الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يمكن أن يبقى ضرس العقل مدفونا في اللثة لمدة طويلة؟

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة، شعرت منذ 4 شهور بانسداد الأذن اليسرى، وألم بسيط فيها، وأشعر كأن شيئا عالقا في منتصف حلقي، والتهابا في الحلق.

ذهبت لطبيب الأنف والأذن فقال لي: لديك ارتجاع في المريء، والأذن سليمة، وأعطاني دواء تحسنت عليه، وفي منتصف ديسمبر أصبت بنزلة برد، فشعرت بألم شديد في الحلق والأذن اليسرى أيضا، وبعد مرور هذه النزلة أصبت بصديد على اللوزتين (نقط بيضاء كثيرة)، تسببت فى التهاب اللوزتين بشكل كبير وألم، دون ارتفاع في الحرارة، أخذت ستريم مضاعف القوة إلى أن تحسنت حالتي خلال أسبوع، وما زلت أشعر بألم بسيط وانسداد الأذن، وأشعر بشيء عالق خلف اللوزة اليسرى، يعيق عملية البلع مع تضخم في الغدد الليمفاوية (غير ملاحظ إلا باللمس) في الرقبة تحت الفك الأيسر، مع العلم أن هناك ضرس عقل نصفه ظاهر ونصفه الآخر مدفون في الجهة ذاتها، ويسبب كل فترة التهابا في اللثة.

سؤالي: هل يسبب ظهور ضرس العقل التهابا بسيطا في الغدد الليمفاوية أسفل الفك، وهل يسبب ألما في الأذن، والشعور بانسدادها في الجهة ذاتها، وهل تضخم الغدد الليمفاوية يسبب شعورا بأن هناك شيئا عالقا خلف اللوزة اليسرى، وهل من الطبيعي أن يظل نصف ضرس العقل مدفونا لمدة تقرب من 4 أشهر؟

جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ندى حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

بدايةً، فإن ظهور ضرس العقل يسبب التهابا موضعيا في اللثة في مكان ظهور الضرس، وبالتالي يحدث الألم الذي قد ينعكس من مكان السن للأماكن المجاورة كالأذن، فيتهيأ للمريض بأن الألم مصدره من الأذن، كما أن هذا الالتهاب الموضعي في اللثة يسبب ارتكاسا في العقد اللمفية المجاورة في العنق فتتورم وقد تصبح مؤلمة، وهذا جزء من النظام المناعي للجسم.

أما انسداد الأذن فلا علاقة له بظهور ضرس العقل، وإنما يكون بسبب انسداد أنبوب التهوية الخاص بالأذن الوسطى (نفير أو ساتشيوس)، والذي يمتد من البلعوم الأنفي حتى الأذن الوسطى, فعندما ينفتح هذا الأنبوب مؤقتا أثناء البلع بسبب تقلص عضلات البلعوم، وفتحها لفتحة الأنبوب يتم تعديل الضغط في الأذن الوسطى.

وعليك بتجربة إجراء مناورة تهوية الأذن الوسطى، والتي ندعوها بمناورة فالسالفا، وهي كالتالي: إغلاق كلا فتحتي الأنف باليد، ثم ضغط الهواء بزفير قسري صعودا من الصدر باتجاه البلعوم، فالأنف (وليس الفم) والاستمرار بالضغط حتى يتراكم ضغط كاف لفتح نفير أوستاشيوس (الأنبوب الواصل بين الأذن الوسطى وبين البلعوم الأنفي)، وعبر هذا الأنبوب يمر الهواء قسريا نحو الأذن الوسطى، وهكذا يتم تعديل الضغط بداخلها، ويتحرر غشاء الطبل من الشد المطبق عليه نحو داخل الأذن الوسطى، بسبب الضغط السلبي الذي كان داخلها، ويجب تكرار هذه الحركة كل عشرين دقيقة باستمرار لعدة أيام حتى تمام الشفاء.

بالنسبة للأذن الوسطى، إن لم يتحسن انسداد الأذن بإجراء هذه المناورة، فعليك بزيارة اختصاصي بأمراض وجراحة الأذن والأنف والحنجرة، وبالنسبة لتضخم العقد اللمفاوية، فهي لا تسبب الشعور الذي تحسينه في البلعوم، وإنما قد يكون العكس هو الصحيح، فأي التهاب أو كتلة في البلعوم في المكان الذي تصفينه قد يسبب ارتكاسا، وضخامة في العقد اللمفاوية المجاورة في العنق، فعليك بمراجعة اختصاصي الأذن والأنف والحنجرة؛ لإجراء الكشف الطبي على هذه المنطقة، وقد يلزم التنظير تحت التخدير الموضعي، وأخذ خزعة من المنطقة للتشريح المرضي.

يرجى استشارة اختصاصي جراحة الفم والفكين بخصوص بزوغ ضرس العقل ومدى تأخره، مع أطيب التمنيات بدوام الصحة والعافية.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهت إجابة الدكتور: باسل ممدوح سمان، استشاري أمراض وجراحة الأذن والأنف والحنجرة.
وتليها إجابة الدكتور: أنس العطية، استشاري أمراض الفم والأسنان والوجه والفكين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ضرس العقل هو آخر الأسنان ظهورا ضمن القوس السنية، وسمي بضرس العقل كون ظهوره الاعتيادي يكون في سن اكتمال لنمو ونضج الإنسان، أي بسن 18-24 سنة، وقد يبزغ ضرس العقل ضمن القوس السنية بشكل طبيعي دون أي أعراض تذكر، وذلك في حال وجود مكان كاف لظهوره ضمن القوس السنية، وفي حال تشكله ضمن العظم بوضع جيد دون ميلان أو انحراف، وغالبا ما تظهر مشاكل ضرس العقل بسبب فقدان أحد، أو كلا هذين السببين (قد يكون السن مائلا ضمن العظم، أو عدم وجود مسافة كافية لظهوره).

وهنا تبدأ المشاكل المرافقة لظهوره والتي تتضمن:

1- ميلان الأسنان الأمامية وازدحامها بسبب دفع سن العقل لباقي الأسنان في محاولة منه للظهور، مما يسبب خللا في إطباق الأسنان وازدحامها، وخاصة الأمامية وقد يستدعي علاجا تقويميا.

2- تشكل التواج، وهو حالة التهابية مرافقة للظهور الجزئي لضرس العقل، وتسمى (PERICORONITIS)، وتكون بسبب إدخال الطعام ضمن اللثة المغطية لضرس العقل البازغ بشكل جزئي، ومترافقة بالعض على هذه اللثة، مما يتسبب بالتهاب وألم ممتد إلى الأذن، وصعوبة بفتح الفم بسبب تشنج عضلات المضغ المرافق للأنتان المتشكل، كما يشعر الشخص المصاب برائحة فموية مزعجة، ناتجة عن تخمر فضلات الطعام المتراكمة، وتضخم العقد اللمفية المجاورة.

3- أذية ضرس العقل لجذر السن المجاور، مما يتسبب بتخريب جذر السن المجاور بسبب الضغط عليه من السن المدفون.

4- تشكل كيس محيط بضرس العقل المدفون كليا ضمن العظم.

من الطبيعي أن يسبب ضرس العقل تضخما بالعقد اللمفية تحت الفك والرقبة، وألم في الأذن، وهذا ينطوي ضمن البند الثاني -مما ذكرت آنفا-، ومن الطبيعي أن يبقى نصف ضرس العقل مدفونا لمدة طويلة لسنوات وليس أشهرا فقط، ويمكن الحفاظ عليه مع المراقبة، لكن بشرط عدم وجود أي أعراض مرافقة، وعدم تسببه بأي من الأعراض المذكورة آنفا، وإلا يفضل خلعه إما بسبب تكرار أعراض الألم، أو للوقاية من ازدحام الأسنان، أو أذية الأسنان المجاورة، ومن يقرر ضرورة الإبقاء عليه، أو خلعه هو الطبيب وحده.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، مع أطيب الأماني.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً