الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

غارق في الديون وأريد النجاة

السؤال

السلام عليكم

لقد غرقت في الديون، في البداية عملت في التجارة وربحت، وأخذت مبالغ من الناس، ولكني خسرت كل شيء، وبعدها اقترضت أيضا لكي أعمل من جديد، وأقوم باسترجاع الديون المطلوبة، ولكني خسرت أيضا، لقد تعثرت مرتين، ولم يساعدني أحد حتى أبي وأخي كان بمقدورهم مساعدتي، لكن تخلى عني الجميع إلا الله.

أنا لا أستطيع العمل، ولا النوم، أفكر كثيرا، وأحس بأنني أموت ببطئ، وأنا شاب في مقتبل العمر، وأفكر بتطليق زوجتي وترك ابني الصغير والهروب، وأحياناً أفكر في الانتحار، وترك كل شيء خلفي، لأنني لم أستطع تسديد ديون الناس، وهي أمانة في رقبتي ليوم الدين، لكن عندما أهدأ أستغفر الله وأتعوذ من الشيطان، وأقول بأن الله معي ولن يتخلى عني، فالله لا يكلف نفساً إلا وسعها، أنا الآن لا أريد مالا ولا غنى، لكن كل الذي أريده فقط هو تسديد ديون الناس، وأن أعيش مرتاحا سعيدا مع عائلتي.

أنا مؤمن بالله، وأعرف بأنني ارتكبت كثيرا من المعاصي والذنوب، لكن ماذا أفعل لكي يغفر الله لي؟ وتعود الأمور كما كانت؟

بارك الله فيكم، مع جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن هذه الحياة دار ابتلاء للعبد، يبتلى فيها بالخير وبالشر، وهذه طبيعتها، قال سبحانه: ﴿كُلُّ نَفسٍ ذائِقَةُ المَوتِ وَنَبلوكُم بِالشَّرِّ وَالخَيرِ فِتنَةً وَإِلَينا تُرجَعونَ﴾.

وما أصابك من دين هو ابتلاء وقع عليك، إما بسبب ذنب منك، أو تفريط، أو هو نوع تمحيص لك لرفع درجاتك.

وعدم مساعدتك أهلك ربما يكون له سبب، فابحث عنه جيدا حتى لا تظن بهم سوءا.

ولا داع لأن تتعب نفسك بالتفكير السلبي في الأمر، بل قدر الله وما شاء فعل.

ودرب نفسك على الصبر والاحتساب والتحمل، وعليك الأخذ بأسباب إزالة هذا الابتلاء عنك ومن ذلك:

1. كثرة الاستغفار والمداومة عليه بإخلاص وإقبال على الله، قال صلى الله عليه وسلم: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجاً، ومن كل هم فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب). رواه أبو داود وابن ماجه.

2. أن تدعو بدعاء قضاء الدين: عن أبي سعيد الخدري قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم المسجد، فإذا هو برجل من الأنصار يقال له أبو أمامة، فقال: يا أبا أمامة ما لي أراك جالساً في المسجد في غير وقت الصلاة؟ قال: هموم لزمتني، وديون يا رسول الله، قال: أفلا أعلمك كلاماً إذا أنت قلته أذهب الله عز وجل همك وقضى عنك دينك؟ قال: قلت: بلى يا رسول الله، قال: قل إذا أصبحت وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحَزَن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال، قال: ففعلت ذلك فأذهب الله عز وجل همي، وقضي عني ديني) رواه أبو داود.

3. التفكير في وسائل متنوعة في البحث عن قضاء الدين مثل التعرف على بعض الأغنياء والصالحين أو مخاطبة الجمعيات الخيرية وشرح ظرفك لهم وطلب مساعدتهم، أو الطلب من أصحاب الدين أن ينظروك إلى أن ييسر الله لك، وأتوقع إذا صدقت معهم وعرفوا ظرفك أن يتعاونوا معك.

4. تفكيرك بالانتحار أو الهروب من البلد أو نحوها من الأساليب التي لا تحل المشكلة بل تزيدها تعقيدا، وتعرضك لمقت الله وغضبه وعقوبته الأليمة التي وعد بها من قتل نفسه.

5. ثق أن الله سبحانه إذا علم منك صدق العزيمة على قضاء ديون الناس وبذلت وسعك في ذلك، وكانت نيتك ردها أثناء استدانتك لها، ثم لم تستطع فإن الله سيغفر لك ويتولى إرضاء أصحاب الدين عنك يوم القيامة، قال صلى الله عليه وسلم: (من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله) رواه البخاري.

نسأل الله سبحانه أن يكشف غمتك ويفرج كربتك وييسر لك قضاء دينك، ويرزقك من حيث لا تحتسب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً