة، ومنها طاقة المعرفة والتذكر، وأنت في عمرٍ خصب، عمرٍ غضٍ، طاقات الإنسان فيه عظيمة وكثيرة ومتفتِّحة، وحتِّم على نفسك أنك يجب أن تستفيد من هذه الطاقات.

النقطة الرابعة: تنظيم الوقت، أولاً لابد أن تنوم النوم الليلي المبكر، هذا يعطي فرصة كثيرة لخلايا الدماغ للترميم، للنفس أن تهدأ، أن ترتاح، أن تكون في سكينة، تستيقظ لصلاة الفجر، وبعد صلاة الفجر أدرس لمدة ساعة إلى ساعتين قبل أن تذهب إلى الكلية، هذا الوقت الصباحي للمذاكرة وللاستيعاب الساعة الواحدة تُعادل – دون أي مبالغة – ثلاث ساعات في النهار.

خامسًا: عليك بممارسة الرياضة، أي نوع من التمارين الرياضية؛ لأن الرياضة تقوي النفوس، الرياضة تُحسِّن التركيز، تُجدد الطاقات، تزيل الإجهاد النفسي والجسدي.

سادسًا: عليك أن تدرس وتستوعب تجويد القرآن بصورة ممتازة، وتسعى لأن يكون لك ورد قرآني ترتِّله بتدبُّر، والقرآن يحتاج منا فعلاً للقراءة وللحفظ وللتدبُّر وللفهم وللعمل به. ترتيل القرآن يُحسِّن من الذاكرة ولا شك في ذلك.

سابعًا: الحمد لله تعالى أنت من ناحية التغذية مهتم بهذا الموضوع، وهذا أمرٌ جيد.

ثامنًا: يجب أن يكون لديك تواصل اجتماعي، ورفِّه عن نفسك بما هو طيب وجميل، هذا أيضًا يُحسِّن من استيعابك.

النقطة الأخيرة هي: أن تتناول دواء بسيط يُسمى (دوجماتيل)، واسمه العلمي (سلبرايد)، هو مزيل للقلق، ويُساعد كثيرًا في الاسترخاء النفسي والعصبي. جرعة الدوجماتيل: تبدأ بخمسين مليجرام (كبسولة واحدة) في المساء يوميًا لمدة أسبوعين، ثم اجعلها كبسولة صباحًا ومساءً لمدة شهرين، ثم كبسولة واحدة مساءً لمدة شهرين آخرين، ثم توقف عن تناوله. هو دواء سليم وفاعل.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مصر خالد مطاوع

    افادكم الله. كلام. 100%علمي. وهمل به انا ايضاا. فعلا. انا اعاني من قله الفهم والتركيز اسفدت من الموضوع

  • مجهول ميرغني محمد ماهر

    أعظم الله أدرك

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً