الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخاف من الذهاب للنوم، فهل ما أعانيه له علاج سلوكي أم دوائي؟

السؤال

السلام عليكم.

عمري 23 سنة، كنت قبل 3 سنوات طبيعيا جدا، حتى مررت بفترة ضغط شديدة، ثم في يوم من الأيام أصبح عندي خوف من الموت، استمر شهرين، ثم انتقلت للخوف من الأمراض، واستمر فترة، ومن ثم انتقل للخوف من عدم النوم، بعد سنتين من المعاناة أدركت مشكلتي، وبدأت بتجاهل هذا الخوف تجاهلا تاما، واستقرت الحالة، وذهب الخوف من الموت والأمراض تماما، ولم يعد.

حاليا بعد عميلة التجاهل التام لي منذ 9 شهور حالتي مستقرة، وأعاني من الخوف فقط من عدم النوم بين كل شهرين مرة تقريبا، وأنا لا أعاني من وسواس الفكرة؛ لأني متيقن أنها غير صحيحة، لكن يتعبني القلق والخوف التابع لها، استشرت الأطباء، منهم من قال وسواس قهري، ومنهم من قال اضطرابات وقلق وتوتر.

حاليا أنا مسيطر على الوضع تماما، وتحسنت بنسبة 80 %، لكن الخوف يعود لي مع كثرة الضغط بالعمل أو بالمنزل، ويستمر يومين أو ثلاثة، وعندما يأتي أفقد التركيز، وأغلب ما ينتابني الوسواس في أوقات الفراغ والإجازات الطويلة، ويؤثر على نومي، بحيث يصبح متقطعا خصوصا بشهر شوال.

أنا لا أريد دواء منوما؛ لأني متأكد عندما يذهب الوسواس والقلق سوف أنام نوما جيدا، فقط أريد أن أتخلص من القلق والخوف منه، وأنا مقبل على دراسة الماستر بالخارج، فالوسواس يعود لي، ويقول لا تذهب إن ذهبت فسوف تتعب، ولن تستطيع النوم هناك، وأنا متأكد أنها كذب، لكن لا أريد أن أقلق أو أخاف منه، ويذهب ويأتي على شكل خوف من عدم النوم فقط، فالبقية ذهبت، فكيف أكمل نسبة النجاح وأقطع الخوف حتى لو كنت في فترة الضغط، وأنا مقبل على دراسة الماستر.

بماذا تنصحني؟ وهل مشكلتي صعبة وتحتاج لعلاج دوائي؟ أم يمكن حلها بالعلاج السلوكي؟ وهل أنا أعاني من وسواس قهري أم قلق؟

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أخي إن شاء الله حالتك بسيطة جداً، وأنت لديك شيء من القلق التوقعي مع بعض المخاوف السواسية، وحالتك نعتبرها حالة بسيطة وليست مرضية، إنما هي ظاهرة، -والحمد لله تعالى- أنت مجتهد جداً في مقاومة هذا الفكر الوسواسي والقلقي، وهذا هو خط العلاج الصحيح، التجاهل التام، المقاومة، صرف الانتباه من خلال عدم ترك فراغ واستثمار الوقت بصورة صحيحة.

أهم شيء أخي الكريم أن لا تخاطب الوسواس، أن لا تدخل في تحليلات، الوسواس والمخاوف كثيراً ما تطرأ علينا أسئلة تشاؤمية جداً، والإنسان إذا استرسل وحاول أن يفسر ويشرح ويخضع هذه الأفكار لشيء من المنطق سوف تزداد وتتأصل بصورة أكثر قوة وشدة، أما من يتجاهل ويحقر فإن شاء الله تعالى يتقلص هذا الفكر الوسواسي تدريجياً إلى أن ينتهي.

سيكون من الجيد جداً لك كوسيلة علاجية سلوكية بجانب التجاهل أن تطبق بعض التمارين الاسترخائية، تمارين الشهيق والزفير، والتنفس المتدرج، وشد العضلات وقبضها، مع شيء من التأمل الاسترخائي فائدتها كبيرة جداً، إسلام ويب لديها استشارة رقمها2136015 أرجو أن تطلع عليها وتتمرن من خلالها على كيفية تطبيق هذه التمارين.

الحمد لله مشروعك الدراسي مشروع جيد، وأسأل الله تعالى أن يوفقك وأن تتحصل على درجة الماجستير ومن ثم الدكتوراه دون أي عوائق، هذه الدافعية الممتازة نحو التعليم في حد ذاتها سوف تساعدك كثيراً في ذهاب الأعراض السواسية، وسيتحول الخوف والقلق -إن شاء الله تعالى- إلى خوف وقلق إيجابي، وهذا هو الذي ننشده لك.

عليك بالصلاة في وقتها، عليك بالدعاء خاصة أذكار الصباح والمساء وأذكار النوم، وورد يومي من القرآن، هذا فيه خير كثير لك، وسيزيل عنك الخوف -إن شاء الله- خاصة الخوف المرضي من الموت، الموت يجب أن نخاف منه شرعياً، لكن لا نخاف منه مرضياً.

من المهم ممارسة رياضة يومية أو على الأقل ثلاث مرات في الأسبوع فهي ذات فائدة كبيرة لك، وعليك أيضاً أن تحسن من تواصلك الاجتماعي، بناء النسيج الاجتماعي الجيد فيه فائدة كبيرة جداً.

بالنسبة للأدوية: أنت لست محتاجا لدواء أساسي أو دواء تتناوله بانتظام، لكن لا مانع أن يكون معك أحد مضادات القلق، عقار مثل الدوجماتيل، والذي يسمى سلبرايد بجرعة 25 مليجراما، أو عقار فلوبنتكسول والذي يسمى فلونكسول بجرعة نصف مليجرام، أي منهما يمكنك أن تتناوله بجرعة حبة واحدة يومياً لمدة ثلاثة أيام مثلاً حين تأتيك نوبة قلق، ومن ثم تتوقف عنه سيكون كافياً جداً بالنسبة لك.

هذه أدوية بسيطة وسليمة، وأنت أصلاً لن تحتاج لها لمدة طويلة أو بجرعات كبيرة، أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، وأشكرك على التواصل والثقة في إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً