الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تصيبني نوبات اكتئاب بين الحين والآخر، فكيف أتخلص منها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أود أن أشكر الإخوة القائمين على هذا الموقع الرائع الذي لا أعلم له مثيلا في الويب، وأود شكر الدكتور عبد العليم على جهوده المبذولة لمساعدة الطالبين للنصح والإرشاد فيما يتعلق بالصحة العقلية.

أنا شاب عمري ٢٨سنة، صيدلاني، أعزب، أصبت بأول نوبة اكتئاب في عمر ١٩ سنة، وكان اكتئابا شديدا عانيت فيه من القلق الحاد ونوبات الذعر والأرق والوساوس القهرية وانعدام الطاقة والصعوبة في التركيز وعدم القدرة على إتخاذ القرارات وسوداوية المزاج، وصرت عاجزا تماما عن العمل وخسرت من وزني ١٠ كغ في أسابيع قليلة، وصارت تجول في ذهني أفكار الانتحار.

تعالجت بالبروزاك وتحسنت، ومنذ تلك الفترة انتكست أربع مرات، أي ٥ نوبات في ٨ سنوات، كل نوبة أشد من سابقتها وأطول.

عند تناول مضادات الاكتئاب أشعر أحيانا بطاقة كبيرة وتهيج مزعج، لست أدري هل هي نوبات هوس خفيف أم من الأعراض الجانبية لمضاد الاكتئاب؟ تناولت الديباكين والسيروكويل لكن لم تأت بنتيجة، والدي وأربعة من إخوتي أصيبوا بالاكتئاب.

الآن أتناول الزولفت ١٠٠مغ والسوليان 50 ملغ، واللورازيبام أحيانا، مزاجي منخفض أغلب الوقت، تأتيني أحيانا نوبات خفيفة من الذعر.

أنا أعمل لكن أجد صعوبات ولا أتحمل الضغوطات أبدا، وأنهار بسرعة، أجد صعوبة في الاستمتاع أغلب الوقت، بدأت أشعر أن الأدوية لم تعد مجدية، كما أعاني من متلازمة القولون العصبي.

بما تنصحني -بارك الله فيك- لأتخلص من هذا المرض؟ حسب خبرتك يا دكتور هل البنزوديازيبينات يقل مفعولها مع الوقت عند علاج القلق؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الغفور حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

جزاك الله خيرًا – أخي – وأشكرك على ثقتك في إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لنا ولكم ولجميع المسلمين العفو والعافية والمعافاة التامَّة في الدين والدنيا والآخرة.

أيها الفاضل الكريم: لا يأس أبدًا مع الاكتئاب، ولا استسلام للاكتئاب، والاكتئاب يجب أن يُهزم، وسوف يُهزم، بشيء من العزيمة والإصرار والتوجُّه الإيجابي من حيث الفكر والوجدان والعاطفة والسلوك والأفعال.

هذا الكلام – أخي – ليس كلامًا نظريًا، إنما هو أمرٌ واقعي وفعلي لمن يُطبِّق، والإنسان يتغيَّر – أخي الكريم – والسعادة تُجلب، وأنت -الحمد لله تعالى- في الحقل الطبي، وأنت مُدركٌ لذلك تمامًا.

في مثل حالتك يجب أن يكون التشخيص دقيقًا، نعم لديك نوبات اكتئاب متكررة، فإذًا هنالك شعور بالكدر وعُسْرٍ مزاجي واضح، لكن هل لديك ثنائية القطبية أم لا؟ هذا هو السؤال المهم والسؤال الضروري.

وأنا شخصيًا في مثل حالتك – وما دمتَ قد مررت بشيء من زيادة الطاقات النفسية، حتى وإن كان سببه مضادات الاكتئاب – في مثل هذه الحالة دائمًا أعتبرُ أن ثنائية القطبية واردة جدًّا، لكنها من الدرجات الخفيفة، الثالثة، أو الثانية، أو الثانية والنصف، كما يقول صديقنا وأستاذنا الدكتور أحمد عكاشة.

والتشخيص مهمٌ جدًّا، لأن كثيرا من الأدوية قد يكون ضررها أكثر من نفعها إذا كان التشخيص خاطئًا، مثلاً استعمال مضادات الاكتئاب – ما عدا واحد أو اثنين – قد يؤدي إلى ما يُسمَّى بالباب الدوّار، أي أن النوبات تتكرر وتحدث، نعم قد يحدث تحسُّن مزاجي، لكن النوبات أيضًا قد تكثر.

إذا اعتبرتَ نفسك أنه لديك شيء من ثنائية القطبية – وهذا هو الوارد – أحسنُ تركيبة علاجية بالنسبة لك هي: الـ (زيروكسات/باروكستين)؛ لأن الباروكستين يتميز بأنه يعمل من خلال الدوبامين مع السيروتونين، وبوجود الفعالية على الدوبامين هذا يضمن لنا أنك لن تتحوّل أبدًا للقطب الهوسي.

فإذًا الزيروكسات قد يكون بديلاً ممتازًا للزولفت، وهو ليس ببعيدٍ عنه، وأنا كما أقول دائمًا: هما أبناء عمومة (الزولفت والزيروكسات)، لكن الزيروكسات على وجه الخصوص هو الأفضل في حالتك.

السوليان دواء رائع ودواء ممتاز، يُعاب عليه فقط أنه يرفع ضغط الدم قليلاً، وفي إيطاليا يُعتبر الدواء الأول في علاج الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية وتحسين المزاج، لكن أعتقد بجرعة خمسين مليجرامًا الفعالية قد تكون قليلة، وعلى الأقل يمكن أن يُرفع إلى مائة مليجرام، أو يُستبدل بعقار (إرببرازول/إبليفاي)، هذا أيضًا يُعتبر بديلاً ممتازًا.

ويا أيها الفاضل الكريم: إذا استمرَّتْ معك النوبات الاكتئابية أنا أعتقد أن إدخال الـ (لامكتال) والذي يُعرف علميًا (لامتروجين) قد يكون أيضًا مفيدًا جدًّا بالنسبة لك.

الـ (بنزوديازيبينات benzodiazepines) – أخي الكريم - كما تعرف يجب أن يكون هناك تحوطات حول استعمالها، أنا لا أقول لك أنها ممنوعة، لا، هذا قد يكون كلامًا ليس علميًا، لكن يجب أن تُستعمل برشدٍ وإرشاد، وقطعًا فعاليتها تنقص بالتقادم، الإنسان إذا استمر فيها من خلال ظاهرة الإطاقة أو التحمُّل – والتي تعرفها – تَقِلُّ فعاليتها في كل شيء، لذا يحتاج الإنسان لأن يرفع من الجرعات حتى يتحصَّل على نفس النتيجة العلاجية، وهذا هو الذي أوقع الكثير من الأفاضل من إدمان البنزوديازيبينات.

وللفائدة راجع العلاج السلوكي للاكتئاب: (237889 - 241190 - 262031 - 265121) .

هذا هو رأيي، وأسأل الله لك العافية والشفاء، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً