الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ضغوطات نفسية بسبب العمل ورعاية أختي أصابتني بالهلع والقلق.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أولا أود أن أشكركم على هذا الموقع الجميل والمفيد، أود أولاً أن أخبركم ان هذا الموقع لعب دورا كبيرا في التخفيف من معاناتي، خصوصا عندما أقرأ عن حالات الناس والطريقة التي يجيب بها الأخصائي نفسي، فجزاكم الله عنا خير الجزاء، قبل أن أتحدث عن حالتي والتي كنت أتردد دائما عن مشاركتها في الموقع، لا أدري إن كان خوفا أم ماذا، لكن اليوم والحمد لله تشجعت لكتابتها.

أنا شاب في 28 من عمري، أعمل ولله الحمد، معروف عني المرح والضحك منذ الصغر، وكل الناس ترتاح معي وتستشيرني في مشاكلها، فالحمد لله من علي الله بقدرة الإصغاء للغير ومساعدة الناس، والحمد لله ولو معنويا.

لكن حياتي تغيرت الآن في السنوات الأخيرة، ضغوطات كثيرة، بدأت بمرض أختي التي كنت الوحيد التي أعيلها وأعتني بها، فكنت قليلا ما أنام، خصوصا أنها كانت تعاني من مرض في الدماغ أقعدها، وكانت تعاني من اكتئاب، فكنت أنا الوحيد التي ترتاح معه، والحمد لله تحسنت حالتها وتزوجت، حتى أخي الكبير لم يكن يساعدني في شيء، فهو مبتلى بشرب الخمر، فلم يكن يدعني أنام، كنا دائما في مشادات، خصوصا أنا أعمل بعيدا عن مقر سكني (190كلم) يوميا، كل هذا كنت أخفيه وأصبر.

في أحد الأيام كنت مع صديق لي، فأعطاني قليلا من مخدر المعجون قام بإعداده في البيت، فلما أكلته أحسست بدوخة وهلع وهلوسات، فأسرعت بالتقيء حتى أفرغه من معدتي، وانتابني خوف شديد، واستقرت حالتي النفسية بعد مرور 48 ساعة، وعدت طبيعيا، كانت أول مرة وآخر مرة أتناوله.

أما حالتي فقد بدأت بدون سابق إنذار، فبعد مرور 3 أشهر من عمل شاق، كنت أعمل 10 ساعات يوميا، قررت أن أستريح وآخذ إجازة، في اليوم الثاني منها، بينما أنا جالس أحسست بدوخة شديدة وارتباك، وكنت أحس كأنني أحلم، فقررت أن أنام، في الغد عادت نفس الحالة: خوف وفراغ بالمعدة، ولا أكثر الكلام، فقدان للشهية، ضيق في التنفس، ظننت أنني سوف أجن.

فذهبت عند طبيب الأعصاب، فوصف لي دواء سيرترالين mg 50 حبة كل يوم لمدة 4 أشهر، ودواء آخر لا أذكر اسمه، نصف حبة لمدة 20 يوما، تحسنت حالتي الحمد لله، وأنا توقفت بشكل تدريجي عن شربه.

أنا الآن صرت أخاف أن تعود لي الحالة من جديد، فلم أعد كما كنت، خف نشاطي، وأخاف أن أسافر لوحدي، كما كثر عندي الوسواس والخوف من المرض، لكني أحاول ألا تسيطر علي هذه الأفكار السلبية، وأستعيذ بالله من الشيطان الرجيم.

علما أنني عندما كنت صغيرا كان عمري 12 عاما، كنت أحس بنفس الأفكار، وسواس وأخاف من الأمراض والموت، وتغلبت عليها الحمد لله بفضل الله عز وجل.

واليوم أنا في سن 28، عدت كما كنت، الآن ألوم نفسي على ذلك المخدر الذي أكلته مرة واحدة، أقول ربما هو السبب في هذه المحن، لا أعلم إن كانت الضغوطات هي السبب كما قال الطبيب أم هو، أخاف أن أبقى رهين هذه الأفكار، أم إنني سأستعيد سعادتي.

استسمح على الإطالة، ولكني حاولت أن أختصر قدر الإمكان، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مراد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فدائماً نحن نتحدث عن عوامل، وليس هناك سبب واحد لمعظم الأمراض النفسية، وبالذات القلق والاكتئاب، وفي مثل حالتك هناك عدة عوامل قد تكون هي السبب في حدوث الهلع والتوتر والخوف الذي حصل معك، ومن ضمن هذه العوامل طبعاً الضغوطات التي تعرضت لها من ناحية العناية بأختك المريضة، وعدم وجود دعم من الذين من حولك وبالذات أخيك، عملك في مكان بعيد من السكن 190ك، وثالثاً استعمال المعجون، فاستعمال المعجون ارتبط في كثير من الأحيان بحدوث نوبات هلع وتوتر وقلق بعد التوقف منه، وقد يمتد هذا إلى شهور بعد التوقف، ولكن يتم العلاج ويتوقف.

الشيء الآخر قد يكون أن عندك قابلية لحدوث القلق والخوف، والدليل على أنه حصلت معك هذه الحالة وعمرك 12 سنة، فتوقف -يا أخي الكريم- عن لوم نفسك، هناك عوامل بعضها خارج عن إرادتك وبعضها غلطة، ولكن كلها عوامل كما ذكرت، والحمدلله الآن أنك متحسن.

وأنصحك بالاستمرار على السيرترالين لفترة من الوقت حتى تختفي هذه الأعراض نهائياً، وتوقف عن القلق والتوتر، وعليك برياضة المشي فهي تؤدي إلى الاسترخاء، المشي يومياً -يا أخي الكريم- لمدة نصف ساعة أو 3 أيام في الأسبوع لمدة 40 إلى 50 دقيقة يؤدي إلى الاسترخاء، عليك بالنوم المبكر، التغذية الصحيحة، قراءة القرآن، الدعاء كل هذه تؤدي إلى الطمأنينة والسكينة وراحة البال.

وفقك الله وسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً