الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من عرق النسا وآلام العضلات، فهل السبب عضوي أم نفسي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة عمري 22 سنة، قبل أربعة شهور عانيت من الصدمات والمشاكل النفسية، وأجبرت على التخلي عن حُلم حياتي، حينمَا وصلتُ لحلمي وجدته قد انهار فعلا، وهذا الأمر أصابني بالاكتئاب، حاولت تجاهل الأمر، وكنت قادرة على تناسي الأمر ومعاودة الضحك والتفاؤل، ولطالمَا شعرت بحزن عميق في داخلي ولكنني أتجاهله وأضحك حتى نسيته بالفعل، في الحقيقة كنت أشعر بالثقل في صدري، وأعلم أن الحزن موجود، وأسعى إلى تجاهله.

قبل ثلاثة شهور، أو بالأصح منذ شهرين ونصف بدأت أشعر بالألم في خاصرتي اليمنى، وبعد أيام انتشر الألم إلى الفخذ والركبة ثم الساق، تطورت الحالة وانتقل للخاصرة اليسرى بشكل أخف، وامتد الألم إلى الساق الأخرى، وطبيعة الألم غير ثابتة، يأتي في أوقات ويختفي، وهو ألم خفيف وبسيط.

ذهبت للطبيب وأخبرني بأن لدي عرق النسا، لأنني قبل ثلاثة شهور حملتُ حقيبة ثقيلة جداً لوحدي، رغم تشخصي الطبيب إلا أنني بحثت بالانترنيت عن عرق النسا، و قرأت أعراضه، ولكنني لا أمتلك أي شعور بالخدر أو الحرقة أو التنميل.

والألم بسيط جدا، فما أعانيه ليس من أعراض عرق النسا القوية، والألم أشعر به في قدمي نادرا، غالب الآلام تتركز في الفخذ.

ظل الألم يذهب ويأتي لمدة شهرين، ولم تنفعني أي أدوية، كنت وما زلت أحاول الضحك والتفاؤل, غالباً أنا بخير و لا أحزن، تمسكت بأمل وأعلم بأنه كاذب، وتخليتُ عنه أيضاً، تقبلت الواقع الكامل وواصلت بشكل طبيعي لمدة ثلاثة أسابيع وبشكل اعتيادي، أعيش حياتي وأبتسم، والألم الخفيف مستمر لدي.

مؤخراً وفي آخر ثلاثة أيام بدأتُ أشعر بانتشار الألم في كتفي الأيسر وذراعي والأصابع، وانتقل الألم ذاته للكتف الأيمن والذراع اليمنى والأصابع.

أشعر بالألم حينمَا أحرك يدي كثيراً، وطبيعته بسيطة ويختفي عند تناول المهدئات البسيطة، وتعاودني مجدداً بعد زوال تأثير المهدئات، في الغالب لا أتناول المهدئات لأن الألم بسيط، ولكنه مزعج، ويزداد كثيراً حينمَا أفكر به أو أشعر بالخوف منه مثل كل الأمراض.

هل أعراضي نفسية أم عضوية؟ لا أعرف ما أفعل للتخلص من مشاكلي، فهل للحالة النفسية تأثير كبير على العظام والجسد؟

أصبحت أشعر بالإرهاق من أقل مجهود، وأنام كثيراً، بخلاف الماضي كنت أكتفي بالنوم لمدة ست ساعات، والآن أنام لمدة عشر ساعات يوميا حتى يزول الألم.

أشعر بالحرارة بشكل مفاجئ في جسدي، وأحيانا أشعر بالبرودة المفاجئة، وأشعر بالسعادة الشديدة دون سبب، وأشعر بالحزن الشديد وبشكل غريب ومفاجئ خلال لحظة.

الألم الذي أعانيه غريب، أشعر به عند لمسه، بخلاف آلام التشنج، فطبيعة الألم لا تطيق أي تدليك أو ضغط، والألم يراودني في الليل ويختفي في النهار، ويكون على شكل نغزات مزعجة في أنحاء متفرقة من جسدي، وعند النوم وبعد الاستيقاظ لا أشعر بأي ألم على الإطلاق.

ما يحيرني هو أنني في الغالب أتناسى الأمر والمشاكل وغير مهتمة، فلماذا أشعر بهذه الآلام في جسدي؟ وهل مصدرها عضوي أم نفسي؟

أتمنى المساعدة وفهم حالتي، وشكراً جزيلاً وتحياتي للجميع.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سرور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

قطعًا لا نستطيع أن نفصل أبدًا بين الجسد وبين النفس، ومن الناحية النفسية: أنت لديك أعراض ما يمكن أن نصفه بالاكتئاب البسيط، والشعور بالثقل في الصدر ناتج من التوتر، لأن التوتر النفسي قد يؤدي إلى توتر عضلي، وأكثر عضلات الجسم تأثُّرًا هي عضلات الصدر وكذلك أسفل الظهر.

هذه الآلام الجسدية التي تحدثت عنها أنا لا أستبعد أبدًا أنها ناتجة من انقباضات عضلية، والانقباضات العضلية يكون سببها الانقباضات النفسية أو التوترات النفسية، وفي هذه الحالة تكون حالتك نفسوجسدية.

هذا هو الذي أراه، لكن قطعًا من الأفضل أن تذهبي وتقابلي الطبيب مرة أخرى، مثلًا الطبيب الباطني ليقوم إجراء فحوصات كاملة، وهذا -إن شاء الله تعالى- يطمئنك، ومن ثمَّ يمكن أن تبدئي في بعض البرامج السلوكية العلاجية، مثلاً تطبيق تمارين الاسترخاء، هذه مفيدة جدًّا للآلام الجسدية التي منشأها نفسي.

وتمارين الاسترخاء توجد برامج كثيرة على الإنترنت توضح كيفية تطبيقها، وإسلام ويب أعدتْ استشارة رقمها (2136015) يمكنك الرجوع إليها للاستفادة منها.

ممارسة الرياضة خاصة رياضة المشي، الحرص على النوم الليلي المبكر، وتجنب النوم النهاري، ملء الوقت بما هو مفيد، هذا كله يفيد كثيرًا في مثل هذه الحالات.

وأحيانًا نعطي بعض محسِّنات المزاج التي تُزيل الآلام الجسدية، عقار مثل (دولكستين) أو (فلافاكسين)، قد يكون مفيدًا، لكنني لا أريدك أن تتناولي أي علاج دوائي دون إذن الطبيب المعالج لك، وفي ذات الوقت أرجو أن تقلِّلي كثيرًا من تناول المسكنات، لأنها حقيقة لا تفيد، ولا تحل المشكلة، وفي ذات الوقت يمكن أن يتعود الإنسان عليها.

خلاصة الأمر: أنا أرى أن هنالك جانب نفسي كبير جدًّا في حالتك، و-إن شاء الله تعالى- ما ذكرته لك يفيدك، فأرجو التطبيق والالتزام به.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً