الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طالبة جامعية أريد المحافظة والالتزام ورضى الله، فكيف يتم ذلك؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا طالبة في السنة الثالثة من الجامعة، في السنتين ونصف السابقتين كنت حذرة جدا في التعامل مع الشباب، وأن تعاملت فهو لتوجيه أحد منهم سؤالًا لي وكنت في غاية الجدية في ردي.

أما الآن فأجد من نفسي الكثير من التساهل خاصة حين يكون الأمر مع من هم أكبر مني سنا، هذا التساهل مثلا قد يكون أنني أذهب لسؤال أحد منهم سؤالا لا يملك إجابته إلا هو؛ كنت في السابق أتردد كثيرا قبل فعل هذا أو أقل لصديقتي أن تفعله، الآن أسأل مباشرة فهل هذا تساهل؟

مظهر آخر: لم يعد بوجهي ذاك الحزم، بل قد يكون هناك أما وجها عاديا أو ابتسامة خفيفة وأحيانا لا.

لاحظت أن الأمور صارت عندي متساهلة بشدة خاصة مع المدرسين، فكنت أضحك وأتكلم، ولما لاحظت هذا شعرت بألم شديد في صدري وقلبي، وكل ما أفعله هو البكاء أو الاستسلام، وكل يوم أقول يا رب أريد أن أعود لك وأنا -بإذن الله- أصدق في هذا؛ لأنني أشعر بأنني في غير مأوى، أشعر بأنني في عالم آخر، فأنا أكره هذا، أريد أن أعود لله.

صرت أعود من الجامعة متأخرة، فليس لدي متسع من الوقت، أريد أن أصل إلى حل؛ لأنني تعبت بشدة من نفسي، أريد أن أعلم: 1) ما هي حدود الاختلاط؟ أو ما هي الضرورات المباح فيها أن أتكلم مع أحد من الشباب؟ وكيف يجب أن يكون كلامي، وصوتي، ووجهي وهكذا؟

2) كيف أعود لله وأكون مع الله في كل وقت، فأنا أنوي هذا كل في يوم، ولكنه مع مرور اليوم لا يكون؛ لأنني كما يقولون عفوية، فطبيعتي هي أن أتعامل وأضحك وأتكلم بعيدا عن الشباب ولكن صوتي وضحكتي تعلو مع صديقاتي وهذا ملفت، فأريد أن أقيد نفسي ولا أفك هذه القيود، فكيف أفعل هذا؟ وكيف أعود لله ليرضى عني؟

3) صرت أكره التعليم والجامعة لأنني مما سبق وذكرته أشعر بأنني لا أفعل إلا اكتساب الذنوب فيها والبعد عن أهلي، لذا إما أنني لا أذاكر أو أنني أعود للبيت أنام؛ لأنني أريد الهروب من نفسي وسوئها، فكيف أجدد النية في المذاكرة لله؟ وكيف أجعل هذا التعليم خالصا لله؟ وأيضا هذه الفترة قد من الله علي وسمح لي بمساعدة قليل من الناس دراسيا ولكنني أضل الطريق عن الله، مع العلم أنني أجزم بأنني لست الأذكى ولا الأشطر، فهناك آخرون كثر مؤهلون للتأثير ونفع الإسلام دونا عني، فكيف يكون لي قيمة، كنت في السابق أجدد النية بأنني أذاكر لأرفع شأن الملتزم والفتاة التي لا تخالط الأجانب، أما الآن فما عاد هذا موجودا، أشعر بأنهم يشاهدونني كالبقية فلست الملتزمة لأرفع من شأنها.

أخيرا أريد أن أسأل مع هذا الوقت القليل نسبيا الذي أملكه ما هي أفضل الأعمال التي أفعلها لأنال رضى الله؟ وكيف أستعد لرمضان؟ فهو فرصتي الوحيدة ولا أريد أن أضيع منه لحظة.

مهما قلت لن أوفيكم حقكم إلا ما نصحنا به الرسول صلى الله عليه وسلم، فجزاكم الله خيرا، ورزقكم الفردوس الأعلى بدون سابق حساب ولا عذاب.
أعتذر جدا عن الإطالة ولكن المشكلة قد طالت معي ولم أستطع حلها، ساعدوني رجاء، أعانكم الله في كل أمر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ حسنة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أختنا الكريمة- وردا على استشارتك أقول:

لا شك أن ما تقومين به انفتاح وتساهل في التعامل مع الجنس الآخر خاصة وأنه يمكن الاستغناء عن ذلك بطرح السؤال على الأساتذة المختصين، وكذلك المبرزات من زميلاتك فذلك هو الطريق الصحيح للابتعاد عن التحاور مع الطلبة الذكور.

من الطرق المفيدة للابتعاد عن التحاور والاحتكاك بالذكور أن تلزمي نفسك بالبحث والقراءة عما تبحثين عنه، لا أن تأخذي الإجابة الجاهزة؛ وذلك لأن البحث يرسخ المسألة في الذهن أكثر، ولن تعدمي من فائدة علمية أثناء القراءة.

أنصحك أن تبتعدي عن الكلام مع الذكور؛ لأن ذلك هو سبب التساهل، ومعلوم أن الأنثى فطرت على الانجذاب الفطري للرجل فيؤدي كثرة القرب إلى كسر الحواجز، ولا تنسي أن الشيطان يزين ذلك في النفس، ويوجد المبررات الكثيرة.

في حال طرح السؤال على الدكتور في الجامعة ينبغي أن تخفضي صوتك وألا تحدي النظر إليه، وأن يكون السؤال مركزًا كي يكون الجواب كذلك، والذي أنصحك به هو أن تطلبي معرفة المراجع التي توصلك لتلك المعلومة حتى تصلي إليها بنفسك فذلك أفضل من المعرفة المباشرة من المختص.

تذكري دائما أن الله يراك ويسمعك، وأنه مطلع على ما في قلبك، وأن العفوية لا تنفع مع كل الناس ولا في كل الأوقات، بل لا بد أن تحذري من كل كلمة أو تصرف ينتج عنك، وأن تعدي الجواب لكل ذلك فيما لو سألك ربك عنه، فإن كان ما تقومين به يرضي الله فافعليه، وإن كان يغضب الله فأحجمي عنه، واستعيذي بالله من الشيطان الرجيم.

يمكنك أن تجمعي بين التحصيل العلمية والبعد عما يسخط الله، فالتعليم صار ضرورة وقد قطعت شوطا كبيرا فلا تجعلي جهودك تذهب سدى، وابدئي بتصحيح نيتك، وجددي تلك النية ما بين الحين والآخر واشحذي همتك فإن الهمة توصل المرء إلى القمة.

تذكري حلاوة النجاح والحصول على المراتب العالية واعملي بالأسباب التي توصلك لذلك، وأولها أن الأمر يتطلب منك إلى الجد والاجتهاد والمذاكرة، وكثرة الاطلاع والمناقشة مع زميلاتك وخاصة المبرزات منهن.

اربطي نفسك بأصحاب الهمة العالية من زميلاتك وذاكري معهن، فإن القرين يقتدي بقرينه ويكتسب من صفاته.

رتب وقت بحيث تعطي لكل أمر وقته المحدد، ولا تسمحي لنفسك أن تكوني فوضوية فلا نوم في وقت المذاكرة، ولا تواصل مع الزميلات في وقت النوم وهكذا.

من العيوب التي يذم بها الإنسان أن يفعل أمرا حسنا للناس وينسى نفسه، فأولى من يخص بالنفع النفس ثم لا بأس أن ينتقل النفع للآخرين.

اجتهدي في توثيق صلتك بالله تعالى وفي تقوية إيمانك من خلال الإكثار من الأعمال الصالحة المتنوعة وخاصة صيام ما تيسر من النوافل، وتلاوة القرآن فذلك خير معين -بإذن الله تعالى- للاستعداد لاستقبال شهر رمضان المبارك، وعليك أن ترسمي برنامجا متكاملا من الآن لأعمال رمضان بحيث ينفذ ذلك البرنامج من أول ليلة مع القيام بتعديله إن احتيج لذلك.

نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى لك التوفيق الدائم.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً