الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتخلص من الرهاب والقلق وسوء المزاج وضعف الشهية؟

السؤال

السلام عليكم.

مشكلتي باختصار:
لدي رهاب اجتماعي وأرق مستمر وانتفاخ مستمر في بطني وشهية ضعيفة جدا للأكل وسوء مزاج وقلق وتعب نفسي.

لدي طموح عالي جدا، ولكن واقعي لا يطابق طموحي مما أدى لاكتئابي.

تركت دراستي الجامعية بعد خمس سنوات من العذاب، ورغم تغييري لتخصصات أسهل ورغم مجهودي الهائل بالدراسة، ولكن دائما أرسب بالمواد؛ مما أدى لإحباطي.

أكبر مشكلة تؤرقني حاليا أني عندما أتكلم مع أي شخص لا أستطيع التركيز في عينيه، فأتجنب النظر بالعينين؛ مما أدى لإحباطي وتجنب الناس لي وتعاملهم معي بحذر، الأمر الذي يضايقني جدا، فأتجنب الكلام مع الناس قدر المستطاع، فأدى لانطوائي وعزلتي ودماري النفسي.

ذهبت للعديد من الدكاترة، وجربت كثيرا من الأدوية، مثل: سيروكسات, رميرون, سيركويل, بروزاك, انفرانيل, سيبرالاكس, فافرين, إيفيكسور, تفرانيل, دوجماتيل, فاليوم, فلوانكسول, وغيرها، ولكن لم أستفد شيئا يذكر.

هنالك حادثة وقعت معي منذ أربع سنوات ونصف، أتوقع أنها مفيدة للذكر: كانت أول مرة آخذ بها دواء نفسيا لا أذكره, ولكن بعد بدايتي بأسبوعين شعرت بشيء وزنه ثقيل نزل من رأسي لأخمص قدمي، وبدأت دقات قلبي بالتسارع، ثم ذهب لدورة المياه وأخرجت -أكرمكم الله- برازا كثيرا وبعدها استرحت كثيرا، ولا زلت أشعر بهذا التحسن لليوم، فقبلها كنت مأسور بالخوف والهلع والوساوس، ولكن بعد هذه الحادثة أشعر بأن قلبي أقوى لليوم, ولكن وقتها بسبب خوف أهلي من الأدوية النفسية انقطعت عن الدواء، فانتكست ولا زلت أعاني من يومها إلى يومنا الحالي، مع رجوعي للأدوية النفسية التي كتبتها آنفا، ولكن للأسف لم تعد تجدي نفعا، وإلى الله المشتكى.

عملت 6 جلسات علاج بالكهرباء، وتحسن مزاجي كثيرا، لكن لا زلت أعاني، وبدأ يرجع الاكتئاب شيئا فشيئا.

أرجو مساعدتي بكل ما تستطيعون، و-الحمد لله- الحالة المادية طيبة فلا مشاكل لدي من هذا الجانب, وكل الشكر سلفا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أخي: أنا أرى أنه لديك حالة مزاجية تتمثل في وجود قلق اكتئابي، ولكن الشيء المهمين عليك هو هذا الفكر السلبي التشاؤمي. يقول أحد علماء النفس - وهو البروفيسور بك - أن كثيرًا من الناس يأتيهم الاكتئاب ليس كعلَّة مزاجية في بداية الأمر، إنما يكون السبب المباشر هو الفكر السلبي وسوء تقدير الذات.

إذًا - أخي الكريم - هذا الخلل يجب أن يُعالج، لأن الفكر السلبي بالفعل يؤدي إلى عُسْرٍ في المزاج وإلى كدرٍ، وأن لا يستمتع الإنسان بشيء في الحياة، وأن يفقد ثقته في نفسه.

أخي الكريم: لا بد أن تُغيِّر فكرك، أنت لديك مقدرات، عليك أن تستغلَّها لتتغيَّر، حتى موضوع الرسوب في الدراسة حقيقة هو أمرٌ مؤسف، لكن يمكن أن تُجدِّد طاقاتك، يُمكن أن تُجدِّد نفسك، واعلم أن الله لا يغيِّر ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم.

أمور بسيطة جدًّا في الحياة، إذا التزم بها الإنسان يستطيع أن ينجح، أهمها: أن تُحسن إدارة الوقت بقدر المستطاع، والصلوات الخمس يجب أن تكون في وقتها، وأن تكون هي الركائز التي نتحرّك من خلالها: ماذا أفعل قبل الصلاة؟ ماذا أفعلُ بعد الصلاة؟ أنامُ مبكرًا، أستيقظ مبكرًا وأصلي الفجر، بعد ذلك أدرس لمدة ساعة أو ساعتين قبل أن أذهب إلى مدرستي أو جامعتي - مثلاً -. أعرفُ أنك قد تركت الدراسة، لكن هذا هو الوقت الطيب، وقت البكور التي تُفرز فيه كل المواد النفسية الإيجابية، وبعد ذلك - أخي الكريم - تلتحق بعملك مثلاً، والعمل يجب أن تجعله متعة بالنسبة لك، ومن خلال العمل - وأنت بائع - يمكن أن تُحسن التواصل الاجتماعي، تتعرّف على الصالحين من الناس.

في وقت فراغك - حتى وإن كان قليلاً - تُمارس رياضة، تقرأ شيئًا من القرآن، أخي الكريم: هكذا الحياة، الأمور لا تأتينا لوحدها، الأمور متوفرة، كل شيء متوفر، كل شيء متوفر، لكن نحن الذين يجب أن نستجلبه، ونحن الذين نبحث عنه، والإنسان لا بد أن يرتفع بهمِّته، وأن يكون يدًا عُليا، وأن ينفع نفسه والآخرين. هذا ليس بالمستحيل - أيها الفاضل الكريم -.

إذًا اكتئابك نوع من الاكتئاب الفكري وليس الاكتئاب البيولوجي، ويجب أن تتبدَّل فكريًّا، واعلم - أيها الفاضل الكريم - أن الإنسان هو بوتقة تتكون من أفكار ومشاعر وأفعال، مهما كانت الأفكار سلبية، ومهما كانت المشاعر سلبية يجب أن تكون أفعالنا إيجابية، والذي يُفعّل أفعاله ويجعلها إيجابية لا بد أن يتغيَّر فكره وكذلك مشاعره لتُصبح إيجابية.

أيها الفاضل الكريم: عليك ببرّ والديك، فيه خير كثير، عليك بحسن التواصل الاجتماعي، وكما ذكرتُ لك الرياضة مهمَّة ومهمَّة جدًّا، وحُسن إدارة الوقت ما أجمله، وما أنفعه؟!

لا تُكثر من تناول الأدوية - أيها الفاضل الكريم - دواء واحد من الأدوية الجيدة السلمية المحسِّنة للمزاج وبالجرعة الصحيحة وللمدة العلاجية المطلوبة، وأن تصبر عليه، أعتقد أن ذلك يكفيك تمامًا.

أنا أرى أن عقار (سيرترالين) والذي يُسمَّى تجاريًا (زولفت) أو (لسترال)، وربما تجده أيضًا تحت مسميات تجارية أخرى في الأردن، أعتقد أنه العلاج الذي سوف يفيدك؛ لأنه بالفعل يُفتِّت الاكتئاب، ويزيل المخاوف والوسوسة، وقطعًا هو مضاد للقلق.

فيا أخي الكريم: شاور طبيبك في السيرترالين، وإن وافق عليه فتناوله، وأسأل الله أن ينفعك به، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً