الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من آلام وأوجاع كثيرة ومتنقلة في الجسم.

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب بعمر 26 سنة، أتتني حالة غريبة، تسارع في دقات القلب، وألم في الجهة اليسرى في الصدر، وضغط رهيب في كل الجسم، وكان سيغمى علي، وأحسست بأن الموت دنى.

هذا كان لعدة ثوان، وزالت تلك الحالة، وبعدها أصبحت تأتيني هذه الحالة بشكل مستمر مرة أو مرتين في الأسبوع، ولكن بشكل خفيف ومزعج ومخيف في نفس الوقت.

صار لدي تسارع في دقات القلب بشكل دائم في الليل، وهو أمر يزعجني ويخيفني، ذهبت إلى طبيب القلب وعملت تخطيط قلب، وكل شيء سليم.

قال الطبيب: إن هذا كله بسبب القلق والتوتر، وبعدها أصبح الحال أكثر سوءاً، وأصبح لدي ألم مستمر وحاد في الصدر من الجهة اليسرى يمتد حتى للكتف والذراع، وأصبحت كثير التفكير والخوف من أن يكون لدي أمر خطير، وأصبحت أخاف من كل شيء، وأصبحت كثير الانطواء على نفسي.

صرت لا أضحك كثيراً، وأجلس وحيداً، وعندي التفكير والحزن، لأني كنت بعيداً عن أهلي وبيتي، وكانت تأتي فرصة كل ثلاثة أشهر لزيارتهم لسبعة أو ثمانية أيام فقط.

ذهبت إلى طبيب القلب وعملت تحاليل دم، وكل شيء سليم، وهذا زاد من مخاوفي، وذهبت إلى طبيب عام معروف بحسن سيرته المهنية، فطمأنني أن كل شيء سلم.

أنا أمر بفترة صعبة، ويجب علي الصبر، وقد أعطاني الطبيب بعض الأدوية وهي فيتامينات الأنابيب، ودواء للاكتئاب اسمه فليوكسيتين 20 ملغ، ودواء خاص بتعديل ضربات القلب، ومرهم من أجل الألم في صدري وكتفي.

استمريت على هذا الدواء لمدة ثلاثة أشهر، وتوقفت عنها بسبب خوفي من حدوث أعراض أخرى، تحسنت حالي بشكل خفيف حيث زالت تلك الحالة المفاجأة التي كانت تأتيني، وتحسنت أفكاري وأصبحت منفعلاً قليلاً مع أصدقائي.

بعد مدة ظهرت لدي بعض الأعراض الأخرى، والتي أعاني منها، وهي مزعجة ومخيفة، وهي:

- آلام في الصدر في الجهة اليسرى والكتف، وعند تحريك يدي اليسرى أحس بأن عضلات ذراعي منفصلة، والألم مستمر بشكل يومي، وغالباً تكون وقت الراحة، فعند العمل أو الاشتغال بشيء ما أنسى الألم قليلاً، وفي بعض الأحيان يتوسع الألم حتى للبطن من الجهة اليسرى، وألم خفيف في الجهة المقابلة من الصدر.

- صداع لا يفارقني، وضغط رهيب في رأسي بشكل عام، وبشكل يومي تزيد حدته في الليل فيصبح فمي يؤلمني، بسبب قوة الصداع، ولا تنفع فيه مسكنات.

- عدم اتزان ودوخة بشكل مستمر، ليس لها حل، وزغللة في العينين في بعض الأحيان، وصرف لي طبيب دواء للدوخة، والتحسن طفيف.

- تسارع في دقات القلب لكن ليس مزعجاً، غالبا عندما أكون متعباً، ويكون بعد بذل جهد متعب، ويتمثل في عدم انتظام الضربات، وقوة الضربة في حد ذاتها.

الإحساس بضعف الجسم بشكل كامل وبسيط، وانتفاخ بسيط في البطن، وغازات حيث نادراً لا أحس بالجوع.

تعبت من هذه الأعراض، وأنا متعايش معها منذ فترة، فما سبب حالتي؟ وهل هي بسبب الظروف التي مررت بها من غربة وحزن وتوتر وقلق أم أن هناك شيئاً عضوياً وراء ذلك؟

صرت في حلقة مغلقة من المعاناة، والأطباء الذين زرتهم قالوا: لا داع لعمل فحوصات إضافية، فهي مجرد فترة وتمر حسب قولهم، ولا أعاني من أمراض أخرى من قبل، وأنام بشكل طبيعي، وأصبحت أسهر لوقت متأخر، وأنتظر زوال الآلام.

أفيدوني، جزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مراد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في الشبكة الإسلامية.

رسالتك واضحة جداً، وقد عبرت تماماً عن كل ما يجيش بخاطرك، والأعراض التي تعاني منها، وأستطيع أن أقول لك وبتأكيد قاطع بإذن الله تعالى أن الحالة التي لديك هي حالة نفسية، لديك قلق مخاوف، وهذا هو الذي سبب لك الأعراض الجسدية، التوترات النفسية إذا كانت بسبب أو ليس بسبب تتحول كثيراً إلى أعراض جسدية، وأكثر أعضاء الجسم تأثراً هو القفص الصدري، حيث يتحول التوتر النفسي إلى توتر عضلي، وحين تتوتر عضلات القفص الصدري يحدث نوع من النغز أو الألم، كما أن عضلة فروة الرأس تنقبض نتيجة للتوتر، وهذا يؤدي إلى الصداع التوتري، وهكذا.

إذاً أعراضك هذه كلها -أيها الفاضل الكريم- تأتي تحت نطاق ما نسميه بالأعراض النفسوجسدية، وأول نصيحتي لك هي أن لا تتردد على الأطباء، فأنت بخير -إن شاء الله تعالى- ويمكنك أن تزور الطبيب العمومي الذي ذكرت أنه معروف بحسن سيرته، زره مرة واحدة كل ثلاثة إلى أربعة أشهر، وذلك من أجل إجراء الفحوصات العامة، وبعد ذلك يعتمد اعتماداً كلياً في علاج حالتك على تجاهل هذه الأعراض تجاهلاً تاماً، وأن تمارس رياضة مثل رياضة المشي أو الجري باستمرار، وأن تطبق تمارين نسميها بالتمارين الاسترخائية ولها عدة أنواع، أهمها التنفس المتدرج وكذلك قبض العضلات وشدها، وإسلام ويب أعدت استشارة رقمها (2136015)، يمكنك أن ترجع إليها وتطلع عليها وتستوعبها جيداً، وتطبق ما بها من إرشاد حول كيفية تطبيق تمارين الاسترخاء.

خط علاجي آخر يجب أن تلتزم به، وهو أن تحرص على صلاتك في وقتها، والدعاء خاصة أذكار الصباح والمساء، واجعل لنفسك نصيباً وورداً من القرآن، وصلة الرحم، هذا كله يفرج التوتر والقلق.

احرص على هذا -أيها الفاضل الكريم- واحرص على النوم الليلي، وتجنب النوم في أثناء النهار، وحاول أن تكون متطوراً في عملك ويجب أن نحب أعمالنا؛ لأن ذلك يجعلنا نشعر بالفعل بالصحة النفسية السليمة، واهتم بغذائك، واهتم بالتواصل الاجتماعي.

بالنسبة للدواء، عقار فلوكستين الذي وصفه لك الطبيب عقار جيد، فجزاه الله خيراً، اصبر عليه، وطريقة استعماله هي كالآتي: 20 مليجرام يومياً لمدة أسبوعين، ثم تجعلها 40 مليجراماً أي كبسولتين في اليوم لمدة شهرين ثم تخفضها إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم كبسولة يوماً بعد يوم لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناوله، دواء رائع وفاعل، وحتى ندعم فاعليته أريدك أن تتناول دواء آخر، وهو ليس بقوة الفلوكستين لكن سيفيدك، ومدة تناوله أقصر من مدة تناول الفلوكستين.

الدواء يعرف باسم دوجماتيل واسمه العلمي سلبرايد، ابدأ في تناوله بجرعة 50 مليجرام أي كبسولة واحدة يومياً في الصباح لمدة أسبوع ثم اجعلها كبسولة صباحاً ومساء لمدة شهر، ثم كبسولة واحدة صباحاً لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناوله، هذه أدوية سليمة وغير إدمانية، وأسأل الله تعالى أن ينفعك بها.

أرجو أن تطبق كل الإرشاد الذي ذكرته لك كبوتقة واحدة متكاملة، وتناول الدواء بالكيفية التي وصفناها لك.

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • أمريكا fatahgrimed

    شكرا جزيلا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً