الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طفلي ما زال يعاني من التبول الليلي اللاإرادي والسلس نهارا!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أود أن أطرح سؤالي المتعلق بطفلي ذي الثمان سنوات، هو طفلي الثاني (أخته عمرها تسع سنوات ونصف، وأخوه عمره ثلاث سنوات ونصف)، حيث إنه ما زال يعاني من التبول الليلي اللاإرادي، وكذلك السلس خلال النهار.

علما بأنه قد تعلم الذهاب إلى الحمام بعمر السنتين ونصف تقريبا، وظل مثابرا بشكل جيد جدا ليلا ونهارا على الذهاب إلى الحمام لمدة شهرين تقريبا، وفي ذات اليوم الذي وافق نزوحنا من منزلنا بسبب ظروف الحرب في سوريا إلى منزل جده، كان أول يوم له بالعودة إلى التبول الليلي وما زال، وقد مضى إلى الآن حوالي خمس سنوات ونصف، وهو يعاني من هذه المشكلة!

مضيت به إلى أخصائي أطفال حينها في سوريا (منذ أربع سنوات تقريبا) وبعد التحليل أكد لي الطبيب أنه لا يوجد داع للقلق، وأنها مجرد مسألة وقت.

الآن ونحن في أوروبا منذ ثلاث سنوات ما زال الوضع على ما هو عليه رغم استشارتي لطبيب، ومحاولة تجربة الملابس الداخلية المزودة بجرس لإيقاظه حين بداية البلل، لكن دون جدوى منذ سنة إلى الآن، لكن ما لاحظته أنا مؤخرا، أن ابني ينام حقاً بعمق فلا يستيقظ على صوت الجرس، وهذه أول ملاحظة، وحتى في الأحوال العادية عندما أوقظه للمدرسة مثلا يكون مشدود العضلات، وكأنه يستعد لدخول عراك أو ما شابه.

حتى خلال النهار غالبا ما يكون متوترا، وتكون (ردة فعله) لا تتناسب مع من يتعامل معه، كأخيه الصغير مثلا ، وربما أحيانا يبدأ بالبكاء لأتفه سبب، وكأنه قد عانى منه ما عانى، كأن أرفض طلبه لقطعة حلوى إضافية مثلا.

أضف إلى ذلك بأني أعاني معه منذ هجرتنا من ضعف التركيز في المدرسة، فهو سريع الشرود والتململ، على الرغم من أنه قد أتقن اللغة الجديدة بسرعة نسبيا، وكون صداقات لا بأس بها في المدرسة، وقدرته في الحسابات الرياضية جيدة، كذلك القراءة جيدة جدا، لكنه لا يحسن التركيز أو المتابعة.

كما يتميز بحسه المرهف جدا، فإن رأى أي موقف واقعي مؤلم حتى للحيوانات، فإنه يتأثر جدا ويعبر عن هذا بصمت طويل، وكأنه يريد كبت شعوره بالرغبة بالبكاء لحال من رأى.

وقد يسيطر الموقف على تفكيره ربما أياما فيعود ليسألني، أو يسأل والده عن تفاصيل كانت مصاحبة لذاك الموقف، أو قد أسمعه يسرد لأخته بتأثر ما قد رأى ربما للمرة الثانية أو الثالثة.

أود إضافة معلومة: لا أعلم إن كانت ذات صلة بالمشكلة أو لا، فابني حفظه الله وإياكم، ليس ضخم البنية، بل هو أقرب للهزل رغم أن تغذيته جيدة، وكمية وجبته الطعام لا بأس بها، وشهيته للطعام جيدا جدا.

لذلك أود أن أستفيد من نصيحتكم وخبرتكم، فأنا لا أود اصطحابه إلى طبيب نفسي هنا دون حاجة، فأزيد الطين بلة؛ لأنني واثقة بأنه سوف يتأثر بهذا فلا أود أن أجرحه بأن أنقل مشكلته على علمه لشخص آخر إلا إذا استدعت الضرورة التي قد تشيرون عليّ بها.

مع خالص تقديري واحترامي لجهودكم المبذولة، سائلة المولى أن يجزيكم عنا كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رغداء الحسين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله تعالى الشفاء والعافية لهذا الابن.

أقول لك -أيتها الفاضلة الكريمة-: خمسة بالمائة من الذكور في هذا العمر ربما لا يتحكّمون تحكُّمًا كاملاً في البول، يأتيهم نوع من التبول اللاإرادي الليلي، وفي بعض الأحيان أثناء النهار.

وهذا الابن -حفظه الله- كان في فترة من الفترات يتحكّم تمامًا في مخارجه، ونستطيع أن نقول: إن فعل التبول اللاإرادي الآن هو فعل مكتسب، وهذا غالبًا يدلُّ على عدم الاستقرار الوجداني للطفل، لا أريدك أن تنزعجي لهذا كثيرًا، بعض الأطفال -كما تفضلتِ- يكونون شديدي الحساسية، فنجد أنهم من أصحاب المُثل والرِّقة، فهؤلاء عُرضةً لمثل هذه الظواهر، الهشاشة النفسية حين تأتي وترتبط بالتغيرات البيئية والظروف الاجتماعية والنفسية للأسرة قد تؤدي إلى مثل هذه الظواهر.

أيتها الفاضلة الكريمة: -إن شاء الله تعالى- هذا الأمر سوف يُعالج، أولاً يجب ألَّا ننتقد الطفل - كما ذكرتِ وتفضلت- ونطمئنه دائمًا أنه سوف يتخلَّص من هذا الموضوع.

هنالك عُدة طرق علاجية، قطعًا طريقة الجرس طريقة جيدة وتفيد، لكن قد لا تكون كافية في بعض الأحيان، وأنتِ ذكرتِ أن نوم الطفل عميق للدرجة التي تجعله لا يستيقظ حتى بعد تبلُّل الملابس الداخلية وظهور صوت الجرس.

هذا الطفل يحتاج إلى أن يُمارس تمارين رياضية، خاصة رياضة البطن التي تقوي من عضلات المثانة، هذا من ناحية.

من ناحية أخرى: يجب ألَّا يتناول أيِّ مُحفِّزاتٍ ومُدَرِّرات للبول، كالشاي والقهوة والبيبسي والكولا والشكولاتة، هذه يجب أن يبتعد عنها بعد الساعة السادسة مساء.

ثالثًا: يجب أن يتدرَّب على حصر البول في أثناء النهار، هذا يعطي فرصة للمثانة حتى تتسع، ومن المهم جدًّا أن نُدرّبه أنه حين يذهب إلى الحمام ويُريد أن يقضي حاجته: يجب أن يجلس بعد انقطاع البول لمدة دقيقة، ويدفع البول دفعًا؛ لأن دراسات كثيرة أشارت أن بعض الأطفال يكون رُبع البول مخزونًا في المثانة ويعتقدون أنهم قد قضوا حاجتهم تمامًا، وهذا ليس صحيحًا، وهذا يؤدي إلى تكاسل في المثانة.

فأرجو أن يتعلَّم هذا الطفل -حفظه الله- أن يجلس في الحمام لفترة أطول، ويدفع، وأن يتعلَّم أن يحصر البول في أثناء النهار، وأفضل طريقة لحصر البول هي مثلاً: أن تذهبوا به في مكانٍ لا يتوفر فيه حمام مثلاً في المتنزهات وخلافه، وإن كان في أوروبا فالأمر مختلف الحمامات موجودة في كل مكانٍ.

عمومًا: أي آلية تساعده في حصر البول نهارًا ستكون جيدة بالنسبة له.

هناك أدوية تفيد، منها عقار (تفرانيل)، والذي يُعرف علميًا باسم (إمبرامين)، هو دواء قديم جدًّا ومعروف، لكن طبعًا هذا لابد أن يصفه له طبيب، وهو سوف يساعده في القلق وتحسين المزاج، وقطعًا من الأدوية التي تؤدي إلى توقف التبول الليلي اللاإرادي.

وفي بعض الأحيان تُستعمل هرمونات، منها هرمون يُعرف باسم (Fasprssin) هذا هرمون معروف، ويُعطى في شكل بخاخ للأنف؛ لأنه يُقلِّل من إفراز الهرمون الذي يؤدي إلى إفراز البول.

الطرق كثيرة جدًّا، وكلها -إن شاء الله تعالى- تساعده.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً