الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من ألم في البلعوم وعند فتح الفم بقوة، فما سبب كل هذا؟

السؤال

السلام عليكم
أولًا، أشكركم على جهودكم الجبارة، وأشكر كل القائمين على هذا الموقع الرائع جزاكم الله خير الجزاء.

بدايةً أشعُر بأني سأصِفُ لكم ألمًا غريبًا لأنه يشبه التهاب الحلق لكن لا يصاحب أعراضه! وهذا ما زاد الأمر قلقًا.

بدأ معي الألم منذ أشهر، ولم أتذكر حتى كم مضت عليه من فترة بالتحديد؛ لأني لم أعره أي اهتمام. كان ألمًا في لوزتي، عندما أفتح فمي بقوة، وبلغما مستمرا طوال اليوم، وتزداد هذه الآلام خصوصًا عند الاستيقاظ.

استمر معي الألم لأشهر، وكنت دائما ما أشرب الماء باردًا جدًا مائلًا للثلج، حتى كنت عند ذهابي إلى الجامعة في الصباح الباكر أشتري علبة الماء البارد جدًا، كذلك الأمر في المنزل.

منذ شهر تقريبًا بدأت بملاحظة الألم، وأحسست بالخوف فعلاً، وبدأت معي الوسوسة، كنتُ أبحث في الإنترنت عن كل ما يخص أعراضي، وبالطبع ارتعبت عند قراءة أنها ممكن أن تكون أعراضًا لأمراض خطيرة عافانا الله.

أيضًا كنت أقرأ استشارات المرضى المشابهة لحالتي في موقعكم الكريم، وكنت أرتاح جدًا لأجوبتكم وطمئنتكم لهم.

قبل شهر تقريبا، فور ملاحظتي لجدية الألم وعدم زواله لفترة طويلة، بدأت باستخدام العلاجات الطبيعية من العسل والليمون والزنجبيل، وتركت الماء البارد؛ مع ذلك لم أتحسن عليها أبدًا.

قبل أسبوع ذهبت للمستوصف، ووصفت للطبيبة ما أشعر به، وقالت بأن ما لدي هو احتقان بسيط جدا في الحلق، وأعطتني أدوية (دواء هيستوب مرتين في اليوم، ومضادا حيويا اسمه julphamox، لونه أبيض وأخضر كل 8 ساعات) تقريبا لمدة أسبوع، والألم مكانه في اللوزة اليمنى فقط، ولا توجد لدي أي أعراض أخرى، باستثناء الألم عند فتح الفم بقوة، وهو ألم يشبه السكين، وأيضًا البلغم الشفاف، وفي الصباح يكون مائلًا للون الأصفر.

قبل ذهابي للمستوصف بأيام معدودة بدأت أشعر بقليل من ضيق التنفس والكحة.

الآن أنا في اليوم السادس من تناولي للأدوية، البلغم اختفى تقريبا بنسبة80٪‏ أو أكثر، وآلام الحلق تخف وتعود غير مستقرة، حتى لا أعلم هل هي فعلًا ذهبت؟ ولكن الألم ما زال موجودًا ويؤلمني، ولكنه أصبح يؤلمني في اللوزة اليسرى التي ما كنت أُعاني منها أساسًا، وموضع اللوزة اليمنى خفّ كثيرًا.

كما أعاني من القلق والوساوس، وبعض الأحيان تأتيني نوبات الهلع، فالخوف لدي على أبسط ألم، فما بالكم بألم مؤلم فعلًا؟

نصحني الكثير بإزالتها، لكن أهلي يقولون إن اللوزة لها فوائد للجسم عدة، ولا يريدون أن أُزيلها أبدًا، وأخافوني بأن اللوزة هي خط الدفاع الأول لمقاومة الأمراض بالجسم، وبالتالي إن أزلتها ستضعف لدي المناعة، وأيضًا قد قرأت بأنها خطرة لمن هم فوق ال 25 وأنا عمري 20 فأشعر بالقلق.

أرجوكم أريد حلًا جذريًا لهذه المشكلة، وهل من المحتمل أن الطبيبة صرفت لي أدوية خاطئة أو غير مناسبة لحالتي؟ أم أني أعاني من مرض خطير؟

للعلم، توجد لدي بقع بيضاء في الجهة اليمنى من اللوزة، وقد سألت عنها صيدليا وقال بأنها صديد وسيذهب مع المضاد، وإلى الآن لا زالت موجودة.

ولدي ما يشبه العروق الحمراء الخفيفة كالشعيرات داخل بلعومي، وفي زاوية لساني كريات صغيرة بنفس لون البلعوم كالحبوب البارزة، وعندما أفتح فمي وأشعر بالألم، أحركها ببلعومي يمنة ويسرة ويذهب الألم أينما أُحرك بلعومي.

استمرارية الألم، ثباته، وعدم زواله نهائيًا حتى بالأدوية هو سببي الرئيسي في القلق.

جزاكم الله خير الجزاء، وأسعدكم ووفقكم لما يحب ويرضى.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بداية فإن انتقال الألم من جهة لأخرى دليل عدم وجود آفة ورمية في مكان محدد؛ حيث حينها كان سيبقى الألم في نفس الموضع بدون تغيير للمكان، بل وسيزداد مع مرور الوقت، وحيث إنه قد خف مع العلاج بمضادات التحسس والمضادات الفموية فهذا أيضا من عوامل الاطمئنان.

الألم عند فتح الفم فقط وليس عند البلع يوحي بأن السبب هو في المفصل الفكي الصدغي الذي يقع في أعلى الفك السفلي، ويصل بين الفك السفلي وبين الجمجمة.

أحيانا ونتيجة فتح الفك السفلي بشدة وبشكل متكرر (كما في التثاؤب الشديد أو في الحركة التي تعملينها يوميا) يحدث تمزق في أربطة هذا المفصل، وبالتالي يحدث الألم الذي قد ينعكس لمكان آخر كالأذن المجاورة أو البلعوم واللوزتين, فالأغلب أن هذا الألم الذي تحسين به في اللوزة هو من المفصل المجاور للفك السفلي، وتكرار عملية فتح الفم الشديد هي السبب في استمرار الألم لهذه المدة.

بكل الأحوال ولفحص اللسان وقاع الفم لا بد من زيارة اختصاصي أمراض وجراحة الأذن والأنف والحنجرة، وهو سيقوم بفحص المناطق المذكورة بالفحص المباشر وبالتنظير التلفزيوني، وبالمس بالإصبع لقاع الفم واللسان للاطمئنان، ونفي كل هذه الوساوس التي تراودك بوجود ورم ما، لا أعتقد بوجوده لديك لكل ما ذكرته سابقا من أسباب مطمئنة.

بالنسبة للوزتين، فهناك ضوابط لاستئصالها إن لم تتحقق فلا داع لتعريضك لعمل جراحي وتخدير عام، ومن هذه الضوابط: وجود التهاب جرثومي متكرر لأكثر من أربع لخمس مرات على مدى سنوات متعددة, أو ضخامة شديدة معيقة للتنفس ومسببة للشخير, أو ضخامة وحيدة الجانب (لوزة واحدة) يشك معها بوجود ورم، وكل هذه الأسباب لا أعتقد بوجودها لديك بحسب ما ذكرت من شكايات.

بالنسبة لكون اللوزتين خط دفاعي للجسم فهذا صحيح، فقط حتى عمر أربع سنوات، حيث بعدها تصبح بغير وظيفة كما الزائدة الدودية، ولا مانع من استئصالهما طالما تتحقق الشروط التي ذكرتها سابقا.

العروق الحمراء في البلعوم قد تكون طبيعية أو علامة على التهاب البلعوم التحسسي.

النقط البيضاء على اللوزتين إن لم تكن مصحوبة بالحرارة والألم الشديد والاحمرار للوزتين فهي بقايا طعام عالقة في فتحات اللوزتين (على سطحهما)، وهي إن لم تسبب رائحة للفم فلا مشكلة منها، وأما إن كانت قاسية ومؤلمة وتسبب الرائحة الفموية الكريهة فالعلاج في هذه الحالة الاستئصال الجراحي للوزتين.

مع أطيب التمنيات لك بدوام الصحة والعافية من الله تعالى.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً